أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس، خلال ترؤسه مراسم حفل تكريم أشبال الأمة...
حذّرت منظمة اليونيسف من تعرّض 320 ألف طفل في قطاع غزة لخطر سوء التغذية الحاد، وأشارت إلى أن شخصًا من كل ثلاثة في القطاع يمضون أيامًا بدون طعام، كما...
ترأس رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الخميس، جلسة عمل ضمت كل مسؤولي القطاعات المعنية بعمليات التصدير والاستيراد، ويأتي ضمن سلسلة لقاءات دورية لبحث تشجيع...
أكد سفير جمهورية لبنان بالجزائر، السيد محمد محمود حسن، أول أمس الخميس، أن الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس اللبناني، السيد جوزيف عون، إلى الجزائر "كانت ناجحة...
تتزايد ظاهرة التضليل البيئي من طرف الشركات والمؤسسات للمستهلكين، وذلك استجابة لضغوط بشأن معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وتقديم تقارير الاستدامة بشكل مستمر من قبل الحكومات. و يبقى الأمل في خفض الانبعاثات الكربونية مرهونا بمدى صدق نوايا فاعلين يشكلون السبب الرئيسي في زيادة الاحتباس الحراري.
إعداد: إيمان زياري
التضليل البيئي في وجه معالجة تغير المناخ
وتصنف هيئة الأمم المتحدة التمويه الأخضر كأحد أكبر العقبات أمام معالجة تغير المناخ، إذ يروج لحلول زائفة لأزمة المناخ، تصرف الانتباه عن اتخاذ إجراءات ملموسة وذات مصداقية، وذلك من خلال تضليل الجمهور للاعتقاد بأن شركة أو كيانا آخر يجتهد أكثر لحماية البيئة، بينما يقوض أو يعيق الغسل الأخضر الجهود الجديرة بالثقة للحد من الانبعاثات ومعالجة أزمة المناخ.
واستجابة لتزايد التمويه الأخضر في التعهدات بتحقيق صافي الانبعاثات الصفري، أنشأ الأمين العام للأمم المتحدة فريقا من الخبراء كلف بوضع معايير أقوى وأكثر وضوحا بشأن تعهدات الشركات والمؤسسات المالية والمدن والمناطق، أين حدد فريق الخبراء في تقريره "النزاهة مهمة" عبر 10 توصيات بشأن تقديم تعهدات موثوقة وخاضعة للمساءلة.
من جانبها أصدرت محكمة العدل الدولية بداية الأسبوع الجاري رأيا صنف بالتاريخي، حيث ألزمت الدول بالعمل من أجل التصدي لتغير المناخ، عبر تنظيم الشركات التي تنبعث منها غازات الاحتباس الحراري، وهو رأي صدر بالإجماع في المحكمة مما منحه أقصى سلطة.
وقد تم الاتفاق على ضرورة خفض الانبعاثات بأسرع وقت ممكن وبأكبر قدر ممكن، والتكيف مع آثار تغير المناخ، وكذا دعم الدول النامية من خلال التمويل والالتزامات بالتعويض والتوقف في حال وقوع انتهاكات، والحق في بيئة صحية والاعتراف بالأجيال القادمة.
خضرة زائفة بأوجه متعددة
وتتعدد أوجه الغسل الأخضر، بحيث نجده في السيارات الخضراء التي تعتمد في الحقيقة على الوقود الأحفوري، والتقنيات الخضراء التي تستهلك مراكز بياناتها أضعافا من الطاقة، ليزيد بذلك خطر التوظيف المفرط للخطاب الأخضر دون مساءلة أو نتائج فعلية، ما يضعف ثقة المستهلك في المصطلحات البيئية، ويفرغ بعض المفاهيم من معانيها مثل مفهوم "المسؤولية البيئية للشركات"، كما يعيق قدرة السوق على التحول نحو خيارات أكثر استدامة.
الخبيرة البيئية صليحة زردوم
الجهات الرقابية مطالبة بالعمل أكثر لكشف الدعاية الكاذبة
قالت المهندسة البيئية والمفتشة المحلية المتخصصة في التنمية المستدامة، صليحة زردوم، إن التضليل البيئي أو الغسل الأخضر يعتبر سياسة تلجأ إليها الشركات من أجل الترويج و التسويق لمنتجاتها عبر الإدعاء، كالاعتماد على عبارة "صديق للبيئة"، "طبيعية 100 بالمائة" أو "خالية من مواد كيميائية".
والهدف حسبها، تضليل المستهلكين والإدعاء لزيادة المبيعات وتحقيق أرباح مالية، ما يعني تجميل صورة الشركات الملوثة بطريقة مزيفة ومبالغ فيها، دون الالتزام بالأهداف المناخية أو المعايير البيئية.
كما أوضحت الخبيرة، أن اتفاقية باريس التي تعد الإطار الدولي للقانون الخاص بالحد من انبعاثات الغازات الحرارية وتحقيق الأهداف المناخية، طالبت الدول بالحفاظ على درجة حرارة الأرض أقل من 2 درجة مئوية. إلا أن العديد من الشركات تختبئ خلف شعارات كاذبة دون أن تلتزم بمحتوى الاتفاقية.
وعكس ذلك، ترى الخبيرة أن هذه الشركات تعرقل تنفيذ الاتفاق، معتبرة أن الالتزام به يتأرجح بين الوعود الإعلامية والواقع غير المطابق، وهو ما كشفته تدقيقات بيئية خاصة أثبتت التزام قلة قليلة من الشركات، بينما تبين أن خطاب الغالبية مجرد خدعة تجارية هدفها ربحي، وأن نشاط هؤلاء المتعاملين بعيد كل البعد عن الأهداف المناخية خاصة بالنسبة للشركات العالمية كثيرة الانبعاثات، وذلك رغم توظيفها لمصطلحات مثل "الكربون المحايد" أو "صفرية الانبعاثات" للتملص من ضغوطات هيئات الدولية.
تلاعب بالمصطلحات
وفيما يتعلق بمدى مصداقية المنتجات الصديقة للبيئة، ترى الأستاذة زردون، أن استعمال مصطلحات "عضوي"، "صديق للبيئة"، "قابل للرسلكة" أو "مستدام" وغيرها من المفاهيم البيئية، مغر بالنسبة للمهتمين بالبيئة لكن هذه الكلمات غالبا ما تستعمل في الدعاية فقط ولا تخضع عادة للتدقيق الحقيقي.
من جانب آخر، انتقدت المتحدثة، نقص أو غياب عملية التفتيش البيئي من طرف الجهات المعنية على مستوى الشركات المنتجة، وقالت إن العديد من المؤسسات تخضع لتفتيش بيئي وفق برامج أو حتى زيارات فجائية مما يسهل الوقوف على مدى التزامها بالتوصيات البيئية، مثل ترشيد استهلاك الماء وتحديد طبيعة المواد الأولية أو الصناعية الأخرى، وخفض انبعاث الغازات.
وقالت، إن الرقابة الجادة تشكل ضغطا يجبر المؤسسات على الالتزام بالمعايير البيئية، مشيرة إلى إحدى الشركات الدولية التي حاولت الادعاء بأن سيارتها صديقة للبيئة ومنخفضة الانبعاثات، ليكشف تقرير بيئي لاحق أنها تصدر ملوثات عالية، وقد تمت متابعتها قضائيا على مستوى العديد من الدول.
كما تحدثت عن كبسولات القهوة التي تسوق على أنها قابلة للتدوير، لكن الكثير من الدول التي تستهلكها لا تتوفر على مراكز خاصة برسكلتها.
المعايير والشهادات الدولية كفيلة بكشف التضليل البيئي
وللتقليل من الإدعاءات الكاذبة والتضليل البيئي، تتحدث الخبيرة عن جملة من المعايير والشهادات الدولية المعتمدة للمنتوجات والشركات، منها شهادة "إيزو 14000"، وهي برامج التأثير البيئي للمنتوج منذ تاريخ إنتاجه إلى غاية نهاية صلاحيته، وكذا معيار الملصقات "إيزو 14024" و"إيكولابل" وهي شهادات بيئية دولية معتمدة، تساهم في الحد من الإدعاءات الكاذبة والمضللة.
وتحدثت الأخصائية عن وجود برامج في الجزائر يشرف عليها المعهد الوطني للتقييس، الذي يضمن هذه الشهادات لكون الجزائر عضوا في المنظمة الدولية "إيزو". مؤكدة أنه ليس من الصعب على الجزائر كشف الإدعاءات الكاذبة، كما أن الأمر يتيح فرصة لتشجيع الشركات الوطنية والخاصة على تحسين أدائها البيئي في جميع المراحل سواء كانت على المستوى المحلي أو عند تصديرها.
القطاع الصناعي والانبعاثات الصفرية
وترى المهندسة، أن القطاع الصناعي يواجه تحديا كبيرا لتحقيق الانبعاثات الصفرية، واصفة إياه بالمثقل بالأهداف الخاصة والأهداف الإنمائية المستدامة، إلا أن الحلول تتطلب حسبها استثمارات كبرى وتكنولوجيات متطورة منها المتاح والصعب، فضلا عن معايير المحاسبة التي تطورت بشكل كبير.
موضحة أن 29 بالمائة من الانبعاثات العالمية ناتجة عن القطاع الصناعي، مع ذلك يسجل توجه كبير لإيجاد حلول من قبل شركات سلكت طريق البحث العلمي لطلب البدائل، والتحول إلى الطاقات النظيفة، وهو مسار الاقتصاد الأخضر وفق تقنيات الاستدامة.
وأكدت الخبيرة، أن تحقيق الاستدامة على مستوى الشركات يعتبر أمرا ممكنا جدا وحلا للكثير من المشاكل التي تعاني منها الشركات، إلا أنه يتطلب مجهودات واستثمارات لتحسين أداء الشركات وفق مبادئ وطنية تحترم فيها القوانين الداخلية وكذا الاتفاقيات الدولية العالمية، على غرار الالتزام بالشفافية والاستدامة البيئية، وهي مبادرات طوعية تحترم فيها معايير العمل ومعايير مكافحة الفساد على غرار "الغلوبل كومباكت" وهو ميثاق الشركات العالمية.
دور جمعيات حماية المستهلك في كشف التضليل البيئي
وأكدت المتحدثة، أن جمعيات حماية المستهلك تلعب دورا مهما وحيويا في كشف التضليل البيئي وحماية صحة المستهلك، وتقع عليها مهمة التحقق من مطابقة المنتوجات المعلن عنها للمعايير، وبالتالي يمكنها التصدي لهذه المخالفات وكشف الإعلانات البيئية الكاذبة، فضلا عن توعية المستهلك بحقوقه. مضيفة أنها تضمن حق المستهلك في المعلومات الصحيحة لاختيار المنتوج الأكثر استدامة فعليا.
ودعت الخبيرة، للالتزام البيئي الحقيقي والمستدام للجميع، من خلال المطالبة بالشفافية والمساءلة للشركات، ودفعها لاحترام مسؤوليتها البيئية والصحية، وكذا تعزيز الوعي وتشجيع الشفافية، وفرض التشريعات الصارمة، ومحاسبة الشركات التي تمارس التضليل البيئي، ما يساهم في حماية المستهلك ويعزز الجهود العالمية لتحقيق أهداف الاستدامة البيئية والاجتماعية.
مديرة المعهد الوطني للتكوينات البيئية حياة عاشور
العلامة البيئية فاصل في قضية الغسل الأخضر
أكدت مديرة المعهد الوطني للتكوينات البيئية، الأستاذة حياة عاشور، أن الجزائر تتجه نحو تبني سياسة بيئية جادة في التعامل مع مختلف الشركات والمؤسسات، سواء على المستوى المحلي، أو تلك المتجهة نحو التصدير من خلال فرض ما يعرف بالعلامة البيئية، وكذا عقوبات صارمة على كل منتج يضر بالبيئية.
وقالت إن مواجهة التلوث البيئي والتهديدات المناخية التي حددتها اتفاقية باريس، تشكل أساسا لبناء توجه جديد في التعامل مع مختلف الشركات، موضحة أن هنالك لجانا ولائية متخصصة مشكلة من ممثلين عن وزارة البيئة، والتجارة، والصناعة، والصحة، مهمتها تكمن في دراسة مختلف المشاريع المقترحة قبل منح رخص الاستغلال.
وأكدت عاشوري أنه تم تنصيب لجان خاصة تعمل وبشكل مكثف خلال فصل الصيف لمراقبة مدى احترام المعايير البيئية في المنتجات، مشيرة في ذلك إلى قضية النفايات التي يجب معالجتها داخل المؤسسة قبل طرحها في الطبيعة أو إعادة استغلالها، وإلا يواجه المسؤولون عقوبات صارمة تصل إلى حد الغلق، وهي خطوة أثمرت نتائج جيدة فيما يتعلق بالنفايات الناتجة عن المؤسسات والشركات الصناعية، خاصة في ظل حالة التلوث التي تطال الوديان والبحر.
لا نشاط صناعي دون العلامة البيئية
وأوضحت المتحدثة، أن وزارة الصناعة دخلت في شراكة مع وزارة البيئة، بهدف ضبط طريقة عمل لتسهيل عملية التصدير، من خلال فرض العلامة البيئية على كافة المؤسسات، واحترام المعايير البيئية الدولية لضمان تصدير المنتجات نحو الخارج. و أكدت أن أي مؤسسة ترغب في التصدير تكون ملزمة باحترام المعايير البيئية وتطبيق ما جاء في اتفاقية باريس.
وأكدت عاشوري، أن الالتزام بالبيئة لم يعد خيارا بالنسبة للمؤسسات، بل حتمية تفرضها قوانين صارمة وعقوبات على كل من يتعداها في شكل إعذارات بالغلق أو غرامات مالية.
وأضافت أن أي تضليل من شأنه أن يلحق أضرارا كبيرة بالبيئة والكوكب، وعلى كل مؤسسة ترغب في دخول السوق الدولية أن تكون سباقة في احترام المعايير البيئية، متحدثة عن عدة شركات ظلت منتجاتها في المخازن بسبب عدم احترامها للمعايير البيئية، بداية بالمادة الأولية وصولا إلى مواد التغليف التي يشترط أن تكون قابلة للتحلل خلال وقت محدد.
وعلى الرغم من اعترافها أن إلزام الشركات باحترام الشق البيئي من حيث منتجاتها يعتبر أمرا جديدا، إلا أن عدة مؤسسات كبرى في الجزائر تساهم حسبها، في التقليل من آثار التلوث بطرق مختلفة، من خلال دعم المشاريع البيئية الكبرى كالسد الأخضر.
كما أشارت إلى مادة الزجاج التي يتم إعادة تدويرها كليا في الجزائر والبلاستيك كذلك.
إ.ز
بطل أولمبياد نشاطات الشباب منصف صحراوي
هكذا سنحول البلاستيك إلى مادة نفعية صالحة للطباعة الثلاثية
اختير مشروع الطالب بجامعة سطيف منصف صحراوي، كأحسن فكرة بيئية مبتكرة ضمن منافسات أولمبياد نشاطات الشباب بسطيف، ذلك لأنه يساعد على حل معضلة الرمي العشوائي للقارورات البلاستيكية في المحيط الطبيعي والتي باتت اليوم من المشاكل الرئيسية المؤذية للبيئة، خصوصا في فصل الصيف أين يكثر استهلاك المياه والتخلص منها في المناطق الغابية أو التي تحتوي على حشائش، ما يشكل سببا في اندلاع حرائق تضر الغطاء الأخضر، كما تعتبر القارورات عنصرا ملوثا لشواطئ البحر والأماكن العامة.
يقف شباب أصحاب مشاريع مبتكرة في وجه آفة الرمي العشوائي للنفايات البلاستيكية محاولين السيطرة عليها وتنظيم التعامل معها، مقترحين أفكارا تعود بالفائدة على البيئة فضلا عن قيمتها المجتمعية والاقتصادية، وهو الحال مع منصف غلام الله علي صحراوي رئيس النادي العلمي "فيوتر سبايس" بجامعة فرحات عباس سطيف 01.
منصف صاحب مشروع ورشة مصغرة لرسكلة القارورات البلاستيكية وتحويلها إلى خيوط للطباعة الثلاثية، توج مؤخرا بالمرتبة الأولى في أولمبياد نشاطات الشباب ضمن محور العلم والابتكار، فرع المجال البيئي والتنمية، المنظم بولاية سطيف، وقد أوضح للنصر، أن اهتمامه بحل مشكل الرمي العشوائي للنفايات البلاستيكية، نابع من وعيه بأن البيئة مسؤولية الجميع، وأنه على الطلبة تحديدا البحث عن سبل لمجابهة الظاهرة، وسلوكيات أخرى سلبية مثل النشاط الفوضوي لجمع القارورات البلاستيكية في الأحياء والشوارع، وما ينجر عن ذلك من إفراغ متعمد لحاويات القمامة بحثا عن البلاستيك، لتتحول طرقات وأرصفة إلى مكبات تنتشر فيها القمامة و الحشرات.
من قارورة مهملة إلى منتج نفعي
قال منصف غلام الله علي صحراوي، خريج معهد الهندسة المعمارية وعلوم الأرض، تخصص تهيئة الإقليم، بجامعة فرحات عباس، سطيف 01، إن المشروع عبارة عن ورشة مصغرة لرسكلة القارورات البلاستيكية وتحويلها إلى خيوط، من خلال جهاز بسيط وفعال يعمل على قطع وإذابة البلاستيك، ثم طباعة وإنشاء منتجات جديدة ذات قيمة، ويضيف، أنه يعتمد على تقنيات منخفضة التكلفة وسهلة التنفيذ، وذكر صحراوي، بعض المنتجات المستخرجة من هذه الخيوط مثل ألعاب تعليمية للأطفال، أصص نباتات، هدايا تذكارية، حامل مفاتيح، إلى جانب أدوات مدرسية، وقطع غيار بلاستيكية خفيفة، موضحا أن حجم المنتج يختلف باختلاف المقاييس.
