المتطوعون في رمضان: دوافــــع إنسانيــــة ورسائــل ساميـــة

يسارع متطوعون خلال شهر رمضان إلى تقديم يد العون للمحتاجين عبر مبادرات إنسانية متنوعة، تعكس روح التكافل الاجتماعي التي يتميز بها هذا الشهر الفضيل، فإلى جانب توزيع قفة رمضان على العائلات المعوزة، يحرص شباب وسيدات على تقديم وجبات الإفطار والسحور في مطاعم الرحمة، وإفطار الصائمين على الطرقات وفي المستشفيات وزيارة المرضى لإدخال السرور إلى قلوبهم.

لينة دلول

وحسب ما أكده عدد من المتطوعين بقسنطينة للنصر، فإن العمل الخيري أسلوب حياة بالنسبة لهم، وليس مجرد نشاط موسمي، والتطوع ليس مرتبطا فقط برمضان، بل هو واجب إنساني وأخلاقي يجب الاستمرار فيه على مدار السنة، لدعم الفئات الهشة وتعزيز روح التضامن في المجتمع.

* رئيس جمعية ناس الخير طارق كيموش
نسعى لتعزيز ثقافة العمل التطوعي وإشراك الشباب
أكد رئيس جمعية ناس الخير طارق كيموش، أن عملهم كمتطوعين في رمضان، لا يقتصر فقط على تقديم المساعدات، بل يمتد لنشر ثقافة العمل التطوعي في المجتمع، عبر إشراك الشباب والأطفال في الأنشطة الخيرية، لترسيخ قيم التضامن والتكافل.
مضيفا، بأنه إلى جانب توزيع قفة رمضان، تنظم الجمعية زيارات إلى المستشفيات لدعم المرضى، كما تقوم بمبادرة إفطار الصائم، حيث يتم توزيع وجبات الإفطار والسحور على مستوى نقاط مختلفة، مثل باب القنطرة، وسيساوي، بمعدل 70 وجبة يوميا.
وتهدف هذه المبادرة بحسبه، إلى تشجيع السائقين على التوقف للإفطار بدل السرعة للوصول إلى وجهاتهم قبل أذان المغرب، مما يساهم في التقليل من حوادث المرور.
وأوضح المتحدث، أن الجمعية تقدم وجبات سحور لعمال مصالح الاستعجالات الطبية، بالإضافة إلى توزيع السحور على الحالات الخاصة التي تحتاج إلى رعاية.
إقبــال واســع على العمــل الخيــري
وأعرب كيموش، عن سعادته بالإقبال الكبير على العمل الخيري، فالتبرعات لا تقتصر على الأفراد فقط، بل تشمل أيضا المتاجر والمراكز التجارية، التي وضعت سلال مخصصة لجمع التبرعات الغذائية والمالية لفائدة المحتاجين. وشدد الشاب، على ضرورة تنظيم قطاع العمل التطوعي و رقمنته، مشيرا إلى بعض التحديات، مثل وجود متطوعين مستقلين يتبرعون لعائلات مسجلة في عدة جمعيات، ما يؤدي لحصول البعض على مساعدات مضاعفة، بينما تظل عائلات أخرى في أمس الحاجة لها. واقترح، إنشاء قاعدة بيانات رقمية على مستوى كل مقاطعة، بحيث يتم توزيع المساعدات بعدالة، مع تعزيز التنسيق بين الجمعيات لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين.
* سمية خلف الله
أجند كل عائلتي لإفطار المحتاجين في رمضان

تخصص المتطوعة سمية خلف الله، جانبا من وقتها وجهدها لإعداد الطعام وتوزيعه على المحتاجين وعابري السبيل في رمضان.
بدأت قصة سمية مع العمل التطوعي خلال جائحة كوفيد19، عندما كانت الحاجة كبيرة لتوفير الطعام للمرضى والعاملين في المستشفيات، فلم تتردد في تلك الفترة العصيبة في التطوع للمساعدة، بل بادرت بالتعاون مع أطفالها لإعداد وجبات الطعام وتوزيعها على المحتاجين. وأضافت محدثتنا، أنه وبفضل التغطية الإعلامية، تعرف عليها العديد من المحسنين الذين بادروا إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي لها، مما ساعدها على توسيع نطاق عملها وتوفير المزيد من الوجبات للمحتاجين.
وقالت، إنها في شهر رمضان الحالي، تركز جهودها على إفطار عابري السبيل والمسافرين، الذين يجدون في وجباتها ما يسد الجوع ويروي العطش، مؤكدة بأن الناس الذين يأتون إليها معوزون جدا وبحاجة إلى الطعام، لذلك تسعى لتوفير وجبات إفطار ساخنة ولذيذة لهم.
التوفيق بين العمل التطوعي والمسؤوليات العائلية
وأكدت سمية، بأنها توفق بين عملها التطوعي ومسؤولياتها كربة منزل بفضل مساعدة ابنتيها، اللتين تتوليان مسؤولية المنزل في غيابها، لأنها حسبما عبرت، تقضي معظم وقتها خارج المنزل، من الساعة السابعة صباحا حتى الحادية عشرة ليلا، لإعداد وتوزيع وجبات الإفطار.
وأضافت سمية، أنها تجد في فرحة الصائمين وامتنانهم ما ينسيها التعب والإرهاق، مؤكدة في سياق منفصل بأنها لاحظت هذه السنة انتشارا ملحوظا لمطاعم الرحمة في شهر رمضان، وهو أمر إيجابي يعكس روح التكافل والتضامن في المجتمع.
ومع ذلك، ترى أن هناك حاجة لتوزيع هذه المطاعم على مناطق أوسع لتغطية احتياجات أكبر عدد ممكن من المحتاجين.
مؤكدة، أن العمل التطوعي رسالة إنسانية نبيلة، وأن مساعدة المحتاجين وإدخال الفرحة إلى قلوبهم من أسمى أنواع العطاء. داعية إلى المشاركة في العمل الخيري كل حسب استطاعته، لجعل شهر رمضان شهرا للتكافل والتراحم.
* مريم فنغور
دافع التطوع نابع من حب الخير
تقدم مريم فنغور، وجبات إفطار متكاملة للصائمين، حيث تحرص على إعداد أشهى الأطباق في منزلها، لتلبية مختلف الأذواق وإدخال البهجة إلى قلوب الصائمين.
ترى مريم، في التطوع رسالة إنسانية نبيلة وفرصة لخدمة المجتمع مؤكدة، أن نشاطها لا يقتصر على رمضان فقط، بل يمتد ليشمل أيام الامتحانات الرسمية، حيث تفتح منزلها لاستقبال التلاميذ، مقدمة لهم الدعم والتشجيع.
وقالت، إنها تصادف حالات إنسانية مؤثرة، حيث تلتقي بأشخاص لا يجدون قوت يومهم، من بينهم نساء مطلقات وعاملات نظافة يواجهن ظروفا صعبة، إذ تعزز مثل هذه المواقف حسبما أكدت، إصرارها على مواصلة عملها التطوعي، ساعية إلى تقديم الدعم للمحتاجين بكل الوسائل الممكنة. وأضافت، بأنها تؤمن بأن العمل التطوعي يعزز قيم التضامن والتكافل في المجتمع، وينشر الأخلاق الحميدة بين الناس، لذا فهي تسعى جاهدة لنشر هذه الثقافة بين الشباب، وحثهم على المشاركة في المبادرات الخيرية.
وقالت، بأنها تحرص على مشاركة تجربتها التطوعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف تشجيع الآخرين على فعل الخير والانخراط في مساعدة المحتاجين، متابعة :»أريد أن يعرف الناس ما نقوم به، حتى يسعوا بدورهم إلى تقديم يد العون لمن هم في أمس الحاجة إلى المساعدة». وأكدت مريم، أن العمل التطوعي لا ينبغي أن يقتصر على شهر رمضان فقط، بل يجب أن يكون جزءا من حياتنا اليومية، مشددة على ضرورة فعل الخير في كل الأوقات، سواء كان ذلك عبر تقديم دعم مادي، معنوي، أو حتى بالمجهود الشخصي.