ووفقا لصاحب المشروع، فإنه توصل إلى الفكرة بعد أن لاحظ الانتشار الكبير للقارورات البلاستيكية الفارغة في محيط الجامعة وببلديته كذلك، مردفا أن أغلبها تُرمى بطريقة عشوائية بالرغم من أنها تعد مادة قابلة للتدوير وإعادة التوظيف في صناعات أخرى. ولفت في هذا السياق، إلى أن الفكرة التي جاء بها تعد حلا عمليا يساهم في الحد من الرمي العشوائي لهذا النوع من النفايات، واسترجاع البلاستيك وتحويله إلى مادة ومنتوج جديد، ونشر ثقافة إعادة التدوير لدى الأفراد وفي المجتمع عموما.
ومن أجل التعاون المجتمعي خدمة للبيئة اقترح صحراوي، العمل على نشر عدد أكبر من الصناديق المخصصة لجمع القارورات البلاستيكية في الأحياء والمدارس، وتحفيز المواطن عبر حملات أين يشارك أطفال وطلبة في عملية الجمع، ناهيك عن تفعيل دور وسائل الاعلام في هذا الجانب، وربط المشروع بجمعيات بيئية لضمان ديمومة الجمع والتوجيه. كما نوه إلى وضع آلات تسمح للمواطن ببيع القارورات القابلة للتدوير بمبلغ رمزي كخطوة تحفيزية له.
قيمة بيئية واقتصادية
وبخصوص المعايير الصحية لألعاب الأطفال التي تخرج من الورشة أوضح المتحدث، أنهم يستخدمون قارورات ذات جودة معروفة بسلامتها النسبية، مثل المخصصة للمياه المعدنية، والمشروبات الغازية، والعصائر الموجهة للاستهلاك، تُسخن قبل التقطيع ثم تُعالج الخيوط الناتجة عنها بحرارة كافية تفوق 200 درجة مئوية للقضاء على البكتيريا، معقبا أنه في حالة تطوير المشروع مستقبلا، فإنهم سيعتمدون معايير أخرى في التعقيم والتغليف الصحي.
ويحمل المشروع وفقا لصاحبه، رؤية اقتصادية أيضا، حيث ذكر أنه درس عدة نقاط تخدم جوانب تقليل شراء خيوط الطباعة الصناعية مرتفعة الثمن، وتوفير مصدر دخل محلي من خلال بيع الخيوط أو المنتجات المطبوعة، زيادة على تقليل تكاليف المواد الأولية في الورش التكوينية والمدارس والمعاهد.
ويضيف، أنه عندما وضع أسس المشروع فكر في مشكلة البطالة أيضا وعقب أن الورشة بإمكانها استقطاب يد عاملة شابة لتشغيل الآلات والعمل في الصيانة والجمع و التعليب، وبالتالي توفير مناصب شغل في التصنيع، والتسويق والتوزيع. مشيرا إلى أن المشروع قابل للتوسيع مستقبلا ليتحول إلى نظام بيئي محلي للتدوير، يعمل به شباب من مختلف المستويات خصوصا في المناطق النائية. وعن مشاركته في أولمبياد نشاطات الشباب، قال المتوج بالمرتبة الأولى إنهم قيموا المشروع من ناحية الفكرة المبتكرة، وقدرته على الربط بين الجانب البيئي، والصناعي، والتربوي، والمنفعة العامة وسهولة التنفيذ، مع إمكانية التوسيع، وتقديم المشروع كحل حقيقي قابل للتطبيق وليس مجرد نموذج نظري.
وعبر أن التوجه نحو الابتكار يعد ضرورة لحماية البيئة و تحقيق التنمية المستدامة، ويرى أن المجال بحاجة إلى أفكار قابلة للتطبيق من أجل تغيير الواقع فضلا عن تحسين سلوكيات أفراد المجتمع تجاه البيئة. وعرج الشاب للحديث عن تحويل ريادة الأعمال الخضراء إلى فرصة ربح خصوصا لدى الشباب، حيث اعتبر بأن الربح لا يتعارض مع حماية البيئة إذا حُولت النفايات إلى منتج تطلبه السوق خصوصا في ظل انتشار الطباعة ثلاثية الأبعاد، وارتفاع ثمن المادة الاولية الخاصة بها.
وأفاد أن صاحب المشروع في هذه الحالة سيربح ماديا، ويؤثر إيجابيا كذلك، كما سيبني علامة تجارية خضراء تكسب ثقة العملاء مستقبلا، وهو ما يهدف من خلال فكرته، خصوصا في جانب تطوير الورشة وتحويلها إلى مشروع دائم ومستقر، وتوسيع دائرة الجمع، التدوير، ولما لا إنشاء فروع في ولايات الوطن، والسعي وراء بناء علاقات مع مؤسسات تابعة لقطاع البيئة والتنمية المستدامة، وتحفيز فرق عمل شبابية لاستحداث مشاريع مشابهة، وإطلاق مبادرة وحملات لنشر هذا الفكر وتغيير النظرة نحو النفايات وجعلها مصدر أمل لا خطر.
إ.ك
بعدما سجل العالم موجة حر ثالثة
منظمات دولية تطلق مبادرة “دعم حوكمة مخاطر الحرارة الشديدة”
أطلقت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، والشبكة العالمية لمعلومات الصحة والحرارة، موارد جديدة من خلال مبادرة مشتركة باسم "دعم حوكمة مخاطر الحرارة الشديدة"، لتعزيز التنسيق بشأن الحد من مخاطر الحرارة ومساعدة البلدان والمجتمعات على الاستعداد بشكل أفضل لارتفاع درجات الحرارة.
وتأتي المبادرة في الذكرى السنوية الأولى لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى العمل بشأن الحرارة الشديدة، والاستعداد للتعامل مع موجات الحر الشديدة التي تؤثر على العديد من البلدان من جميع أنحاء العالم، مما يؤكد أهمية التحذيرات المبكرة وخطط العمل المتعلقة بالصحة والحرارة.
الحرارة الشديدة تربك العالم
وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في بيان لها، إنه واعتبارا من تاريخ جويلية الجاري، تضرب الحرارة الشديدة أجزاء كبيرة من شمال إفريقيا والشرق الأوسط، كما شهدت منطقة البحر الأبيض المتوسط والبلقان موجة حر صيفية، أدت إلى إغلاق معالم سياحية شهيرة، وتعطيل الأنشطة الخارجية والزراعية والعمالية، وضربت الموجة أيضا أوروبا وأمريكا، كما كان لها تأثير كبير على الصحة، وتسببت في تأجيج حرائق الغابات التي أوقعت ضحايا وتسببت في تدهور جودة الهواء.
وعلى المستوى العالمي، كان الشهر الحالي ثالث أكثر شهور جويلية الماضية دفئا على الإطلاق، وفقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة الأمريكية، وخدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للإتحاد الأوروبي.
وقال نائب الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية "كو باريت" "يطلق أحيانا على الحرارة الشديدة اسم القاتل الصامت، ولكن مع تطور العلوم والبيانات والتقنيات الحديثة، لم يعد الصمت عذرا، فكل حالة وفاة ناجمة عن الحرارة الشديدة يمكن الوقاية منها".
تعاون دولي لإنجاح العمل
وبحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن المبادرة تسعى إلى تعزيز التعاون الدولي للحد من آثار ارتفاع درجات الحرارة، من خلال سياسات اقتصادية واجتماعية محددة وإجراءات ملموسة، بما في ذلك حملات التوعية العامة، بينما تم تحديد 4 مجالات أساسية للعمل، تتمثل في رعاية الفئات الضعيفة، حماية العمال، تعزيز مرونة الاقتصاديات والمجتمعات باستخدام البيانات، وكذا الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.
وتشمل الموارد الجديدة التي أطلقها تعاون المنظمات الدولية، مجموعة من الإجراءات المتخذة بشأن الحرارة عبر كيانات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بحيث يتم تحديد التحديات والفرص والإستراتيجيات اللازمة لتحسين التعاون والحوكمة لدعم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى العمل بشأن الحرارة الشديدة، وذلك من خلال مرحلتين.
تتمثل الأولى في تقييم خطط العمل المتعلقة بالحرارة وفق المعايير العالمية والممارسات الجديدة للشراكة، والثانية عبارة عن دراسة حالة في مجال مقاومة الحرارة، من خلال التركيز على كيفية مواجهة 12 دولة لواقع الحرارة الشديدة من خلال نماذج حوكمة وشراكات وابتكارات متنوعة.
واستجابة لذات الدعوة، تعمل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية على تعزيز أنظمة الإنذار المبكر بالحرارة، تماشيا مع مبادرة "الإنذارات المبكرة للجميع"، بحيث يهدف ذلك لضمان تلقي الفئات المعرضة للخطر تنبيهات في الوقت المناسب. كما تتضمن معلومات الإجراءات الوقائية الواجب اتخاذها ومصادر المساعدة، وتشير ذات المنظمة إلى أن التوسيع العالمي في أنظمة الإنذار الصحي بالحرارة على مستوى 57 دولة، يمكن من إنقاذ ما يقدر بـ98.314 حياة.
وتشير التقديرات النموذجية إلى تسجيل حوالي 489000 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة سنويا خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 2000 و2019، 45 بالمائة منها في آسيا، و36 بالمائة في أوروبا، علما أن التشخيص والإبلاغ الرسمي عن الأمراض والإصابات والوفيات المرتبطة بالحرارة عالميا، لا يتم التبليغ عنها بالشكل الكافي، كما تظهر معظم دراسات الإسناد وجود رابط واضح بين الحرارة الشديدة وتغير المناخ الناجم عن الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
إيمان زياري
قالت الباحثة في مركز تنمية الطاقات المتجددة، الدكتورة سعيدة مخلوفي، إن الزراعة الرقمية أو الزراعة 5.0 تمثل خيارا استراتيجيا من شأنه أن يساهم في تحقيق الأمن الغذائي محليا وعالميا، بينما تلعب دورا أساسيا في تنويع الاقتصاد الوطني، في ظل تبني الجزائر سياسة منسجمة تدعم هذا التوجه من خلال تسخير كافة الآليات.
إيمان زياري
وترى الباحثة، أن الاستثمار في قطاع الزراعة لا يعالج مشكلتي الجوع وسوء التغذية فحسب، بل يمتد أثره لمعالجة مشاكل أخرى كالفقر، البيئة والتقليل من الانبعاثات الناتجة عن الزراعة، وكذا جعل الغذاء أكثر وفرة وأقل تكلفة من خلال الاستخدام الأمثل للطاقة والمياه وتغير المناخ، وأنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدام.
نمو ديموغرافي متسارع وزيادة في الطلب على الغذاء
بلغ عدد سكان الجزائر في 1 جانفي 2025 حوالي 46.8 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 51 مليون بحلول سنة 2030، ثم إلى 62 مليون نسمة في عام 2050، ليصل إلى 70 مليون نسمة بحلول سنة 2100، نمو ديموغرافي كبير ترى الباحثة بأنه يقابل زيادة في الطلب على الغذاء.
وحسبها، فإنه ومع التوسع الحضري وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للفرد، ستزداد الحاجة إلى رفع الإنتاج الغذائي، مما يضع قطاع الفلاحة أمام تحديات كبرى.
وتشير محدثتنا، إلى أنه وفي ظل كل هذه التوقعات، مقابل ندرة الموارد المائية، أصبح تحسين كفاءة نشاط الزراعة ضرورة حتمية، حيث يواجه الفلاحون تحديات جديدة في الحصول على الموارد مثل الأراضي والطاقة والمياه، بينما تفرض الظروف البيئية كالاحتباس الحراري والتغير المناخي ضغوطا هائلة على نشاط الزراعة وسلاسل الإمدادات. إلى جانب ذلك، فإن الارتفاع التاريخي في درجات الحرارة وانتشار الحرائق في عدة مناطق فلاحية، تسببا في تلف المحاصيل واحتراق الأشجار وتلوث التربة، و أثرا على إنتاج المحاصيل من حبوب وفواكه، مما يدفع الفلاحين اليوم لإعادة النظر في أساليب الإنتاج والبحث عن تقنيات متطورة في الزرع والري وغيرها.
وتتحدث الدكتورة مخلوفي أيضا، عن مشكل ندرة الموارد المائية الذي تعاني منه الجزائر بسبب التوزيع غير المتوازن لها، إذ تتركز في معظمها في الشمال، بينما تعتمد المناطق الصحراوية على المياه الجوفية المالحة والساخنة.
مضيفة، أن الدراسات تشير إلى أن 85 بالمائة من مياه الأمطار تتبخر بشكل طبيعي، كما تعاني شبكات توزيع المياه من خسائر كبيرة تصل إلى 40 بالمائة بسبب التسريبات وسوء البنية التحتية، مما يستوجب عملا مدروسا لتقليل الفاقد وزيادة الكفاءة، خاصة وأن قطاع الفلاحة يستهلك 70 بالمائة من المياه الصالحة للشرب في الجزائر.
التكنولوجيا تقود التحول
من جهة ثانية، أثنت الدكتورة على النتائج المبهرة التي حققها قطاع الزراعة في الجنوب ومنطقة الهضاب على الرغم من كل التحديات التي واجهته، وأشارت إلى صعوبات الري التي تعترض الفلاحين خاصة الناشطين في المناطق البعيدة عن الشبكة الكهربائية، وذلك بفعل ارتفاع تكلفة الديزل وصعوبة نقله. إلى جانب ما أسمته بالمخاطر العالية التي يواجهها الفلاحون الصغار نتيجة التغير المناخي، فضلا عن ارتفاع الحرارة الذي يوفر بيئة خصبة لتكاثر الآفات، مما يزيد من هشاشة سلاسل الإمداد الغذائي.
وتقول الباحثة، إن العالم يشهد ثورة زراعية جديدة تعرف باسم "الزراعة 5.0"، وهي الجيل القادم من الزراعة الذكية التي تعتمد على التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وتعلم الآلة بهدف تحسين الإنتاجية والكفاءة والاستدامة.
وتضيف، أنها تستند على إنجازات الثورات الزراعية السابقة، مثل الثورة الخضراء التي اعتمدت على الأسمدة والمبيدات لزيادة الإنتاج، إلا أنها وكما توضح، تحتاج لتوظيف التكنولوجيا لجعل الزراعة أكثر كفاءة واستدامة وقدرة على التكيف مع تغير المناخ، وتسعى الزراعة 5.0 إلى التحول من نموذج المزرعة الذكية التقليدية إلى نظام زراعي يعتمد على الطاقة المستدامة باستخدام أدوات ذكية.
وتؤكد الباحثة، أنه بات من الممكن بفضل التقدم التكنولوجي إنتاج المحاصيل في بيئات خاضعة للرقابة تشبه نظيرتها الصناعية، مما يحسن الجودة ويرفع الإنتاج، ويساعد الفلاحين كثيرا عبر الممارسات المستدامة والإدارة الفعالة للموارد والابتكارات كخرائط صحة التربة، لبناء مستقبل أكثر مرونة والمساهمة في مكافحة التغير المناخي.
وأضافت، أن دمج التحليل الزراعي الذي يشمل تحليل التربة، وتشخيص أمراض النباتات، والزراعة الدقيقة، ورقمنة قطاع الزراعة، والاستشعار عن بعد، والتقنيات المستدامة، يمثل حجر الزاوية لتعزيز صمود قطاع الزراعة في الجزائر أمام تغير المناخ والكوارث الطبيعية.
طريقنا نحو الاكتفاء الذاتي وتقليل الخسائر
لطالما واجهت الزراعة في الجزائر مشكلة تلف المحصول قبل وبعد الحصاد لعدة عقود، ولتحقيق هدف "صفر خسائر" و "صفر واردات" زراعية، تؤكد المختصة أنه يتعين على الجزائر تبني مفهوم "الزراعة 5.0"، بحيث يتطلب ذلك اعتماد تقنيات زراعية حديثة، وبناء شراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز الثقة والوصول الرقمي، مع إنشاء منصات آمنة لتبادل البيانات بكفاءة، واعتبرتها ثورة زراعية خامسة ستسمح للفلاحين بزيادة الإنتاج في مساحات أقل وتلبية الاحتياجات الغذائية لعدد أكبر من السكان.
وأضافت مخلوفي، أن مساهمة الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الزراعية من خلال توفير حلول مبتكرة إلى جانب المبادرات الحكومية الهادفة إلى تطبيق الزراعة الرقمية خلال كل المراحل من الزراعة إلى التسويق، سيمهد الطريق أمام تقنيات زراعية مستقبلية قادرة على جعل الجزائر مكتفية ذاتيا، وتقترح إنشاء جمعية تعاونية مدعومة بتكنولوجيا متطورة، تلبي المعايير العالمية وتفتح الباب أمام الجزائر لخلق علامات تجارية في مجال الزراعة.
وتقول الباحثة، إن الزراعة الرقمية والذكية تمثل منهجا واعدا يدمج تقنيات الاستشعار وتحليل البيانات والتشغيل الآلي المتقدمة لتعزيز الكفاءة والإنتاجية والربحية والاستدامة، وتؤكد على أن قطاع الزراعة في الجزائر يتعين عليه التحول نحو ثورة تكنولوجية موفرة للطاقة والماء مشيرة، إلى أن الإدارة الزراعية الحديثة تعتمد على نظم التموضع العالمي وبرامج الذكاء الاصطناعي لرسم خرائط دقيقة للأراضي، مما يضمن توفير الاحتياجات الدقيقة لكل محصول لتحقيق أقصى إنتاجية.
زراعة المستقبل
وتؤكد الباحثة، على أن دعم قطاع الزراعة بتقنيات إنترنت الأشياء ومعالجة البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي والروبوتات، يسمح بتوفير بيانات مفصلة عن أنماط هطول الأمطار والدورات الهيدرولوجية، وجمع البيانات حول رطوبة التربة ومستويات الأسمدة لتحسين الري والتسميد والممارسات الزراعية، كما تستخدم لتحسين عمليات الإنتاج والمراقبة والحصاد والتسويق في الوقت الفعلي.
وتشير أيضا، إلى أن الزراعة الرقمية مدعومة بـ "البلوكشين" تحديد التقصير في العملية الزراعية وتأثيره على الجودة، كما يبرز دور الذكاء الاصطناعي كأداة قوية لإدارة المزارع التنبؤية، وذلك من خلال دمج بيانات الطقس ومدخلات المستشعرات على الأرض، كما يمكن له إعلام الفلاحين بفترات الجفاف القادمة أو انخفاض الرطوبة، مما يسهل اتخاذ التدابير الاستباقية مثل السقي أو تعديل التغذية.
وتضيف، أن الروبوتات والطائرات المسيرة تلعب دورا متناميا في التشغيل الآلي لمختلف الأنشطة الزراعية، بحيث تحل محل العمليات اليدوية التقليدية كقطف الثمار، وإزالة الأعشاب الضارة والري.
وتؤكد الدكتورة مخلوفي، أن الفلاح لن يتبن تقنيات الذكاء الاصطناعي فقط لأنها متاحة، بل يجب أن تكون بسيطة وبتكلفة معقولة، وتقدم قيمة حقيقية، مضيفة أنه يحتاج أيضا إلى الانتقال من التكنولوجيا المغلقة إلى واجهات برمجة التطبيقات المفتوحة، ومن التجارب إلى منصات قابلة للتوسع.
الطاقات المتجددة تعزز قطاع الزراعة
تشير الدكتورة مخلوفي، إلى أن الجزائر تمتلك إمكانيات كبيرة في قطاعي الطاقة والفلاحة، إلا أنها ترى أن ضمان الأمن الطاقوي والأمن الغذائي والأمن المائي، يتطلب تبني سياسات متكاملة، وتقول إنها تعتمد على تنويع مصادر الطاقة، وتحسين كفاءة الاستهلاك، وتعزيز مشاريع الري المبتكرة، مع تحسين إدارة موارد الطاقة والمياه.
وتؤكد، على أن تكنولوجيا الطاقات المتجددة تعد محركا جديدا لدفع قطاع الزراعة نحو الاستدامة، وذلك من خلال استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في تشغيل أنظمة الري الذكية، والإدارة الرشيدة للموارد المائية وحفظ المنتجات وتشغيل المعدات الزراعية، بحيث يمكن لهذا القطاع أن يحقق استقلالية أكبر وكفاءة أعلى وانبعاث أقل، ما يجعله جزءا من الحل لمواجهة تحديات الغذاء والماء والطاقة والمناخ في آن واحد.
وتشير المختصة، إلى فعالية الطاقة الكهروضوئية في تجسيد العلاقة بين الماء والطاقة والغذاء، إذ تعمل على تحسين صحة التربة، كما تحافظ على رطوبتها وترعى الأنواع المحلية وتنتج الغذاء وتوفر طاقة أقل تكلفة.
وقد تم تركيب عدة منشآت شمسية كهروضوئية بقدرة إجمالية بحوالي 4.73ميغاواط بحلول سنة 2023، وخلال هذه السنة تم تركيب قدرة إضافية قوامها +0.25 ميغاواط، موزعة على أنظمة الضخ الكهروضوئية بقدرة 179 كيلواط، ومجموعات الطاقة الشمسية الكهروضوئية لتزويد المناطق المعزولة بالكهرباء بقدرة 65 كيلواط، وهي مشاريع قالت إنها تمنح رصيدا للادخار المالي في فواتير الكهرباء. إلا أن هذا غير كاف في نظرها، إذ لا يزال الطريق طويلا كما تقول أمام تعميم استخدام الطاقات المتجددة في المزارع والصناعات الغذائية، وتؤكد أنه ورغم تأخر الجزائر في تطوير الطاقات المتجددة في هذا القطاع، يمكن تدارك الوضع سريعا واغتنام الفرصة لتطوير مشاريع ذكية ومستدامة.
إ.ز
تعرفه الأقطاب الحضرية بالخروب
رمي عشوائي للنفايات يسبب تدهورا في المحيط البيئي
تشهد الأقطاب العمرانية الحضرية ببلدية الخروب في قسنطينة تدهورا في المحيط والبيئة، حيث ينتشر بأحيائها رمي النفايات ما أدى لخلق نقاط رمي عشوائية وسط نسيج عمراني أضر بالمحيط والساكنة، في وقت ذكرت مصالح البلدية أنّ نقص الإمكانيات حال دون تكفل أحسن بهذا الجانب.
وتحوّل رمي النفايات العشوائية علامة لافتة بالأقطاب الحضرية لبلدية الخروب، إذ يمكن للفرد أن يقف من خلال جولة بسيطة على حجم النفايات المتراكمة بهذه المناطق ومدى انتشارها، خاصة وأنّ الأمر يتعلق بوسط حضري ونسيج عمراني لا تحترم نقاط الرمي به ما يقدم صورة سلبية عن المنظر العام وكذا تحولها لبيئة حاضنة للحشرات وما يصاحبها من أمراض بالإضافة للروائح الكريهة، ووقفت النّصر بالقطب الحضري عين النحاس على تراكم كميات من النفايات في مواضع عشوائية منها نقطة تضم أكياسا عليها آثار حرق وكنبة بمحاذاة أدراج تبعد عنها 4 حاويات بأمتار قليلة، وصعدنا الأدراج لنلاحظ كذلك أكياسا مرمية على مسافة قليلة من الموقع الأول، وفي مشهد متناقض عند رصيف بذات القطب غرست به مجموعة من الأشجار لكن تنتشر خلفها نفايات ممتدة لأمتار.
واستمرّ تجوالنا أين لاحظنا بأعلى الطريق الرئيسي الثاني حاوية من الحجم الكبير تنتشر بمحيطها نفايات وبالقرب منها مخلفات تم حرقها، وأكّد مواطنون أنّ الحاوية غير كافية لاستيعاب المخلفات ما يتسبب في رميها بأماكن قريبة، مؤكدين أن هذا ليس عذرا يبرّر خطيئة الفعل، والتقينا بشخص آخر قال إنّ نقاط الرمي بعيدة عن بعض السكان فيلجؤون للرمي بأماكن أقرب ما أدى لتشكّل عدّة نقاط عشوائية.
وتتشابه الصورة بمنطقة الضريح حيث تنقلنا رفقة عضوين من ممثلي المجتمع المدني إلى المنطقة السكنية "ش" في منطقة تعتبر مركز المنطقة حيث تضم أرضية كبيرة الحجم تحيط بها العمارات من كل جانب وتتراكم بها المخلفات، ليذكر مرافقانا أنّها نقطة سوداء سببها قيام التجار الفوضويون بالمكان برمي مخلفاتهم حيث لاحظنا وجود كميات من الطماطم، إلى جانب أصحاب المحلات المحيطة، وسرنا مسافة قليلة وجدنا مساحة أرضية ثانية لا تقل سوءا عن الأخرى، كما يظهر أنّ الحاويات الموضوعة بالمنطقة ليست كافية لتغطية كامل المساحة، كما أنّ بعضها متدهور، وأخرى رغم وجودها إلا أنّ حجم المخلفات المنتشر بمحاذاتها يفوق بكثير ما بداخلها في صورة ما لاحظناه بالمنطقة السكنية "ل".
وأرجع مواطنون السبب إلى جامعي البلاستيك حيث يقومون ببعثرة الحاويات وترك محتوياتها منتشرة، وهو ما لاحظناه بمنطقتين، في المقابل اعترف مواطنون بأنّ مصالح البلدية تقوم برفع هذه النفايات والنقاط العشوائية كانت محل حملات تطوعية لكنها سرعان ما تعود لحالتها.
واشتكى مواطنون بماسينيسا القديمة من انتشار النفايات خاصة بالمنطقة السكنية "أ" أين يقع السوق الفوضوي للخضر والفواكه، معتبرين أنّ تجاره المسبب الأول في انتشار هذه القمامة بالمنطقة الذين يرمون مخلفاتهم دون مسؤولية، وصادف حضورنا بالمكان وجود مجموعة من الأبقار تتجول لوحدها وتطرح مخلفاتها في كل مكان تحط عليه أقدامها، وذكر مواطنون أنّ هذه هي وضعية ماسينيسا مؤكدين تضررهم من تدهور المحيط الذي يعود لسنوات، كما عبروا عن رغبتهم في تحويل التجار إلى مكان أكثر ملاءمة بطريقة نظامية.
80 بالمائة نسبة الرفع
من جهته اعترف مدير البيئة ببلدية الخروب، رياض العيفاوي، في اتصال بالنّصر بوجود نقائص واختلالات في ما يتعلق بمعالجة النفايات المنزلية، مرجعا الأمر لغياب المخطط التوجيهي لتسيير النفايات المنزلية وما شابهها، وكذا عدم تحديث نقاط رمي القمامة نظرا لاتساع مجال التدخّل ما جعل الأمر يخرج عن السيطرة نوعا ما حسب وصفه، لافتا إلى أنّ الإشكال يطرح بشكل أكبر في الأقطاب العمرانية خاصة الضريح الذي يضم 50 ألف نسمة، كما أنّ حجم إنتاجه من النفايات مع القطب عين النحاس يفوق 50 طنا يوميا، مضيفا أنّ نسبة التكفل برفع النفايات المنزلية تقدّر بحوالي 80 بالمائة حيث لا يتم التكفل بكل النقاط وبالتالي فالنقاط السوداء العشوائية تزداد، كذلك بحكم نقص عتاد المؤسسة المسؤولة عن العملية بسبب اتساع المجال الذي يحتوي على حوالي 350 نقطة جمع، كذلك نقص اليد العاملة والإمكانيات المالية.
واعترف المتحدّث كذلك بوجود مشكلة اهتراء الحاويات قائلا إنّ المؤسسة لا تملك الحاويات لتجديدها، إلى جانب غياب نظام رسكلة النفايات، فضلا عن ضعف وعي المواطن وعدم احترامه لموعد مرور الشاحنات من جهة والباحثين عن البلاستيك وبعثرتهم للحاويات كذلك غياب الرّدع، كما أكّد عزم البلدية القضاء على السوق الفوضوي بماسينيسا القديمة، وتطرّق المتحدّث للحلول حيث ذكر وجود برنامج التسيير المدمج محليا للنفايات المنزلية وإنتاج الطاقة انتهت مرحلة التشخيص به ويتم العمل على مرحلة إعداد الحلول، كما أكّد أنّه تم الحديث مع المؤسسة المكلفة برفع النفايات لتعزيز وجود حاويات القمامة.
إسلام. ق
الخبير المعتمد الأستاذ هشام عداد للنصر
الرقابة البيئية لمكاتب الدراسات مطالبة بكسب رهان الرقمنة
يرى الخبير المعتمد من طرف وزارة البيئة وجودة الحياة ورئيس لجنة مكاتب الدراسات للجمعية الوطنية للجغرافيا وتهيئة الإقليم والتخطيط والاستشراف الأستاذ هشام عداد، بأن عمل مكاتب الدراسات المعتمدين لدى وزارة البيئة يواجه اليوم عديد التحديات في زمن الرقمنة، أين تسعى هاته المكاتب لكسب الرهان المعلق عليها ضمن الخدمات التي تقدمها لعديد الشركاء في مجال البيئة، وخاصة المستثمرين الذين يعتبر محدثنا بأن الرقابة على مؤسساتهم وجب أن تتواصل حتى بعد اعتمادها ودخولها حيز الاستغلال.
وأوضح الخبير المعتمد بأن الرقابة البيئية في زمن الرقمنة بات من أكثر المواضيع إلحاحًا في سياق التنمية المستدامة، مع تركيز خاص على دور مكاتب الدراسات، التي تقف اليوم عند مفترق طرق حاسم بين التحديات التقليدية والرهانات المستقبلية، ويضيف المتحدث بأن التحولات الرقمية التي يعرفها العالم ، تُحدث اليوم تحوّلًا جذريًا في أساليب الرقابة البيئية، سواء من حيث المنهجيات أو الأدوات أو أنماط الإنتاج والتتبع، مشيرا بأنه وفي خضم هذه الثورة، تقف مكاتب الدراسات بصفتها طرفًا فاعلًا في منظومة الحوكمة البيئية، مطالَبة بإعادة تشكيل دورها، وتحديث مقارباتها، ورفع سقف جاهزيتها التقنية والبشرية، لتستجيب لمتطلبات عصر رقمي متسارع لا يرحم التراخي أو الجمود.
ويعرّف محدثنا الرقابة البيئية على أنها منظومة من العمليات والإجراءات التي تهدف إلى رصد وتقييم، وضبط الأنشطة البشرية التي قد تُحدث آثارًا سلبية على المحيط البيئي، سواء على مستوى الهواء أو المياه أو التربة، أو النظام البيولوجي، وهي تمثل أداة استراتيجية لضمان احترام التشريعات البيئية من قبل المؤسسات والمشاريع والمستثمرين، أين تشمل الرقابة البيئية مجموعة من الأدوات، على غرار التصاريح البيئية، والدراسات القبلية والتقارير الدورية، وكذا التفتيش الميداني والمعاينات، وصولا لإعداد نظام التصنيف البيئي للمؤسسات والأنشطة إضافة إلى نظام العقوبات والمخالفات البيئية، وعرفت الرقابة البيئية في الجزائر تطورا، فمنذ صدور القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، عرف الإطار التنظيمي للرقابة البيئية في الجزائر تطورًا تدريجيًا، غير أن التطبيق -بحسب محدثنا- بقي لسنوات رهين الوسائل البشرية التقليدية، مما خلق فجوة بين طموحات النصوص القانونية والواقع الميداني المعقد.
ويضيف رئيس لجنة مكاتب الدراسات للجمعية الوطنية للجغرافيا وتهيئة الإقليم والتخطيط والاستشراف التي تأسست سنة 2023، بأن الرقمنة كعامل تغييري شامل في الرقابة البيئية
تطورت من الرقابة الورقية إلى الرقابة الذكية، ففي العالم الرقمي، لم تعد الرقابة البيئية تعتمد فقط على الزيارات الدورية وتقارير الورق، بل أصبحت تعتمد على المجسات الذكية لمراقبة جودة الهواء والماء والتربة في الزمن الحقيقي، وعلى أنظمة المعلومات الجغرافية (GIS) لتحديد المواقع الحرجة وتتبع تغير استخدام الأرض، وعن طريق الاستشعار عن بعد (Remote Sensing) للكشف عن التغيرات الكبرى في الغطاء النباتي والامتداد العمراني، أو التلوث الحراري، وكذا من خلال الطائرات بدون طيار "درون" لتفقد المواقع صعبة الولوج أو الواسعة، إضافة للاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات للتنبؤ بالمخاطر البيئية واتخاذ قرارات وقائية، ويعتمد كذلك على المنصات الإلكترونية للتصاريح والمتابعة التي تسمح برقمنة ملفات المشاريع، وتسهيل الوصول إلى المعلومات.
ويبين المتحدث بأن للرقمنة في الرقابة البيئية فوائد عديدة ومنها الدقة والسرعة في الرصد والتحليل وتقليص التكاليف على المدى البعيد، والشفافية وإتاحة المعلومة البيئية للمواطن، وصولا لتحسين قابلية تتبع المخالفات البيئية والتصرف الفوري، ويؤكد المتحدث صاحب مكتب دراسات مختص في إعداد دراسات التأثير ودراسات الخطر والمراجعة البيئية التحليلية والدراسات المرتبطة بإعداد المخططات في ميدان البيئة وكذا دراسة إزالة التلوث وتطهير المواقع والأوساط المستقبلة، والدراسات المرتبطة بإعادة تأهيل وإعادة تهيئة المواقع والأنظمة البيئية بالإضافة للدراسات المرتبطة بتنمية المساحات الخضراء وتهيئتها والدراسات المرتبطة بإنجاز الأنظمة المعلوماتية الخاصة بالبيئة والدراسات المرتبطة بتسيير النفايات والاقتصاد الدائري، بأن مكاتب الدراسات اليوم هي فاعل بين المطرقة والسندان، وبالعودة للدور التقليدي لمكاتب الدراسات، فلطالما لعبت مكاتب الدراسات البيئية دورًا محوريًا في إعداد الملفات البيئية، على غرار دراسات التأثير على البيئة (EIE) ودراسات تقييم المخاطر البيئية وإعداد مخططات التسيير البيئي ورسم خطط الطوارئ البيئية، وتحرير تراخيص إنشاء المؤسسات المصنفة، أين كان هذا العمل يعتمد أساسًا على المعاينات الميدانية والخبرة التقنية، والاشتغال ضمن أطر تنظيمية محددة، أما اليوم فمكاتب الدراسات تواجه تحديات في زمن الرقمنة، فالرقمنة طرحت على هذه المكاتب تحديات جديدة غير مسبوقة، على غرار نقص التكوين في البرمجيات الحديثة مثل ArcGIS" AutoCAD Civil 3D، ENVI، QGIS، Python for Environmental Analysis"، والاستثمار المكلف في المعدات الرقمية مثل الطائرات بدون طيار، والمحطات المتنقلة، والمجسات متعددة الوظائف، ناهيك عن تأخر بعض الإدارات في اعتماد المنصات الرقمية مما يعيق التنسيق، وكذا التنافس مع كيانات دولية تمتلك خبرات وأدوات رقمية متقدمة، ونقص التشريعات التي تفرض الرقمنة كمعيار إلزامي في إعداد الدراسات البيئية.
و يرى الخبير بأن هناك تحولات مطلوبة من مكاتب الدراسات، وهو واقع أملته الرقمنة، أين وجب على هاته المكاتب، أن تتبنى الرقمنة كمكون أساسي في منهجية العمل، والاستثمار في التكوين المستمر للموارد البشرية، والتحول نحو التخصص في مجالات دقيقة مثل رقمنة خرائط المخاطر والنمذجة البيئية وتحليل صور الأقمار الصناعية، وعقد شراكات مع الجامعات ومراكز البحث لتعزيز القدرات الرقمية، ويبين محدثنا بأن الجمعية الوطنية للجغرافيا وتهيئة الإقليم والتخطيط والاستشراف تثمن استراتيجية الدولة في رقمنة قطاع البيئة، بالرغم من رهانات الرقابة الرقمية في البيئة الجزائرية، ففرص الانتقال الرقمي في الجزائر من شأنها أن توفر قاعدة بشرية شابة ومؤهلة، بالإضافة إلى المشاريع الرقمية العمومية التي هي قيد التنفيذ على غرار الوكالة الوطنية للعصرنة وبوابة التصريح البيئي، إلى جانب تسجيل ازدياد الوعي البيئي داخل المجتمع المدني، وصولا للدعم الدولي من شركاء تقنيين ومنظمات أممية، وبخصوص العقبات القائمة، فيتعلق ذلك بهشاشة الربط الرقمي في بعض المناطق، وتردد بعض المؤسسات في تقاسم المعطيات البيئية، مع نقص مواءمة المنظومة القانونية مع الأدوات الرقمية الحديثة، وضعف ثقافة "البيانات المفتوحة" في المجال البيئي.
ويقترح الأستاذ هشام عداد جملة من التوصيات العملية، مبينا بأنه وبصفته من المهنيين الممارسين في هذا المجال، فهو يقترح بعض التوصيات الملموسة، على غرار إدراج معايير رقمية إجبارية في دفاتر الشروط الخاصة بالمشاريع البيئية، وكذا إنشاء منصة وطنية موحدة للرقابة البيئية الرقمية، تربط بين الإدارات ومكاتب الدراسات والمستثمرين، وصولا لتمويل مشاريع الابتكار البيئي الرقمي ضمن برامج دعم الشباب والمؤسسات الناشئة، مع إدراج مادة "الرقمنة البيئية" في التكوين الجامعي لمهندسي البيئة والتعمير، وإطلاق خريطة وطنية تفاعلية للملوثات والمخاطر البيئية، وتشجيع استخدام تطبيقات الهاتف النقال لتتبع الانبعاثات والشكاوى البيئية.
ويعتبر محدثنا بأن مستقبل الرقابة البيئية في الجزائر، وفي العالم أجمع، لن يكون إلا رقميا، مشيرا بأن من لا يركب قطار الرقمنة اليوم، قد لا يجد لنفسه مكانًا في منظومة الغد، ومكاتب الدراسات، بمرجعيتها التقنية واحتكاكها اليومي بالميدان، مدعوة إلى أن تكون قاطرة هذا التغيير لا متأخرة عنه، مشيرا بأن ما نعيشه اليوم ليس فقط تحولا تكنولوجيا، بل هو تحول ثقافي في طريقة إدراكنا للبيئة، وقياسنا للأثر، وتفاعلنا مع المعطى الطبيعي، ويدعو محدثنا لاغتنام هذه اللحظة التاريخية لإعادة هندسة الرقابة البيئية على أسس جديدة قوامها الشفافية والدقة والسرعة والفعالية.
أحمد ذيب
شرعت مديرية البيئة لولاية قسنطينة في تطبيق القرار التنفيذي رقم 24-61 المؤرخ في 29 جانفي 2024، الذي يهدف إلى تنظيم نشاط جمع النفايات القابلة للرسكلة باعتباره أحد ركائز الاقتصاد الدائري، من خلال تحديد المواد القابلة للاستخراج وكميات النفايات الممكن إعادة تدويرها، إلى جانب تقديم تسهيلات إدارية وامتيازات جبائية لفائدة الأشخاص الطبيعيين الممارسين لهذا النشاط، وفي مقدمتها الإعفاء الكامل من الجباية، بما يكرس نقلة نوعية نحو تنظيم هذا القطاع وتمكين الناشطين فيه قانونيا واقتصاديا.
وفي تصريح خصت به جريدة النصر، أكدت طريفة ليليا، مهندس رئيسي ورئيسة مصلحة البيئة الحضرية بمديرية البيئة لولاية قسنطينة،أنه بات بإمكان كل من يزاول نشاط جمع النفايات القابلة للرسكلة بصفة فردية التقدم بطلب رسمي للحصول على رخصة جمع النفايات، وفقا لما جاء في المادة الرابعة من القرار التنفيذي، مما يتيح له الاستفادة من الإعفاءات والامتيازات القانونية الجديدة.
وأضافتطريفة ليليا، أن المرسوم التنفيذي جاء ليضبط بدقة قائمة المواد القابلة للاسترجاع، ويحدد كيفية تطبيق الإعفاءات والتسهيلات الجبائية الموجهة لفائدة الأشخاص الطبيعيين دون غيرهم من الأشخاص المعنويين، أي أولئك الذين يمارسون النشاط بأسمائهم الشخصية وليس ضمن شركات تجارية. وأبرزت المتحدثة أن هذا التوجه يندرج في إطار تشجيع المبادرات الفردية والمقاولات المصغرة، بهدف الحد من البطالة ودمج النشاط غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي.
كما شددت على أن من الشروط الأساسية للاستفادة من الإعفاءات، إبرام اتفاقية مع مؤسسة معتمدة تنشط في مجال رسكلة النفايات، وهو ما يسمح بتتبع المسار الكامل للنفاية، وضمان التعامل مع جهة مختصة تضمن سلامة العملية بيئيا وتنظيميا. واعتبرت أن هذه الآلية الجديدة تشكل فرصة حقيقية للراغبين في ممارسة هذا النشاط بصفة قانونية ومربحة، في ظل توفر دعم إداري وامتيازات جبائية محفزة.
وأضافت المسؤولة أن المديرية سبق وأن نظمت لقاءات مع الناشطين في هذا المجال، وتمت مواكبتهم وتقديم التوضيحات اللازمة، مما أثمر عن منح 15 رخصة جمع نفايات قابلة للرسكلة إلى حد الآن على مستوى ولاية قسنطينة. ودعت بهذه المناسبة جميع الممارسين أو الراغبين في الالتحاق بهذا النشاط، إلى التوجه إلى مصالح المديرية لتقديم ملفاتهم واستخراج رخصهم القانونية المبررة لممارسة الأنشطة المذكورة في المرسوم أعلاه، أمام مصالح الأمن ونقاط المراقبة ومصالح التفتيش مرفوقين بالملف الذي يتكون من طلب خطي، استمارة طلب رخصة جمع النفايات، نسخة من اتفاقية مع متعامل واحد في رسكلة ومعالجة النفايات على الأقل بالإضافة إلى نسخة من بطاقة الهوية ومستخرج من شهادة الميلاد.
ولفتت طريفة ليليا إلى أن رخصة جمع النفايات تمنح لمدة ست سنوات ابتداء من تاريخ توقيعها، ويستفيد صاحبها خلالها من إعفاء جبائي كامل. كما أكدت إمكانية تجديد الرخصة لاحقا، غير أن ميزة الإعفاء الجبائي لا تمدد بعد التجديد. وأضافت أن الأشخاص الذين يملكون رخصا خاصة برسكلة النفايات يمكنهم أيضا التقدم بطلب للحصول على رخصة جمع النفايات، ما يسهم في تكامل الأدوار وتعزيز فعالية سلسلة الفرز وإعادة التدوير.
وأشارت رئيسة المصلحة إلى أن هذه الإجراءات التنظيمية الجديدة تنسجم تماما مع القانون رقم 02-25 المعدل والمتمم للقانون 01-19 المؤرخ في 12 ديسمبر 2001، ويتضمن القانون الذي وقعه رئيس الجمهورية،مؤخرا عدة تدابير أبرزها تأسيس الاستراتيجية الوطنية للتسيير المدمج للنفايات والتأسيس كذلك لنظام رقمنة لتسيير النفايات، بالإضافة إلى إدراج تعاريف جديدة مستمدة من تلك التي كرستها الأمم المتحدة لإدخال المبادئ الأساسية للاقتصاد التدويري للنفايات.
كما بات لكل نوع من النفايات رمز خاص ومعتمد، يسهل تتبعه وتصنيفه وضمان معالجته بطريقة احترافية وبيئية، وفقا للمعايير الدولية. وفي السياق المحلي، ذكرت المتحدثة بأن والي ولاية قسنطينة سبق وأن أصدر قرارا يمنع جمع النفايات بطريقة عشوائية، وهي خطوة كانت تهدف إلى تقنين هذا النشاط وتفادي مظاهره السلبية، على غرار التلوث أو التعدي على الفضاءات العمومية.
ويشكل هذا الإطار القانوني الجديد نقلة نوعية في تنظيم نشاط جمع النفايات القابلة للرسكلة، من خلال إدماجه ضمن مسار رسمي ومؤطر يضمن كرامة الممارسين وحقوقهم، ويمنحهم فرصا حقيقية للاندماج في الاقتصاد الأخضر. وقد وجد القرار صدى إيجابيا لدى الناشطين في هذا المجال، الذين رأوا فيه اعترافا بدورهم الحيوي في الحفاظ على البيئة وتقليل الضغط على مراكز الردم، فضلا عن كونه خطوة عملية نحو بناء منظومة بيئية مستدامة ومندمجة تراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي في آن واحد.
رضا حلاس
تسجل العديد من دول العالم ومنها الجزائر، ارتفاعا غير مسبوق في الطلب على الكهرباء منذ بداية شهر جويلية الجاري، في ظل موجة حر كبيرة تشير التنبؤات أنها ما زالت مستمرة، لتبرز الحاجة الملحة لحلول مبتكرة تعمل على تقليص معدل الاستهلاك وتدعم اقتصاديات الدول وتحمي البيئة، يرى خبراء أنها تكمن في رفع كفاءة الطاقة في المباني كأحد الحلول الجوهرية والمستدامة لمواجهة هذا التحدي المتصاعد.
إعداد : إيمان زياري
ووفقا لآخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الصادر في النصف الأول من العام الجاري 2025، فإن الخبراء يتوقعون نموا في الطلب العالمي على الكهرباء بنحو 4 بالمائة سنويا بحلول العام 2027، وأشار التقرير إلى أن مقدار الزيادة من المتوقع أن يفوق إجمالي استهلاك اليابان السنوي من الكهرباء كل عام من الآن وإلى غاية سنة 2027.
طلب عالمي متزايد على الكهرباء
وعلى الرغم من أن التقرير أرجع جزءا كبيرا من هذا النمو لقطاع صناعي عالمي متعطش للكهرباء والتوسع السريع الذي يعتمد بكثافة على الكهرباء لتصنيع الألواح الشمسية والبطاريات والمركبات الكهربائية والمواد المرتبطة بها، إلا أن تقديرات الخبراء لتنامي الطلب خاصة في فصل الحر، يرتبط أيضا باستخدام المكيفات الهوائية إلى جانب مراكز البيانات وشبكات الجيل الخامس.
كما أبدى تقرير الوكالة تفاؤلا بشأن مصادر الطاقة النظيفة منخفضة الإنبعاثات، كالطاقات المتجددة والطاقة النووية، والتي أظهر أنه بإمكانها مواكبة نمو الطلب العالمي مع استمرارها في التقليص من حجم الاعتماد على الفحم كعنصر أساسي في مزيج الطاقة، وأضاف أنه من المتوقع أن تصبح الطاقة الشمسية ثاني أكبر مصدر للطاقة منخفضة الإنبعاثات خلال سنة 2027 بعد الطاقة الكهربائية، على أن يسجل انخفاض في حصة المصادر الملوثة في عملية توليد الطاقة إلى أقل من 33 بالمئة لأول مرة منذ 100 سنة.
استهلاك ضخم للطاقة في المباني
تشير أرقام الوكالة الدولية للطاقة دائما، إلى أن المباني سواء كانت سكنية، خدماتية أو صناعية، تستهلك ما يقارب الـ30 بالمئة من إجمالي استهلاك الطاقة في العالم، بينما يقدر استهلاك الكهرباء بأكثر من 50 بالمائة من الاستهلاك العالمي، في رقم قياسي ترى بأنه مدفوع بالحاجة إلى التكييف والإنارة والتشغيل اليومي للأجهزة المنزلية والتجارية، حيث تشكل الأجهزة الكهربائية 45 بالمائة من إجمالي الطلب على الكهرباء، كما أنها تتسبب في انبعاثات كربونية هائلة قدرت بـ3 مليارات طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ولمواجهة هذا الاستنزاف في الطاقة العالمي، يبرز مفهوم المباني «صفرية الطاقة» باعتبارها من أهم الطرق المبتكرة في التقليل من هذا الإستهلاك وفي تقليص البصمة الكربونية للمباني بشكل عام، بحيث تستخدم مصادر الطاقة المتجددة في تلبية إحتياجاتها بالكامل، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أين تعمل على توليد الطاقة قبل استهلاكها، مما يخلق مبدأ الكفاءة في استهلاك الطاقة، على أن تكون وفقا لتصاميم معمارية متطورة، واعتمادها على تقنية العزل الحراري واستخدام الإضاءة الموفرة للطاقة وكذلك التهوية ذات الكفاءة العالية.
سونلغاز تسجل استهلاكا قياسيا قبل الوقت
من جهتها، أعلنت مؤسسة سونلغاز أمس الأول الإثنين، عن تسجيل ذروة قياسية جديدة في استهلاك الكهرباء عبر الوطن للمرة الثالثة على التوالي خلال شهر جويلية، في ذروة قال خبراء في الطاقة إنها ليست في أوانها، خاصة وأن الذروة كانت تسجل خلال شهر أوت، وذلك تزامنا والارتفاع المحسوس في درجات الحرارة الذي يجتاح دولا من العالم نتيجة للتغيرات المناخية.
وقالت المؤسسة في بيان لها إنها قد سجلت رقما قياسيا جديدا في الطلب على الكهرباء في تمام الساعة الثالثة زوالا، أين بلغ الطلب 19770 ميغاواط، وهو الارتفاع الذي أرجعته إلى الاستعمال المكثف لأجهزة التكييف من أجل مواجهة درجات الحرارة المرتفعة خاصة خلال فترة الظهيرة. وعلى الرغم من أن المؤسسة قد طمأنت المواطنين بصمود الشبكة الكهربائية الوطنية، بتلبية الطلب المحلي دون تسجيل انقطاعات أو اضطرابات كبيرة، واستمرار عملية التصدير نحو دولة تونس، إلا أنها دعتهم للتحلي بروح المسؤولية من خلال ترشيد استهلاك الكهرباء خاصة في أوقات الذروة، وتفادي تشغيل الأجهزة الثقيلة في وقت واحد.
الخبيرة في الطاقات المتجددة الدكتورة كريمة قادة تواتي
كفاءة الطاقة في المباني أهم خطوة لخلق الاستدامة
قالت الخبيرة في الطاقات المتجددة، الدكتورة كريمة قادة تواتي، إن موجات الحر أصبحت واقعا في ظل تغيرات مناخية يزيد تعقدها عاما بعد آخر، داعية للتحلي بالوعي في مواجهة هذا الواقع عبر سياسات حكيمة وبرامج قائمة على الاستدامة، بداية من تنويع مصادر الطاقة النظيفة، ووصولا إلى تبني نمط بناء قائم على كفاءة الطاقة، يكون كفيلا بتقليص الاستهلاك من جهة، وفي خلق مباني تنتج الطاقة التي تستهلكها بمفردها من جهة ثانية، في توجه لا بد من تبنيه في المشاريع السكنية ولو بنسبة 50 بالمائة.
وأوعزت الخبيرة زيادة الطلب على الكهرباء منذ بداية شهر جويلية الجاري، إلى موجة الحر التي تجتاح البلاد، لتسجل ذروة في الطلب كانت قد سجلت خلال السنوات الماضية في شهر أوت، مشيرة إلى أهمية الاعتماد على حلول للتقليل من الأثر البيئي وتقليص استهلاك الطاقة وتحقيق وفرات مع الامتثال للتشريعات وتوفير راحة أفضل للسكان، ترى بأنها كلها أهدافا تتحقق من خلال رفع كفاءة الطاقة في المباني.
حل بيئي ومستدام
وأكدت الدكتورة قادة تواتي على ضرورة التوجه نحو هذه المباني التي تستهلك طاقة أقل، مما يساهم بشكل كبير في تقليص فواتير الطاقة للسكان والمسييرين بالنسبة للمؤسسات، أما من الناحية البيئية، فتلعب الكفاءة البيئية دورا مهما، أين أكدت أنها تقلل من الاستهلاك الطاقوي وبالتالي تقليل الانبعاثات الدفيئة ومنه المساهمة في مكافحة التغيرات المناخية والحفاظ على جودة الهواء.
أما من الناحية الاجتماعية، فتلعب الكفاءة الطاقية في المباني بحسب الخبيرة دورا مهما في تحقيق الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية، بحيث تعزز الكفاءة الطاقية في المباني الصديقة للبيئة، وهذا في إطار التنمية المستدامة، كما تمكن من الامتثال للتشريعات والحوافز، مشيرة إلى العديد من الدول التي لجأت لفرض معايير صارمة فيما يتعلق بالكفاءة الطاقية للمباني، من خلال توفير دعم مادي أو فرض ضرائب، وذلك لتشجيع تنفيذها، فضلا عن أنها تمكن السكان من العيش في راحة ورفاهية، بفضل مباني معزولة جيدا وذات أداء عال يضمن راحة حرارية أفضل، وجودة هواء داخلية محسنة، كما يمكن من تقليل الضوضاء مما يرفع من جودة الحياة وتعزيز القيمة العقارية، لكون المباني الصديقة للبيئة غالبا ما تكون ذات قيمة سوقية أعلى، تجدب المزيد من المشترين أو المستأجرين المهتمين ببصمتهم البيئية.
الطاقة النظيفة والهندسة المعمارية المحلية القديمة مثال للاستدامة
ولعل من أهم التدابير والاستراتيجيات التي من شأنها أن تساهم في خلق مباني مستدامة، تركز الخبيرة على ضرورة تحسين المعدات والتقنيات، وذلك من خلال الاعتماد على أنظمة وتجهيزات أكثر كفاءة، تستهلك طاقة أقل، وهذا ما يوجد في مصابيح «لاد» أو المحركات ذات الكفاءة العالية، مع تبني التقنيات المتطورة وأنظمة التدفئة والتهوئة الحديثة التي تقلص استهلاك الكهرباء.
ولأن الكفاءة تبدأ من العزل الجداري، تشدد الخبيرة على ضرورة الإعتماد على تصاميم تقوم على العزل الحراري للمباني، من خلال تصاميم بيئية والإعتماد على مواد عالية الآداء، للتقليل من الحاجة للتدفئة والتبريد، وهنا تبرز كما تقول العمارة الجزائرية التقليدية القائمة على تصاميم مستدامة، بتقنيات بناء ومواد بناء تساعد على تبريد وتدفئة البيوت دون حاجة لطاقة صناعية، كما تتحدث أيضا عن ترشيد وتحديد العمليات الصناعية والتجارية والسكنية، من أجل التقليل من هدر الطاقة.
الدكتورة قادة تواتي ركزت أيضا على التسيير والإدارة الذكية للطاقة، من خلال الاعتماد على أنظمة التحكم مثل المنزل الذكي وأنظمة المراقبة، وهذا لضبط الاستهلاك بشكل فوري وفقا للاحتياجات، مع ضرورة التحسيس والتوعية بتشجيع الممارسات الأكثر مسؤولية في استهلاك الطاقة، وهذا دور الجمعيات البيئية التي تساهم في نشر الوعي البيئي وسط المواطنين والتي تبدأ من العائلة الصغيرة وصولا إلى المجتمع.
دمج الطاقات المتجددة، أيضا يشكل أحد أهم ركائز رفع الكفاءة في المباني، حيث تقول محدثتنا إن هذه المباني لابد وأن تبنى على نظام قائم على الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح والكتلة الحيوية، وذلك لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليص الأثر البيئي، داعية لاعتماد معايير وشهادات وتنظيمات تهدف لتشجيع الكفاءة الطاقية في جميع القطاعات، مع عدم إهمال الصيانة الوقائية واحترام الفحص المنتظم وصيانة المعدات لضمان آدائها الأمثل وتفادي فقدان الطاقة، معتبرة إياه عاملا مهما جدا في العملية ككل، بحيث تكون وفق برنامج نصف سنوي أو سنوي، معتبرة إياها استراتيجيات بإمكانها أن تحقق وفرات كبيرة في الطاقة وتقليص التكاليف وبشكل خاص تقليص الأثر البيئي وبالتالي تقليص التلوثات البيئية.
المشاريع السكنية فرصة الجزائر لخلق بناءات مستدامة
وعن واقع المباني في الجزائر، شددت الخبيرة الطاقوية على ضرورة دمج الطاقات المتجددة في المشاريع السكنية الهائلة التي يتم إنشاؤها عبر مختلف ولايات الوطن، مؤكدة أنها نقطة تثار في كل توصيات المجلس الإقتصادي، وقالت إن المشاريع السكينة الضخمة التي أنجزت ولا تزال قيد الإنجاز لابد أن تدمج فيها الطاقات المتجددة والاعتماد على هندسة معمارية مستدامة، وكذا الاعتماد على مواد بناء صديقة للبيئة ولو في 50 بالمئة من هذه المباني، منتقدة عدم أخذ هذه التوصيات بعين الاعتبار ما عدا بعض المدارس التي تعتمد على الطاقة الشمسية إلا أن عددها قليل جدا.
ودعت الخبيرة إلى ضرورة اعتماد سياسات عمومية واضحة، مع الأخذ بعين الاعتبار الطاقة الهائلة التي يمكن تقليصها، خاصة في البنايات من خلال اعتماد مواد بناء أكثر استهلاكا للطاقة، خاصة وأنها تساعد على امتصاص الحرارة وعزل البرد، وأشارت إلى الخطوة التي وصفتها بالجيدة للوكالة الوطنية لتطوير استخدام الطاقة، والتي قالت إنها تعمل ومنذ سنوات لترشيد الإستهلاك، وقامت بعدة مبادرات منها مبادرة السخان المائي بالطاقة الشمسية، والذي أعلنت عن منح امتيازات للمهتمين والاستفادة من مساعدة مالية بقيمة 65 ألف دينار جزائري للاقتناء والتركيب، في خطوة لتشجيع المواطنين على مثل هذه السلوكات، وأكدت أن دعم الدولة للمواطنين بالنسبة لاستهلاك الكهرباء والغاز من خلال دفع 30 بالمئة فقط من ثمن الكيلوواط، مؤكدة أنه لو تم فرض دفع الثمن الحقيقي للكيلواط، لكان الجميع قد تحول للطاقة الشمسية
وغيرها. إ.ز
يعمل داخل ورشة بسيطة وبإمكانيات يدوية
حرفي يحول بقايا خشبية إلى تحف بقيمة بيئية
يعيد الحرفي زهير سخري من ولاية ميلة، الحياة إلى بقايا يجمعها من الطبيعة، وداخل ورشته البسيطة وبأدواته اليدوية يبدع في صناعة مجسمات خشبية ولوحات فنية ناطقة بالإبداع والتميز، وحاملة لرسائل توعوية.
إيناس كبير
يدعو الحرفي إلى الاستمتاع بعناصر الطبيعة واستلهام أفكار إبداعية منها والحفاظ على ثرواتها، حيث يمارس فنه في الطبيعة التي يعتبرها موردا أساسيا للمواد الأولية الضرورية لعمله، على غرار الأغصان والقطع الخشبية التي تتخلى عنها الأشجار، فيحملها هو إلى ورشته الصغيرة ليمنحها دورة حياة أخرى بعدما يصنع منها مجسمات لسفن شراعية كبيرة، وحيوانات وطيور، وأسماك وحشرات.
وكل قطعة بالنسبة إليه، مهمة وفريدة لأنها تحكي قصة حب بين البيئة وشخص يرد جميلها و يثمن منافعها و ثرواتها.
أوظف الفن لخلق ثقافة بيئية
يقول الحرفي، إنه يركز على الإبداع لإخراج قطع مميزة أكثر من اهتمامه بالعائد المالي، إذ يستخدم أي شيء يجده في الطبيعة تكريسا منه لفكرة الاسترجاع، ويفضل الفنان أن يصنع من بقايا الخشب تحفا للزينة والديكور على أن يتركها مهملة فيحتمل أن تتحول إلى وقود لحرائق الغابات.وقد قال محدثنا، إن حبه لهذه الهواية جعله يتقنها وينوع في نحت كل قطعة بطريقة تجعلها أكثر واقعية، مانحا لنفسه مساحة للإبداع والتعبير عن مخياله الفني.
أما في جانب الترويج وكسب الزبائن، فأوضح أنه لم يفقد الشغف رغم ضعف الإقبال على منتجه، مشيرا إلى إدراكه لكون ثقافة توظيف التحف الخشبية في الديكور محدودة نوعا ما في المجتمع الجزائري. مضيفا أنه يحاول دائما تقديم أعماله بشكل جذاب، كما يحدد لها أسعارا تلائم القدرة الشرائية للمواطن خصوصا وأن كل من يراها يُعجب بها، وذكر بأن الأغلبية تقبل على المجسمات الصغيرة لذات السبب.
وتحمل كل قطعة يصنعها السيد زهير معنى يعبر عن حرصه على الحفاظ على البيئة وحبه للأشجار لما لها من فضل على الإنسان، مؤكدا على أهمية أن يكون كل فرد مسؤولا عن الاهتمام بها والوعي بأن مستقبل الإنسان مرهون بحمايتها.
ويركز الحرفي، في المعارض التي يحضرها على تمرير رسائله البيئية موضحا، أنه يحاول شرح فكرة كل قطعة من خلال الحديث عن دورة حياة اللوح الخشبي الذي ولدت من رحمه، ويغتنم الفرصة للتوعية بما تزخر به بلادنا من تنوع بيولوجي في جبال البابور وغيرها من المحميات والغابات الواجب حمايتها.كما تحدث الحرفي، عن ممارسة فنه دون إيذاء الأشجار فلا يقوم بقطعها أو كسرها للحصول على المادة الأولية وعلق قائلا : «أجمع البقايا التي أجدها حتى أخفف من حمل الطبيعة، وأبرز أن الجماد أيضا يستطيع أن ينطق فقط يحتاج لمن يعطيه لمسة سحرية»، مردفا «بدل ترك شجرة قديمة مهملة في الطبيعة يمكن استغلالها في عدة صناعات». ويستهدف الحرفي الشباب خصوصا في جانب لفت انتباههم إلى الرسكلة لما لها من فوائد بيئية، وقيمة اقتصادية، لأنها تحول أشياء بسيطة إلى أموال، بالإضافة إلى تحفيزهم على السعي خلف مواهبهم وتنميتها وإخراجها إلى النور. من جهة أخرى، تحدث الحرفي عن الثروة الغابية الموجودة في الجزائر وجودة الخشب، خصوصا أشجار الأرز وكذا الزيتون التي يستخدمها في التحف المميزة واللوحات الفنية ذات التفاصيل الكثيرة.
اكتشفت الرسكلة في طفولتي
اكتشف الحرفي مجال الرسكلة عن طريق الصدفة في طفولته كما قال، وذلك عندما كان يصنع ألعابه من مادة السلك المعدني والتي لم تكن متوفرة سنوات السبعينات والثمانينات، وعبر أنها لطالما كانت مميزة عما يصنعه أقرانه مثل العربات التي تكون أكثر واقعية وواضحة الأجزاء. عندما كبر بات يعمل باستخدام مادة الخشب، قائلا إن أول مجسم خشبي نحته كان لشعار الانتصار متأثرا بالانتفاضة الفلسطينية آنذاك، وقد أُعجب الجميع بالقطعة وطلب منه مقربون الحصول على واحدة.
وبعد سنوات أعاده الحنين إلى هوايته التي مارسها صغيرا وحافظ عليها كبيرا، وقد حدث ذلك بالتحديد أثناء جائحة «كورونا» عندما خصص وقت فراغه لإنشاء ورشة صغيرة يتفنن داخلها في صناعة مجسمات السيارات الصغيرة، وفي كل مرة كان يكتشف قدراته في هذا المجال لذلك اختار الانتقال إلى مستوى آخر، ووقع اختياره على صناعة السفن الشراعية الكبيرة.
وذكر أيضا، بأنه اقتنى مخطط سفينة اللؤلؤة السوداء من فيلم «قراصنة الكاريبي»، وقد أخذ منه التجسيد وقتا وتركيزا لتقليد كل التفاصيل، غير أن الجهد الذي بذله معها لم يذهب سدى فقد أُعجب بها متابعوه على مواقع التواصل الاجتماعي، وتلقى منهم تشجيعا كما أوقد حماسه ثناء فنانين معروفين عليها.
وذكر الحرفي، أنه لم يكن يعرف سابقا أن هذه المجسمات مُصممة وفقا لمخططات، وقد تعلم الكثير عنها بالاستعانة بالشبكة العنكبوتية وهو ما ساعده على تطوير موهبته في النحت على الخشب، كما عرف قيمة المجسمات التي يصنعها، وأوضح أنها تستخدم في السينما العالمية لتصوير الأفلام، أما في الجزائر فيقتصر الأمر على توظيفها في الديكور أو تقديمها في شكل هدايا.
إ.ك
في بحث نشرته مجلة علمية مجرية
حشرات المن تتحوّر وتكتسب مناعة ضد المبيدات التقليدية
توصل باحثون من جامعتي قالمة والطارف ومديرية الفلاحة بقالمة، إلى تحديد 15 نوعا من الحشرات والطفيليات التي تتغذى على حقول القمح بالولاية وتلحق بها أضرارا مؤثرة على الجودة ومعدل الإنتاج، بينها 8 طفيليات أولية و7 طفيليات فائقة المضار، تتحوّر باستمرار وتكتسب المزيد من المناعة تجاه المبيدات الزراعية التقليدية.
نتائج البحث الذي أنجزه كل من أميرة بودربالة، عمر خلادي و عماد فارح ونشرته المجلة العلمية المجرية ( آكجورنالز ) يوم 11 جويلية 2025 أظهرت هيمنة حشرة المن بين الطفيليات الأولية بنسبة 21.74 بالمائة من إجمالي الوفرة وحشرة المن بين الطفيليات الفائقة بنسبة 27.17 بالمائة.
و أظهرت الديناميكية الموسمية ذروة في نشاط الطفيليات الأولية خلال جلسة أخذ عينات الدورة الثالثة في 10 ماي 2022، تلتها انخفاضات حادة تزامنت مع بداية تصلب سنابل القمح بحقل التجربة المتواجد بولاية قالمة، الواقعة بالشمال الشرقي للجزائر.
و قد صاحب هذا التحول زيادة في نشاط الطفيليات الفائقة أو المفرطة، ما أثر على فعالية التنظيم الطبيعي لتكاثر حشرات المن. و وضع الباحثون شبكات غذائية لتصوير التفاعلات بين الأنواع، لتأكيد الدور المحوري لحشرة ( سيتوبيون فراجاريا ) كمضيف رئيسي.
و يثير ارتفاع معدل فشل ظهور الطفيليات بنسبة 58.18 بالمائة، مخاوف بشأن تمثيل النتائج، مما قد يتطلب إجراء المزيد من البحوث. و خلصت المجلة إلى أن هذه النتائج المتوصل إليها، تبرز أهمية دمج ديناميكيات التغذية المتعددة، و التغيرات الفينولوجية للمحاصيل، لتحسين استراتيجيات الإدارة المتكاملة للآفات الزراعية IPM في النظم البيئية الزراعية، للحبوب بالمناطق الشبه قاحلة.
و قال المهندس الزراعي عماد فارح، أحد أعضاء فريق البحث، متحدثا للنصر يوم الأحد، بأن للتغيرات المناخية بمنطقة حوض المتوسط، و الاستعمال غير المدروس للمبيدات الزراعية، و الإخلال بالدورة الزراعية، كلها عوامل مؤدية إلى تطور الأمراض النباتية و ظهور متحورات جديدة من حشرات المن، القادرة على مقاومة المبيدات التقليدية، مما يتطلب استعمال مبيدات جديدة ذات فعالية، و تطبيق الدورات الزراعية المجدية، بحقول القمح بمنطقة قالمة، التي تعد من أهم الأقاليم المنتجة بشمال البلاد.
فريد.غ
يقود لمين بن دراجي وزوجته صوفي لوبلو بروح مبتكرة وحلم ينبض بالطبيعة، مشروعا عائليا رائدا يحمل اسم «ميموزا»، وهو فضاء بيئي تربوي ترفيهي مخصص للأطفال، يجمع بين التعليم البيئي والزراعة المستدامة والذكية واكتشاف عالم الحيوان.
لينة دلول
فكرة المشروع استلهمها لمين خلال فترة إقامته خارج الوطن لسنوات طويلة، أين كان يتردد وأسرته كثيرا على المزارع التربوية الكائنة قرب مسكنه، والتي وجدها مفيدة لتنمية وعي الأطفال وتعزيز علاقتهم بالطبيعة، ما جعله يفكر بمجرد عودته لأرض الوطن، في إنجاز مشروع مماثل، بعد أن لاحظ غياب أماكن مماثلة تلبي احتياجات الأطفال وتقدم لهم تجربة تعليمية حية وسط الطبيعة، مشيرا إلى أنه يرغب في تجسيده في مواقع طبيعية ملائمة قريبة من الحزام الحضري لقسنطينة، مثل غابة جبل الوحش، البعراوية، أو السمارة، لما توفره من طابع طبيعي وتضاريس ملائمة.
هكذا اخترت تسمية «ميموزا»
وأكد صاحب المشروع أن اختيار تسمية ميموزا للمشروع، ليس عشوائيا، بل يحمل حروف من أسماء أطفاله الثلاثة مريم، منى، وزكريا، مردفا بأن رغبة أبنائه واهتمامهم بالحيوانات والنباتات، من الدوافع التي حفزته على بدل كل ما بوسعه لتجسيد الفكرة، كما ساهمت ميولاتهم وطموحهم البيئة في استلهام أفكار ووضع التصور النهائي للمشروع، الذي يعتبره ثمرة حب، وشغف، ورغبة في غرس القيم النبيلة في جيل المستقبل.يعد مشروع «ميموزا»، بحسب صاحبه، فضاء حيا مفتوحا، صمم بحسبه خصيصا ليخدم أهدافا متعددة وهي نشر الثقافة البيئية، تعزيز الوعي الغذائي الصحي، تشجيع الزراعة المستدامة، تحفيز السياحة المحلية، وخلق مناصب شغل، مردفا أن أثر المشروع يمتد كذلك إلى الفئات الخاصة، ويشمل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل المصابين بالتوحد، ومتلازمة داون، وفرط النشاط أو نقص الانتباه، من خلال جلسات تواصل حسي وعاطفي مع الحيوانات.
الحديقة الحسية لتعميق علاقة الطفل بالطبيعة
وأوضح بن دراجي، أن فلسفة «ميموزا» تقوم على مبدأ «نتعلم ونحن نلعب»، إذ لا يمنح بحسبه الطفل فقط كتابا أو درسا، بل يعيش التجربة بكل حواسه يلمس، يشم، يسمع، يرى، ويشارك لأن التعليم في المزرعة لا يلقن، بل يعاش. ومن بين أبرز الورشات والأنشطة التي تقدمها المزرعة يقول صاحب المشروع، الحديقة الحسية لكونها فضاء مصمما لتنشيط الحواس الخمس عبر روائح الأعشاب «كالنعناع والريحان»، وملمس النباتات، والتمعن في ألوان الأزهار، والاستمتاع بأصوات الطيور، وطعم الفواكه الموسمية، وتهدف إلى تحفيز الإدراك الحسي وتعميق علاقة الطفل بالطبيعة.وأضاف المتحدث، بأنه ستوفر أيضا في المزرعة، ورشة نحل يتعرف من خلالها الأطفال على النظام الاجتماعي للنحل ودور الملكة والعاملات، وأهمية التلقيح البيولوجي، كما يكتشفون الخلية عن قرب وسر إنتاج العسل.
وأضاف المتحدث، بأنه في المزرعة، سيتم أيضا تعليم الأطفال تقنية الأكوابوني وهي زراعة مستدامة تدمج بين تربية الأسماك والنباتات في نظام بيئي دائري، وكذا الهيدروبوني وهي الزراعة في الماء بدون تربة، مع تحكم في العناصر الغذائية، بحيث يتعلم الصغار طرق توظيف العلم لخدمة البيئة وتوفير غذاء صحي بموارد قليلة، كما سيتم تعليم الأطفال مبادئ الزراعة الذكية واحترام التوازن البيئي من خلال استخدام المدرجات، السماد العضوي، حفظ الماء، والتكامل بين النباتات.
وسيتم تخصيص ورشة التسميد العضوي يتم من خلالها تعليم تقنيات تحويل بقايا الطعام إلى سماد طبيعي، فضلا عن ورشة البيت الزجاجي ، والتي تعد من الورشات، حسب محدثنا، التي ستأخذ حيزا من المزرعة، وهي عبارة عن فضاء شفاف ومضاء طبيعيا مخصص لزرع البذور، ومتابعة مراحل نمو النبات، ومهارات التطعيم، كما يتناول موضوع الحفاظ على البذور المحلية.
وأوضح بن دراجي، بأن الطفل ستتاح له فرصة التقرب والتفاعل مع حيوانات والإشراف على إطعامها مثل المعز، النعاج، الدجاج، الإبط، الحجل، السمان، وحتى الطاووس، مع التعرف على فصائل نادرة من الدجاج مثل «Yokohama» و»Lomborghini.
ألعاب من وحي الطبيعة تحفز الخيال
وأكد المتحدث، بأنه لا توجد ألعاب إلكترونية أو مزعجة في «ميموزا»، وإنما توجد ألعاب مصنوعة من الخشب الطبيعي، وآمنة تماما، تحفز الخيال والحركة الذاتية على غرار ترامبولين وسط الطبيعة، زلاقات بالحبال Tyrolienneومسارات تسلق بين الأشجار، وكذا لعبة «الكنز المفقود» بين الأعشاب نشاط «المنقب الصغير» للبحث عن أحجار كريمة في جدول مائي.
كما أوضح بأنه في معظم فضاءات الترفيه، ستقدم للأطفال خدمة الإطعام، بعرض وجبات طبيعية محلية الصنع، وسلال فواكه وخضروات موسمية،و مأكولات ذات مؤشر سكري منخفض، ومشروبات طبيعية مغذية، بحيث سيشرف على المطبخ طاقم محترف مدرب، يراعي صحة الطفل وراحته.
وأكد المتحدث، بأن المزرعة ستفتح أبوابها طيلة الأسبوع للمدارس والمؤسسات التربوية والكشفية، ومراكز الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما ستوفر فضاء ترفيهيا عائليا خلال العطل ونهاية الأسبوع، مشيرا في ذات السياق الى تقديم تذاكر بأسعار رمزية «بين 200 و400 دج للطفل» حتى تكون متاحة لأغلب الفئات.
ورغم ترحيب العديد من العائلات وحتى الزوار المرتقبين من ولايات مجاورة بالفكرة، التي تعد، حسبه، الأولى من نوعها على المستوى الوطني، إلا أنه يصادف عراقيل إدارية معقدة، أبرزها غياب قانون ينظم هذا النوع من النشاط الذي يندرج ضمن «الزراعة السياحية التربوية»، وتأخر الاستجابة من الجهات الوصية لمنحه الأرض أو الترخيص الملائم.
ودعا في سياق متصل، إلى ضرورة إدماج هذا النوع من المشاريع ضمن قانون خاص يصنف تحت بند الزراعة السياحية، البيئية، التربوية، باعتبارها مشاريع تعليمية هادفة تخدم التنمية البشرية والبيئة والاقتصاد المحلي.
في إطار الشراكة الجزائرية-الألمانية
انطلاق المرحلة الثانية من مشروع البلديات الخضراء ببجاية
شهدت، ولاية بجاية، أمس، تنظيم ورشة عمل رسمية لإطلاق المرحلة الثانية من مشروع (البلديات الخضراء 02)، وهو برنامج طموح يهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والممارسات البيئية في المدن الجزائرية، كثمرة للتعاون الوثيق بين الجزائر وألمانيا.
ويأتي هذا المشروع، حسب ما تم تأكيده خلال ورشة العمل، من تنفيذ الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، استكمالا للنجاح الذي حققته المرحلة الأولى، وسعيا لتوسيع نطاق المبادرات الخضراء لتشمل عددا أكبر من البلديات النموذجية في مختلف أنحاء الوطن.
وخلال ورشة الإطلاق، تم استعراض الأهداف الرئيسية للمشروع، حيث يضع نصب عينيه تحقيق خفض كبير في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وبحسب المؤشرات المعلنة، فإن من أبرز أهدافه خفض إجمالي قدره 09 ألاف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، على مدار مدة المشروع في 30 بلدية نموذجية، و لتحقيق هذا المسعى، سيتم التركيز على محورين أساسيين، هما ترشيد استهلاك الطاقة في المباني والبنى التحتية العامة، وتطبيق حلول الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وقالت مصالح ولاية بجاية أن هذا المشروع منظم في إطار برنامج التعاون بين وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، الرامي إلى تعزيز الفعالية الطاقوية على المستوى المحلي والمساهمة في التحول الطاقوي الوطني. وقد تم اختيار خمس بلديات من ولاية بجاية لتنفيذه، وهي بجاية، توجة، أقبو، أوقاس و تالة حمزة، للاستفادة من هذا المشروع النموذجي والمرافقة التقنية التي يوفرها، والتي ستمكنها من تعزيز قدراتها في مجال ترشيد استهلاك الطاقة وتوسيع استعمال الطاقات المتجددة، انسجاما مع الأهداف الوطنية لحماية البيئة ومكافحة التغيرات المناخية.
وأشارت ذات المصالح إلى أن التحديات المناخية، تتطلب تعبئة شاملة لكل الجهود، بما فيها تلك التي تبذلها الجماعات المحلية، فضمن التزامات الجزائر الدولية في إطار المفاوضات المناخية، تم الانطلاق في تنفيذ برنامج وطني طموح يهدف إلى تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة تتراوح بين 7 و20 بالمائة في أفق سنة 2030.
ويأتي مشروع “البلديات الخضراء 2” ليمنح دعما، ليس فقط على الصعيد التقني، بل في مجالات التخطيط الاستراتيجي، تطوير أدوات التسيير، وتعبئة التمويل اللازم لتنفيذ وتتبع خطط العمل الطاقوية المحلية. وتظهر الخرائط التوضيحية التي عرضت خلال الورشة أن المرحلة الثانية ستشمل 30 بلدية موزعة على ست ولايات نموذجية، وهي بجاية، تلمسان، سيدي بلعباس، قالمة، باتنة، وبسكرة.
وفي ولاية بجاية التي استضافت الحدث، أكدت مصالحها على اختيار البلديات المذكورة للانخراط في المشروع، مشيرة إلى أن هذا الاختيار ترجمة لالتزام السلطات المحلية بدعم التحول البيئي والمشاركة الفعالة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما أن المشروب يمثل تحولا استراتيجيا هاما في مسار بناء مدن قادرة على مواجهة التحديات المناخية وتحسين نوعية حياة مواطنيها، فضلا عن تعزيز وتدعيم سبل الشراكة مع ألمانيا في مجال حماية البيئة والطاقات المتجددة.
ع/ بوعبدالله
درجة حرارة المياه تسجل رقما قياسيا عالميا جديدا
«غليــــان البحر المتوســط».. ظاهرة غير مسبوقـة تنــذر بكـــوارث
يشهد البحر الأبيض المتوسط موجة حر بحرية غير مسبوقة، صنفت الأعلى عالميا، ببلوغ درجة حرارة المياه السطحية مستويات قياسية، متجاوزة عتبة الـ29 درجة مئوية، فيما تجاوزت ببعض المناطق الـ31 درجة، معلنة عن تهديد شامل للنظم البيئية البحرية وزيادة في وطأة الظروف المناخية على اليابسة.
إعداد : إيمان زياري
تشير بيانات الأٌقمار الصناعية، إلى تسجيل معدلات حرارة أعلى من المتوسط بالنسبة لمياه البحر الأبيض المتوسط بنحو 3 درجات مئوية، حيث قدر متوسط درجة الحرارة الحالية بحوالي 26 درجة مئوية، مقارنة بـ23 درجة لنفس الفترة من السنة الماضية، وتظهر صورة الأٌقمار خارطة ملتهبة باللون الأحمر المتوهج، خاصة على مستوى المناطق الواقعة غرب حوض المتوسط، بالقرب من سواحل إسبانيا، فرنسا وإيطاليا.
نقطة ساخنة للمناخ
وحذر خبراء بيئيون دوليون مما وصفوه بالظاهرة البحرية المستحيلة، اذ قالت المستشارة العلمية في المركز الألماني لأبحاث المحيطات، «كورينا فون شوكمان» أن المحيط يعد نظام الإنذار المبكر لتغير المناخ، وأن المحيطات تعمل على امتصاص 90 بالمائة من الطاقة الزائدة الناتجة عن الإنبعاثات الغازية، بينما وصف الخبير الدولي في علم المناخ البحري «جيف بيرارديللي» الظاهرة بأنها موجة حرارة بحرية مستحيلة وبأنها تعتبر غير مسبوقة بالنظر إلى شدتها في هذه الفترة من الصيف.ويصنف البحر الأبيض المتوسط كأحد أكثر المناطق عرضة لتغير المناخ، بسبب طبيعته شبه المغلقة وموقعه الجغرافي، كما يعد مولدا هاما للرطوبة ومصدرا رئيسيا للغيوم الماطرة، مما يجعله أهم المؤشرات المناخية المتحكمة بطقس المنطقة، وقد وصفه تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بأنه «نقطة ساخنة» مناخيا.
وتشير الدراسات الأخيرة إلى أن موجات الحرارة البحرية في المتوسط أصبحت أكثر شدة وطولا وتكرارا خلال العقد الماضي، ففي العادة، تبلغ حرارة مياه المتوسط ذروتها في منتصف أوت وتبلغ حوالي 26 درجة مئوية، إلا أنها وصلت هذا العام وفي بداية شهر جويلية فقط إلى هذا المستوى وأكثر منه وذلك قبل وقت الذروة بأكثر من شهر كامل.
وسجلت درجات حرارة قياسية في بعض المواقع، مثل جزيرة «مايوركا» الإسبانية، أين بلغت حرارة المياه 31 درجة مئوية، بينما وصلت إلى 30 درجة قبالة سواحل إيطاليا، وتحديدا قرب «البندقية» و»سانريمو»، في حين صنفت مناطق بحرية بأكملها مثل بحر «ألبوران» و»خليج ليون» تحت تصنيف «موجة حرارة بحرية قصوى»، وهو المستوى الرابع من أصل خمسة في مقياس الشدة.
إنذار بعواصف شديدة محتملة
من جهته حذر المركز العربي للمناخ في تقرير خاص من تواصل تسجيل إرتفاعات حادة في درجة حرارة سطح مياه البحر الأبيض المتوسط للعام الخامس على التوالي، في ظاهرة وصفها بالمقلقة وتشير إلى تغيرات مناخية متسارعة وغير مسبوقة، وذلك بناء على بيانات الرصد المعتمدة على أرشيف يمتد من عام 1982 إلى غاية اليوم، إلا أن وتيرة الإحترار تتصاعد عاما بعد الآخر، مما يؤدي إلى تحطيم أرقام قياسية بشكل متكرر.
واعتبر رئيس المركز، المهندس أحمد العربيد، أن هذا الإرتفاع المستمر والخطير في درجة حرارة المياه، ليس مجرد رقم في سلسلة بيانات مناخية فحسب، بل يعد مؤشرا واضحا على ازدياد إحتمال نشوء عواصف جوية شديدة خلال الفترة القادمة، مرجعا ذلك للطاقة الحرارية المخزنة في البحر، والتي تعتبر حسبه من أبرز محفزات الإضطرابات الجوية، مشيرا في ذلك إلى عاصفة «دانيال» في البحر المتوسط سنة 2023 والتي تسببت في كارثة إنسانية كبيرة بدرنة الليبية، أين قام المركز العربي للمناخ بإصدار تحذيرات مسبقة قبل نحو شهر من وقوعها.
موجات حر طويلة تمتد زمنيا وجغرافيا
تفاقم موجات الحر الشديد، أيضا من بين التأثيرات المباشرة للبحر الدافئ، والذي يساهم بحسب محدثتنا في رفع حرارة الهواء فوق السواحل، مما يؤدي لتسجيل درجة حرارة قياسية متكررة وطول موجات الحر وتوسعها زمنيا وجغرافيا، فضلا عن تأثيرها المباشر على الفئات الضعيفة من الأطفال، المرضى وكبار السن، كما أشارت إلى أنها تسبب أيضا في اضطراب في الأنظمة الجوية المتوسطية، بحيث يؤثر ارتفاع درجة حرارة البحر على توزيع الضغط الجوي، وبالتالي عواصف رعدية محلية قد تكون عنيفة بحسب ما أشار إليه خبراء المناخ، وأمطار طوفانية خلال ساعات قليلة، وشدة الأعاصير المتوسطية المصغرة.
وحذر المركز العربي للمناخ من خطر الإستهانة بالمؤشرات الحالية، وأكد على ضرورة الإستعداد المبكر بالنسبة للدول المطلة والقريبة من البحر الأبيض المتوسط، وذلك من خلال تعزيز منظومة الرصد والإنذار المبكر، تحسبا لأي تطورات مناخية محتملة خلال الأشهر القادمة، خاصة مع اقتراب فصل الخريف وبداية زيادة الكتل الهوائية الباردة للمنطقة، محذرا في الوقت ذاته من احتمال استمرار إرتفاع مؤشر خطر العواصف الشديدة والأمطار الغزيرة خلال فصل الشتاء المقبل في حال استمرار الإحترار بهذا الشكل.
* الخبيرة البيئية صليحة زردوم
الاحترار القياسي للمتوسط خطر لا يجب الاستهانة به
حذرت المهندسة البيئية والمفتشة المحلية المختصة في التنمية المستدامة، صليحة زردوم، من خطر الإستهانة بالمعطيات المسجلة بالنسبة لدرجة حرارة مياه البحر الأبيض المتوسط، معتبرة إياها ناقوس خطر يستوجب التعامل معه بوعي علمي صحيح، يشكل أقوى سلاح لمواجهة الكوارث البيئية المقبلة. وقالت الخبيرة البيئية أن العالم بأكمله يتابع وبترقب شديد جملة التغيرات الحاصلة على مستوى درجات حرارة مياه المتوسط، والتي بلغت ذروتها مع بداية الشهر الجاري، متجاوزة المعدلات الطبيعية بشكل لافت حسب بيانات مركز كوبرنيكوس الأوروبي للمناخ، أين تجاوزت الحرارة في مناطق معدلاتها الفصلية بـ3 إلى 5 درجات مئوية.
التنوع البيولوجي في خطر
واعتبرت الأستاذة زردوم الأرقام ليست مجرد معطيات علمية فحسب، بل وصفتها بناقوس خطر حقيقي، موضحة أن الإحترار البحري يؤثر بشكل مباشر على السواحل، الصيد، التنوع البيولوجي وكذا المحلي وحتى على نمط حياة الإنسان في دول شمال إفريقيا ودول جنوب أوروبا، كما أشارت الخبيرة إلى التغيرات المناخية التي تشهدها الجزائر خلال الفترة الأخيرة، مثل الأمطار التي هطلت بولاية خنشلة قبل أيام بالرغم من أنها معروفة بصيفها الحار والجاف وشتائها البارد، معتبرة إياها ظاهرة نادرة بالولاية، وهي أجواء تشبه تلك الأجواء التي عاشتها ولايتا سطيف وباتنة، هذه الأخيرة التي سجلت تساقط حبات برد، في حين تعاني المدن الساحلية من ارتفاع كبير في نسبة الرطوبة.
إجهاد حراري وهجرة للكائنات البحرية
وعن تأثير ما بات يشبه الظاهرة بحوض البحر الأبيض المتوسط، تحدثت الخبيرة عن الرياح العاتية والحرائق التي تجتاح تركيا، والبراكين النشطة التي عادت للواجهة بإيطاليا، كما يقول العلماء أن مثل هذه الظواهر غير المسبوقة من حيث درجات الحرارة والملوحة وتغير التيارات، تتسبب وبشكل مباشر في هجرة الكائنات البحرية نحو مناطق أبرد وأكثر ملائمة، مما يحدث خللا في النظام البيئي البحري ويمس بالثروة السمكية والغذاء البشري.
وأضافت الأستادة زردوم أن تدهور النظام البيئي البحري قد يشمل أيضا نفوق الكائنات البحرية بسبب نقص الأوكسجين وانتشار أنواع دخيلة مثل قناديل البحر السامة وأسماك غير مألوفة، فضلا عن تناقص التنوع البيولوجي وتراجع السلسلة الغذائية البحرية، وكذا تدمير الشعب المرجانية، كما أن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى تبييض المرجان وموت المروج البحرية مما يؤثر على نقاء المياه، حماية السواحل ومناطق تكاثر الأسماك.
الظواهر المتطرفة واقع لا بد من التعامل معه بوعي علمي
من جهة أخرى أشارت المتحدثة إلى تأثير ذلك على البشر، وذلك بناء على تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية التي حذرت من موجات حر بحرية وارتباطها بالظواهر المناخية القصوى، متوقعة تعرض نصف سكان أوروبا للإجهاد الحراري المتزايد بحلول سنة 2050 في حال لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة، كما تحدثت الخبيرة عن مبادرة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن أفضل الممارسات لمواجهة العواصف بما فيها الرملية والغبارية، وتم توفير أدوات الإنذار المبكر لتمكين المواطنين والدول من الاستعداد.
ودعت الخبيرة البيئية إلى محاربة ما أسمته بـ «الجهل المناخي»، مشيرة في ذلك إلى فئة قالت أنها تؤمن بنظرية المؤامرة، وتشكك في التغير المناخي وتربطه بمشاريع معينة، كما تزعم أن الدول الكبرى تصنع الجفاف وتستهدف إفريقيا لتحقيق أرباح تجارية، مؤكدة أن ما يشهده العالم اليوم بشكل عام والبحر الأبيض المتوسط بشكل خاص من تطورات، هو ناتج عن تراكم علمي وإنذارات بيئية وصفتها بالحقيقية، مشيرة في ذلك إلى الولايات المتحدة وعلى الرغم من قوتها التكنولوجية، إلا أنها غرقت في السيول والفيضانات مثلما حدث بتيكساس مؤخرا، مؤكدة بأن لا دولة في معزل أو محصنة من آثار التغير المناخي، داعية للتحلي بالوعي العلمي الصحيح الذي ترى بأنه أقوى سلاح لمواجهة الكوارث البيئية المقبلة.
إ.ز
تشهد العديد من دول العالم خلال السنوات الأخيرة تصاعدا غير مسبوق في عدد وشدة الحرائق، انطلاقا من أستراليا وكندا إلى دول البحر الأبيض المتوسط، في ظاهرة تتكرر سنويا وتزداد سوءا، وسط تحذيرات من ارتباطها بتغيرات مناخية أحدثت خللا يصفه الخبراء بالخطير في الأنظمة البيئية والمناخية ويدعون لضرورة الاعتماد على تقنيات متطورة قصد التحكم بها والتقليل من آثارها.
إعداد : إيمان زياري
تظهر الأبحاث أن التغيرات المناخية التي يشهدها الكوكب خلال الفترة الأخيرة، تؤدي إلى ظروف أكثر دفئا وجفافا، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة ورطوبة التربة ووجود الأشجار والشجيرات وغيرها من مصادر الوقود المحتملة، مما يساهم في ازدياد موسم الجفاف وطول موسم الحرائق وبالتالي زيادة مخاطر حرائق الغابات.
ارتفاع درجات الحرارة.. وقود الحرائق
ويتوقع الخبراء أن يساهم ارتفاع درجات الحرارة العالمية في ازدياد حجم وتواتر وشدة حرائق الغابات خلال السنوات المقبلة، بحيث يشيرون إلى التأثير المباشر لتغير المناخ الذي يؤكدون على أنه يجعل من الغابات أكثر عرضة للحرائق، وذلك من خلال جفاف الأشجار والشجيرات والعشب وتحويل أوراق الشجر والفروع المتساقطة إلى حطب قابل للاشتعال، بينما تصبح الأشجار التي تعاني من نقص المياه أثناء فترات الجفاف، أكثر عرضة للحشرات والأمراض التي يمكن أن تضعفها وتقتلها، مما يخلق المزيد من الوقود للحرائق. ووفقا لمفوضية الإتحاد الأوروبي، فقد كان موسم حرائق الغابات لعامي 2022 و2023 من بين أسوأ خمسة مواسم مسجلة، مفصحة عن أن عام 2024 وحده، ولدت حرائق الغابات والنباتات العالمية فيه حوالي 1940 ميغا طن من أول أكسيد الكربون، بينما تسبب في وفاة عدد كبير من الأشخاص عبر العديد من دول العالم، بحيث أودت الحرائق في التشيلي بحياة 137 شخصا، وأطلقت حرائق الغابات الكندية خلال 5 أشهر فقط كمية من الكربون تفوق ما أطلقته روسيا واليابان من الوقود الأحفوري في عام 2022، بينما تحولت حرائق الغابات بالولايات المتحدة الأمريكية من أكثر الحرائق تدميرا وتكلفة في تاريخ الدولة على الرغم من وقوعها خارج موسم حرائق الغابات المعتاد.
حلقة مفرغة
يصف الخبراء العلاقة بين تغير المناخ وحرائق الغابات وتلوث الهواء بالحلقة المفرغة التي تهدد الإنسان والحيوان والكوكب، وذلك بسبب ما ينتج عن حرق الأشجار من كربون وجسيمات دقيقة، تؤدي إلى تدهور الهواء بشكل كبير، إذ تصنف حرائق الغابات على أنها أحد أكبر مصادر الكربون الأسود الذي يوصف بالملوث الهائل ويفاقم موجات الحر، كما يغير أنماط الطقس، ويسرع ذوبان الجليد والثلوج، مما يديم دورة تغير المناخ وحرائق الغابات الشديدة، التي يعد تكرارها وكثافتها نتيجة ثانوية لتغير المناخ، بينما تتسبب أيضا في تفاقم المزيد من الحرائق، مما يؤدي إلى إدامة حلقة مفرغة. وتلحق حرائق الغابات ضررا بالغا بالصحة العامة، نتيجة لإطلاقها مجموعة من الملوثات في الغلاف الجوي، بما فيها الكربون الأسود وأول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة، وقد تتحد هذه الملوثات مع تلوث الهواء، مما يزيد من الآثار الضارة للدخان على صحة الإنسان والطبيعة، وقد قال الرئيس التنفيذي لصندوق الهواء النظيف، جين بورستون، أن «الملوثات الخطيرة، بما فيها الكربون الأسود المنبعث من حرائق الغابات، مجتمعة في نصف ظاهرة الاحتباس الحراري حتى الآن، وتسهم في 8 ملايين حالة وفاة مبكرة سنويا بسبب تلوث الهواء، ويبرز الدخان الكثيف الناتج عن حرائق الغابات التهديد الخطير الذي تشكله الجسيمات المحمولة جوا». إ.ز
المدير الفرعي لحماية الأملاك الغابية بالمديرية العامة للغابات فريطس السعيد
انخفاض بنسبة 91 بالمائة في حصيلة حرائق الغابات بالجزائر
أكد المدير الفرعي لحماية الأملاك الغابية بالمديرية العامة للغابات، السيد فريطس السعيد، أن حصيلة حرائق الغابات بالجزائر قد عرفت إنخفاضا كبيرا مقارنة بالسنوات الأخيرة، أين شهدت سنة 2024 أدنى حصيلة، بنسبة تفوق 91 بالمائة، بينما انخفض عدد الحرائق إلى 73 بالمائة مقارنة بالسنوات الـ10 الماضية، متحدثا عن مقاربة وطنية شاملة من أجل التصدي للحرائق والعمل على احتوائها وتقليل الخسائر.
النصر : ما هي حصيلة حرائق الغابات التي سجلتموها خلال سنة 2024 وكيف تقيمونها؟
شهدت الجزائر خلال سنة 2024 أدنى حصيلة حرائق غابات منذ سنوات، ما يعد إنجازا غير مسبوق ضمن المسار الوطني للوقاية من هذه الظاهرة، حيث قدرت المساحة الإجمالية التي مستها الحرائق بـ3.490.58 هكتارا فقط، في حين أن المعدل السنوي خلال السنوات الـ10 الأخيرة كان يقارب 40.000 هكتار، أي أن الانخفاض بلغ 91 بالمائة، وكذلك الأمر بالنسبة لعدد الحرائق المسجلة والتي بلغ عددها 740 بؤرة فقط، مقابل معدل سنوي خلال نفس الفترة وصل إلى 2800 حريق، أي بانخفاض قدره 73 بالمائة.
ما الذي ساهم في تحقيق هذا التراجع برأيك؟
تحقيق هذه النتائج يعكس نجاح الإستراتيجية الوطنية التي ارتكزت على التدخل السريع، التكامل المؤسسي واعتماد التكنولوجيا الحديثة.
ما هي إستراتيجية الجزائر للتصدي للحرائق والعمل على احتوائها؟
تعتمد الإستراتيجية المتبعة من طرف الدولة الجزائرية على مقاربة وطنية شاملة، تقوم على الإستباق والجاهزية الميدانية والتنسيق المؤسساتي والتكنولوجيا الحديثة، وقد تم تجسيد الإستراتيجية من خلال جملة من التدابير التنظيمية والتقنية والعملياتية، ففي الجانب التنظيمي، أصدرت مراسيم تنفيذية على غرار المرسوم رقم 245/24 المؤرخ في 23 جويلية 2024، والذي يحدد كيفيات تنظيم وتنسيق أعمال الوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها، كما تم تنصيب اللجنة الوطنية لحماية الغابات وتفعيل اللجان الولائية والمحلية على مستوى 40 ولاية معنية، بهدف ضمان التكامل بين مختلف الفاعلين.
وماذا عن المستوى العملياتي؟
على المستوى العملياتي، تم تعزيز الجهاز العملياتي لقطاع الغابات بموارد بشرية ومادية تعمل بتناغم مع الأجهزة العملياتية للقطاعات المنوطة بمكافحة الحرائق، سواء كانت برية أو جوية، وفي هذا المجال، فإن الجهاز العملياتي لقطاع الغابات مكون من 5683 عامل غابات، و3245 عاملا موسميا، إلى جانب 544 فرقة تدخل أولى، و364 سيارة إطفاء «س س س آف آف آل» و493 برج مراقبة و2799 نقطة مياه، فضلا عن تجهيزات إضافية مثل الخيم الميدانية وحقائب الظهر المائية.
وعلى الصعيد الوقائي؟
على الصعيد الوقائي تم تنفيذ مجموعة من الأشغال الحراجية الهامة في إطار شبكة الدفاع عن الغابات «دي آف سي إي»، والتي شملت فتح وتهيئة أكثر من 49000 كلم من المسالك الغابية، وإنجاز 29539 هكتارا من الخنادق المضادة للنيران، وتهيئة وتنقية أكثر من 15000 هكتار من المساحات الغابية خلال سنة 2024 وحدها، مع برمجة مساحات إضافية لسنة 2025، كما تم تنفيذ أعمال مشتركة مع مختلف القطاعات منها الأشغال العمومية، سونلغاز، البلديات، السكك الحديدية والاتصالات، وذلك من أجل تنقية حواف الطرق والشبكات المرورية لمنع امتداد النيران.
وترافق هذه الجهود بحملات توعية وتحسيس واسعة النطاق، تشمل وسائل الإعلام والمساجد والمجتمع المدني، وهذه الإستراتيجية متكاملة تشمل ثلاثة أهداف رئيسية هي تحسين المعارف حول مسببات الحرائق والآثار التي يمكن أن تنجم عنها من خلال إشراك دور المواطن وتفعيل دور المجتمع المدني، ثانيا التقليل من عدد بؤر اندلاع الحرائق وثالثا تحسين فعالية التدخل ضد حرائق الغابات خاصة الحرائق الناشئة.
أي دور للتكنولوجيا في الوقاية من الحرائق؟
فعلا، التكنولوجيا تساعد كثيرا في رصد الوضع الميداني، بحيث نعتمد اليوم على استخدام طائرات بدون طيار «درون» بعدد 15 وحدة درون، إضافة إلى 20 طائرة درون أخرى لسنة 2025، مع تكوين 85 إطارا في تشغيلها، وكاميرات مراقبة وخرائط رقمية لتحديد أماكن الخطر، كما يتم تحليل صور الأقمار الصناعية لمعرفة تطور الغطاء النباتي والاستعداد المسبق للتدخل عند الضرورة، إلى جانب ربط شراكات مع مراكز بحث علمي لتطوير أنظمة إنذار مبكر وحلول رقمية ميدانية.
هل تعتمدون على تقنيات الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالحرائق؟
نعم، هناك مشاريع قيد الاستعمال تعتمد على تحليل المعطيات مثل الرطوبة والرياح ونوع النباتات لتحديد الأماكن المعرضة للحرائق، مثل هذه المعلومات تستخدم لتوزيع الوسائل بشكل أفضل وتحديد أولويات التدخل.
يشهد العالم تزايدا ملفتا في عدد حرائق الغابات خلال السنوات الأخيرة، كيف تساهم التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة في ذلك؟
هذا السؤال يطرح اليوم وبإلحاح على المستوى الدولي، فالمعطيات المناخية الحديثة تشير إلى أن التغيرات في المناخ تعد من الأسباب الرئيسية وراء الارتفاع المقلق في عدد وشدة حرائق الغابات حول العالم خلال السنوات الأخيرة، وذلك بفعل تأثير ارتفاع درجات الحرارة، توالي موجات الجفاف وتراجع الرطوبة، وكلها عوامل تسرع من قابلية اشتعال الغطاء النباتي، كما تسجل تغيرات حادة في أنماط التساقطات المطرية، خاصة في مناخ البحر الأبيض المتوسط، مما يؤدي إلى نمو سريع للنباتات والأعشاب، ثم تجف هذه الكتلة النباتية في الصيف.
وماذا عن الجانب البشري؟
إلى جانب العوامل المناخية، فإن النشاط البشري غير المسؤول يعتبر العامل الأول لاندلاع الحرائق، ثم تتدخل بعد ذلك العوامل المناخية التي تزيد من حدة هذه الحرائق، فكل 9 حرائق من أصل 10 مسجلة في مناخ البحر الأبيض المتوسط يعود سببها للعامل البشري، من خلال التصرفات الخاطئة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، عن قصد أو عن غير قصد، مثل التعدي على الغابات، التوسع العمراني العشوائي، سوء استعمال النار في الفضاءات الغابية وما جاورها، إضافة إلى مختلف مسببات حرائق الغابات، وكل هذا يساهم في خلق بيئة محفوفة بالمخاطر، وبالتالي يرى الخبراء أن هذه الظاهرة ليست نتيجة لعامل واحد، بل نتيجة تراكمات بيئية ومناخية وسلوكية.
ومن هنا، فإن التصدي لتزايد الحرائق يتطلب إستراتيجيات مزدوجة، من خلال الحد من آثار التغيرات المناخية عالميا بخفض الإنبعاثات الكربونية، ومن جهة أخرى تبني خطط تشاركية للوقاية والتدخل السريع، وهو ما شرعت فيه الجزائر كجزء من جهودها الإستباقية.
حاورته: إيمان زياري
في دراسة أعدها خبير البيئة و الاقتصاد الدائري كريم ومان
النفايات.. من الفرز إلى القيمة المضافة
يعتمد الاقتصاد الدائري المستدام على استرجاع النفايات و إعادة استعمالها وفق نظم تقنية و اقتصادية و بيئية محددة، لا يمكن التغاضي عنها لتحقيق الهدف الاجتماعي و الاقتصادي من العملية، و يرى خبير البيئة و الاقتصاد الدائري، كريم ومان، بأن العمل الميداني الجاد، و المدعوم بالمعرفة و البيانات الواقعية هو الطريق الصحيح إلى الاقتصاد الدائري المستهلك للنفايات القابلة للاسترجاع و إعادة الاستعمال من جديد دون الإضرار بالنظم البيئية و الصحية.
فريد.غ
و قد أعد كريم ومان، الذي كان يدير الوكالة الوطنية للنفايات، مديرا عاما لها، دراسة واقعية وافية تتعلق بعملية توصيف النفايات وبعدها التقني، و اعتبرها رافعة إستراتيجية أساسية لتعزيز القيمة الاقتصادية والاجتماعية للإقليم.
و قد حصلت الصفحة الخضراء بجريدة النصر على نص الدراسة، التي تكتسي أهمية كبيرة للجماعات المحلية، و الاقتصاد الوطني، المتوجه نحو التنوع وتحقيق الاستدامة
يقول خبير البيئة الجزائري كريم ومان بأن المؤشرات الناتجة عن عملية التوصيف ليست مجرد إحصائيات، بل تُعد أدوات حقيقية لمساعدة صناع القرار لدى الجماعات المحلية والمستثمرين والفاعلين الاقتصاديين، موضحا بان الفرز الانتقائي للنفايات المنزلية يتطلب أولاً وقبل كل شيء معرفة دقيقة بكميات التدفقات المختلفة وتقلباتها الموسمية، حيث يُعد تحديد الكميات الدقيقة لمختلف التدفقات المكونة للنفايات المنزلية عملاً شاقاً ويتطلب خبرة مؤكدة في هذا الميدان.
في الواقع، يضيف المتحدث في تقريره، فإن تقدير كمية صنف معين من النفايات يعني حساب إجمالي كمية هذا التدفق، و ضرب مثالا على ذلك بالقارورات البلاستيكية المصنوعة من مادة ال (بي.يو.تي) المنتجة في نطاق جغرافي معين قد يكون بلدية على سبيل المثال، و ذلك خلال سنة واحدة. ولتحقيق ذلك، يتم اعتماد منهجية التوصيف.
توصيف النفايات.. إجراء علمي دقيق
حسب كريم ومان فإن توصيف النفايات هو إجراء علمي ومنهجي يهدف إلى تحديد التركيبة الكمية (بالوزن أو الحجم) والنوعية (النوع) للنفايات المنتجة من طرف السكان في منطقة محددة. و تعد هذه المنهجية أداة لا غنى عنها لاتخاذ القرار من أجل إدارة عصرية وفعالة للنفايات. تنقسم المنهجية إلى ثلاث مراحل رئيسية هي أخذ العينات، الفرز و الوزن، و الاستقراء على كامل الإقليم المستهدف.
مرحلة أخذ العينات
تُعد هذه المرحلة الأكثر حساسية، إذ تعتمد مصداقية الدراسة بأكملها على جودة العينة المختارة، و الهدف هو جمع كمية من النفايات تعكس بشكل دقيق عادات جميع سكان المنطقة المدروسة.
و يعتمد اختيار عينة ممثلة على أساليب إحصائية دقيقة لضمان أن تعكس العينة تنوع الإقليم المستهدف بالدراسة.و حسب الباحث فإنه و لتحديد هذه العينة، يتم اختيار عدة مئات من الأسر النموذجية، مع مراعاة معايير متعددة، أهمها نوع السكن، و من الضروري أيضا احترام نسبة المنازل الفردية والسكنات الجماعية، لضمان تمثيل خصائص كل نوع من أنواع السكن.
و هناك معيار أخر ذو أهمية و هو المستوى الاجتماعي والاقتصادي للساكنة، إذ يمكن أن تختلف أنماط الاستهلاك بشكل كبير، حسب دخل الأسر، لذلك من الضروري إشراك أسر من أحياء مختلفة، لتمثيل هذا التنوع الاقتصادي و الاجتماعي.
و عادة ما تمتد عملية الجمع على أسبوع كامل لكل فصل من السنة، بهدف التقاط دورة استهلاك عادية، و تسمح هذه المقاربة بالحصول على بيانات دقيقة وتمثيلية للعادات الحقيقية لاستهلاك و إنتاج النفايات لدى الأسر المختارة.
مرحلة الفرز والوزن
بعد جمع عينة النفايات، يتم نقلها إلى منطقة فرز لتحليلها يدوياً، و تبدأ العملية بوزن العينة ككل، ثم تُفرش النفايات على طاولة فرز حيث يقوم العمال بفرزها إلى فئات محددة مسبقاً تُسمى “تدفقات”.
تشمل هذه التدفقات عادةً النفايات العضوية (القابلة للتحلل)، مثل بقايا الطعام، الورق والكرتون، الزجاج، المعادن، المنسوجات، البلاستيك وغيرها. يتم وزن كل تدفق على حدة، ثم تحسب النسبة المئوية لكل فئة مقارنة بالوزن الإجمالي للعينة. على سبيل المثال، بالنسبة لفئة البلاستيك، يتم فرز نفايات تغليف PET إلى فئات فرعية منفصلة، لأنها لا تملك نفس القيمة ولا نفس الاستخدامات الممكنة. تشمل هذه الفئات الفرعية الPET الشفاف، و «البيوتي» الملون، و «البيوتي» المعتم. ويتم وزن كل فئة فرعية بشكل منفصل، ما يسمح بتقديم صورة دقيقة جداً عن جودة وتركيبة كمية «البيوتي».
استقراء النتائج
المرحلة الأخيرة لتحليل تركيبة النفايات تتمثل في استقراء النتائج المتحصل عليها من العينة لتقدير الكميات السنوية لكل تدفق على مستوى كامل الإقليم البلدي، و تعتمد هذه العملية على مبدأ التناسب البسيط.
تُطبق النسب المئوية الناتجة عن الفرز اليدوي للعينة، على إجمالي كمية النفايات المنتجة من طرف إقليم البلدية خلال سنة واحدة.
كيفية حساب الكمية السنوية لتدفق معين الكمية السنوية للتدفق (طن)=
(وزن التدفق في العينة / الوزن الكلي للعينة) × الإنتاج السنوي للنفايات بالطن، و تسمح هذه المقاربة بتحويل البيانات المستخلصة من العينة إلى تقديرات دقيقة للكميات السنوية لكل نوع من النفايات على مستوى البلدية.
و باختصار، يتم تحليل عينة ممثلة من أكياس القمامة بالتفصيل لاستنتاج محتوى جميع نفايات البلدية خلال سنة واحدة.
و قدم خبير البيئة كريم ومان حالة عملية تتمثل في تقييم الكمية السنوية لنفايات تغليف البلاستيك PET لبلدية تعدادها 100,000 نسمة.
كإطار بلدي، كُلفت بمهمة تقدير الكمية السنوية لقارورات البلاستيك PET في بلديتي التي يبلغ عدد سكانها 100,000 نسمة. لإنجاز هذه المهمة، يجب أن أنظم العمل على مدار سنة كاملة لتغطية الفصول الأربعة.
المعطيات الأولية، إجمالي عدد السكان 100,000 نسمة، متوسط حجم الأسرة 5 أفراد، العدد الإجمالي للأسر 20,000 أسرة.
و تعتمد المنهجية أربع حملات توصيف موسمية على عينة ثابتة من 500 أسرة، كل حملة تدوم أسبوعاً.
نتائج توصيف النفايات الموسمية
قام فريق التقييم بفرز ووزن نفايات تغليف البلاستيك PET للعينة وكانت النتائج كما يلي:
حملة الربيع: 160 كلغ
حملة الصيف: 190 كلغ
حملة الخريف: 150 كلغ
حملة الشتاء: 140 كلغ
للحصول على قياس موثوق، تم حساب متوسط الحملات الأربع:
(160 + 190 + 150 + 140)/4 = 160 كلغ.
هذا يدل على أن عينة 500 أسرة تنتج في المتوسط 160 كلغ من نفايات قارورات البلاستيك PET أسبوعياً.
الإسقاط على كامل الإقليم البلدي
حساب النسبة لكل أسرة:
متوسط الإنتاج لكل أسرة في الأسبوع: 160 كلغ ÷ 500 أسرة = 0.32 كلغ/أسرة/أسبوع.
تعميم هذا المعدل على 20,000 أسرة:
0.32 كلغ/أسرة × 20,000 أسرة = 6,400 كلغ/أسبوع (6.4 طن).
الكمية السنوية:
6.4 طن/أسبوع × 52 أسبوع = 333 طن سنوياً.
النتيجة
استناداً إلى حملة توصيف شملت الفصول الأربعة، تم تقدير الكمية السنوية لنفايات تغليف البلاستيك PET في بلديتي ذات 100,000 نسمة بحوالي 333 طنا.
إبراز المؤشرات الرئيسية
الكمية السنوية المقدرة بـ 333 طنا من PET ليست مجرد رقم، بل تتيح استخلاص مؤشرات إستراتيجية عديدة، هذه البعض منها
العدد الإجمالي للقارورات سنوياً 10.1 مليون (333,000,000 غرام / 33 غراما لكل زجاجة).
الإنتاج لكل فرد 101 قارورة/فرد/سنة (أي حوالي قارورتين لكل فرد أسبوعياً).
التدفق اليومي البلدي: 27,650 قارورة تُنتج يومياً (تمثل 9 كلم من القارورات المصطفة يومياً).
الآثار التشغيلية و الاستراتيجية
إن التصور الواقعي لـ 333 طنا سنوياً، أي ما يعادل 10 ملايين قارورة سنوياً (حوالي 28,000 وحدة يومياً)، يعزز بشكل كبير الأبعاد التشغيلية و الاستراتيجية.
هذا التوضيح الكمي يلعب دوراً محورياً في تعبئة المنتخبين والمصالح التقنية للبلدية، إذ يبرر استثمارات كبيرة في أنظمة جمع وفرز واسترجاع فعالة، ضرورية لإدارة مثل هذا التدفق بكفاءة.
وأخيراً، فإن هذه الكمية البالغة 10 ملايين قارورة سنوياً تشكل حجة تجارية قوية وملموسة أمام المستثمرين المحتملين.
مؤشر الاستهلاك
إن كمية نفايات البلاستيك PET المنتجة لكل فرد في بلديتي ليست مجرد مؤشر بيئي، بل هي أيضاً أداة تحليل اقتصادي لمصالح التجارة وللفاعلين في قطاع المشروبات. إن 101 قارورة نفايات بلاستيكية PET لكل فرد في السنة هو مؤشر يعكس الاستهلاك المحلي ويمكن استخدامه من قبل منتجي السلع الاستهلاكية لتقييم سوق المشروبات في بلديتي.
كما يمكن الاستنتاج أن كل فرد في بلديتي ينفق ما بين 3,000 و15,000 دينار جزائري سنوياً على شراء المشروبات، ما يمثل سوقاً إجمالية تتراوح بين 30 مليون دينار و1.5 مليار دينار جزائري لإقليم البلدية بأكمله.
خلاصة الدراسة
تفرض عملية توصيف النفايات نفسها اليوم، إلى جانب بعدها التقني، كرافعة إستراتيجية لتعزيز القيمة الاقتصادية والاجتماعية للإقليم، فالمؤشرات الناتجة عن هذه العملية مثل الكمية السنوية المقدرة بـ 333 طنا من PET، عدد الزجاجات المنتجة أو معدل الاستهلاك الفردي ليست مجرد إحصائيات بسيطة، بل تُعد أدوات حقيقية لمساعدة صناع القرار لدى الجماعات المحلية و المستثمرين و الفاعلين الاقتصاديين.
تثمين هذه المؤشرات يعني أولاً تحقيق إدارة أكثر فاعلية لتدفقات النفايات، عبر استباق احتياجات الجمع و الفرز و إعادة التدوير.
كما تتيح الدراسة قراءة واقعية لإمكانيات السوق المحلي، قادرة على جذب المستثمرين في قطاع التدوير، و تحفيز عملية إنشاء فرص العمل، و تشجيع الابتكار في الاقتصاد الدائري.
و أخيراً، يقول الباحث و خبير البيئة الجزائري كريم ومان، فإن نشر هذه البيانات لدى الجمهور العام، وأصحاب المصلحة، يساهم في تعزيز الوعي الجماعي حول القضايا البيئية، ودفع التغيير نحو سلوكيات مستدامة.
وباختصار، فإن تثمين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية لإدارة النفايات يحول القضية البيئية إلى محرك حقيقي للتنمية و إبراز جاذبية الإقليم لصالح الجماعات المحلية.
تسقط البيئة عن العناوين الرئيسية للأخبار، رغم التقارير الأممية حول قصف منشآت نووية في الشرق الأوسط، و لا ينتبه العالم للتبعات الوخيمة التي سيتحملها الكوكب بفعل الحروب الدائرة، التي خلفت وتخلف موتى بالآلاف وأطنانا من الأنقاض، ودمارا يخترق عمق التربة وهواء ملوثا بالسموم، وبصمة كربونية عالمية تعادل بصمة أكثر من 100 دولة مجتمعة.
البصمة الكربونية للحرب تعادل بصمة 100 دولة مجتمعة
وقد كشفت دراسة بحثية جديدة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية، أن البصمة الكربونية للأشهر 15 الأولى من الحرب الإسرائيلية على غزة تتجاوز البصمة الكربونية للانبعاثات السنوية المسببة للاحتباس الحراري لأكثر من 100 دولة، مما يهدد كوكب الأرض بشكل أكبر ويؤدي إلى تفاقم حالة الطوارئ المناخية العالمية، إلى جانب ما خلفه العدوان من قتلى مدنيين. كما أوضح التقرير أن 50 بالمائة من هذه الانبعاثات الكربونية نتجت عن توريد واستخدام الأسلحة والدبابات.
وتوصلت الدراسة إلى أن أكثر من 99 بالمائة من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، المقدر أنها تولدت خلال الفترة الممتدة بين 7 أكتوبر 2023 ووقف إطلاق النار المؤقت في جانفي 2025، ناتجة عن القصف الجوي الإسرائيلي والغزو البري لقطاع غزة.
وجاءت حوالي 30 بالمائة من غازات الاحتباس الحراري المنبعثة في نفس الفترة، من عمليات إمداد الولايات المتحدة الأمريكية للكيان بحوالي 50 ألف طن من الأسلحة.
أما ما نسبته 20 بالمائة من الانبعاثات فناتجة عن عمليات الاستطلاع والقصف الجوية الإسرائيلية، والدبابات ووقود المركبات العسكرية الأخرى، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون الناجم عن تصنيع وتفجير القنابل والمدفعية.
ويقدر الباحثون أن التكلفة المناخية للعدوان على غزة واليمن وإيران ولبنان، ستكون طويلة الأمد وتعادل شحن 2.6 مليار هاتف ذكي، أو تشغيل 84 محطة طاقة تعمل بالغاز لمدة سنة كاملة، ويشمل هذا الرقم ما يقدر بـ557.359 طنا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
من جهتها، قالت أستريد بونتس، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية مستدامة : «إن ما نواجهه يؤثر بشدة على جميع أشكال الحياة في غزة، ويهدد أيضا حقوق الإنسان في المنطقة، بل وحتى في العالم بسبب تفاقم تغير المناخ».
إعادة الإعمار.. التكلفة الأكبر بيئيا
وغير بعيد عن الآثار البيئية للحرب على غزة وفي المنطقة عموما، تسلط الدراسة الضوء على التكلفة المناخية التي تعتبرها أكثر أهمية، وتأتي من إعادة بناء غزة التي اختزلها الكيان الصهيوني فيما يقدر بنحو 60 مليون طن من الأنقاض السامة، وخلصت الدراسة إلى ضرورة نقل الأنقاض بالشاحنات، ثم إعادة بناء 436 ألف مسكن، و700 مدرسة ومسجد ومستشفى ومكاتب حكومية ومباني أخرى، إضافة إلى كيلومترات من طرق غزة، ما سيكلف حوالي 29.4 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل إجمالي انبعاثات أفغانستان لعام 2023.
واعتبر محللون سياسيون، هذا التقرير بمثابة تذكير صادم ومحزن بالتكلفة البيئية والبيولوجية لحملة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على القطاع وشعبه المحاصر، محملين الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة المسؤولية أيضا في ذلك، من خلال توفيرها لموارد عسكرية لا حدود لها من أجل تمكين إسرائيل من تدمير أكثر بقاع العالم كثافة سكانيا.
من جانب آخر، أشارت الدراسة إلى مخلفات الحرب الإقليمية بانضمام اليمن، بحيث أطلق الحوثيون ما يقدر بـ400 صاروخ على إسرائيل بين أكتوبر 2023 وجانفي 2025، مما أدى إلى توليد قرابة 55 طنا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، بينما ولد رد الفعل الإسرائيلي ما يقارب 50 ضعفا من غازات الاحتباس الحراري.
وعن التصعيد بين إسرائيل وإيران، أشارت تقديرات أخرى إلى أن العملية تجاوزت 5 آلاف طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، علما أن إسرائيل قد تسببت في أكثر من 80 بالمائة منها.
وفي لبنان، فإن أكثر من 90 بالمائة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المقدرة بـ3747 طنا، نتجت عن تبادلات متقطعة، جاءت من قنابل جيش الدفاع الإسرائيلي، بينما 8 بالمائة منها فقط مرتبطة بصواريخ حزب الله.
تهديم البرنامج النووي الإيراني.. تهديم للكوكب
حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل في 13 من جوان الجاري، من تداعيات الضربات العسكرية ضد المنشآت النووية وقالت:»...يجب عدم مهاجمة المنشآت النووية أبدا، بغض النظر عن السياق أو الظروف، إذ قد يلحق ذلك الضرر بالناس والبيئة». وبتوسيع الأهداف وسعت إسرائيل من نطاق المخاطر البيئية المحتملة، وأكدت الوكالة الدولية توثيق هجمات على نطنز الإيرانية التي تضم محطتين نشطتين لتخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى منشأة ثالثة قيد الإنشاء.
وأكدت الوكالة، أن أضرارا لحقت بمحطة تخصيب الوقود التجريبية وأضرار محتملة على منشأة تخصيب الوقود تحت الأرض، معتقدة أن هناك تلوثا إشعاعيا وكيميائيا في كلا الموقعين.
وموضحة، أن أجهزة الطرد المستخدمة لتخصيب اليورانيوم تستخدم سداسي فلوريد وهو شديد التفاعل، وإذا تم إطلاق اليورانيوم من الخزان أو أجهزة الطرد المركزي، سيتحول عند ملامسته للرطوبة في الهواء إلى فلوريد الهيدروجين وغاز فلوريد اليورانيوم.
وأوضحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن اليورانيوم 235 يصدر إشعاعات ألف بشكل أساسي، وحتى مع إمكانية حجبها عن طريق الجلد، فإنها خطيرة عند استنشاقها، بينما حددت الخطر النووي الأساسي الناجم عن نطنز، في تسرب فلوريد اليورانيوم المكون من يورانيوم عالي التخصيب.مضيفة، أن الآثار البيئية للهجمات على المواقع العسكرية تتباين تباينا كبيرا وتعتمد على المواد والأنشطة الموجودة في كل موقع، وتتمثل هذه الأخطار في الملوثات النموذجية لهذه المواقع، والزيوت، ومواد التشحيم والمعادن الثقيلة، والمواد النشطة، ومركبات الحرائق، والديوكسينات والفورانات.
إيران المتضرر البيئي الأكبر
تشير الإحصائيات التي نشرتها مختلف الهيئات الدولية المتخصصة في المناخ والبيئة ودراسة النزاعات، إلى أن إيران تواجه بصمة بيئية أكبر جراء الحرب مقارنة بإسرائيل، مع أن حوادث بيئية ذات صلة قد وقعت في الكيان أيضا، ففي جوان أصابت صواريخ مجمع مصفاة بازان للنفط قرب حيفا، مما تسبب في اندلاع حرائق وأضرار بخطوط الأنابيب.
كما تبرز التقارير أن كل ذلك يمكن أن يلحق أضرارا بالمناطق الحضرية، بما فيها المباني التجارية والسكنية، جراء مخاطر استنشاق مواد البناء المسحوقة ومنتجات الاحتراق.ويمثل الأسبستوس الذي حظرت إسرائيل استخدامه في عام 2011، مشكلة في أجزاء كبيرة من المنطقة، ولا يزال يثير قلقا بالغا في غزة خاصة وأن إسرائيل تحتفظ بأكثر من 100 مليون متر مربع من ألواح الإسمنت الأسبستي.ولعل من أبرز المخاوف التي أشارت إليها وكالة الطاقة، هي مخاطر التلوث المرتبطة بمنشآت الصواريخ المتضررة، إذ تمتلك إيران مجموعة متنوعة من الصواريخ الباليستية التي تعمل بالوقود الصلب والسائل، والعديد من أنواع وقود الصواريخ السائلة شديدة السمية، مثل بعض صواريخ إيران قصيرة المدى التي تعتمد على تصاميم سكود السوفيتية، والتي تستخدم كوقود ثنائي ميثل هيدرازين غير متماثل، وكمؤكسد حمض النتريك الأحمر المدخن المثبط.وقد ثبت أن إدارة هذه الأنواع وغيرها من وقود الصواريخ السائل والتخلص منه أمر بالغ الصعوبة في بيئات مثل أفغانستان وليبيا وأوكرانيا.وبحسب ما أشار إليه تقرير خاص لمرصد النزاعات والبيئة، فإن الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، تشكل تهديدا للغلاف الجوي العلوي، بحيث تعتبر طبقات الستراتوسفير والميزوسفير حساستين بشكل خاص لحقن الملوثات، إذ تكون عمليات إزالتها بطيئة جزئيا بسبب عدم هطول الأمطار.
ويمكن للتلوث أن يغير التركيب الكيميائي ودرجة الحرارة وأنماط دوران المواد، ويعتمد ذلك على حجم التأثير الدقيق المسجل على تركيبة الوقود أو المواد، والارتفاع الذي تطلق فيه.
إعداد: إيمان زياري
الخبيرة البيئية فاتن الليثي
غزة نقطة ساخنة وسيناريو المنشآت النووية ينذر بكارثة عظمى
وصفت الخبيرة البيئية والبروفيسور بكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة باتنة، البروفيسور فاتن الليثي، العدوان على غزة بالنقطة الساخنة، واعتبرت أن الأخيرة تعاني وبكل المقاييس من مخاطر بيئية متعددة الأبعاد.
وأوضحت، أنها تجمع بين أوجه التلوث بمستوياته القاتلة وتراكم النفايات بأحجام مهولة، إلى جانب فقدان التنوع البيولوجي بكافة أشكاله ومظاهره برا وبحرا، إضافة لما تدفع به العمليات الحربية المكثفة وآلاف أطنان الذخائر والقنابل من آثار سلبية على الاحترار وتغير المناخ.
واعتبرت الليثي، أن الحروب من بين العوامل الرئيسية المسؤولة عن تدمير البيئة، إذ تسبب تلوثا مباشرا وغير مباشر وتدهورا في التنوع البيولوجي وتغيرا في المناخ.وبحسبها، تشمل الأضرار البيئية للحروب، تلوث الهواء والماء والتربة بالمواد السامة، وتدمير الغابات والأراضي الزراعية، وفقدان الأراضي الصالحة للزراعة، كما أن استخدام الأسلحة وتحركات القوات وتدميرها أعمال تزيد من تدهور البيئة والتلوث سريع الانتشار والعابر للحدود.وأضافت الخبيرة البيئية، أن الحروب تتسبب كذلك في آثار سلبية أخرى على البيئة مثل تدمير الموائل الطبيعية، وزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، مما يفاقم مشكلة تغير المناخ، مضيفة أن تأثيرها يمتد لاقتصاديات الدول والقدرة على التعافي البيئي بعد توقف الحروب.وبشأن الأضرار البيئية التي لحقت بغزة جراء الحرب واسعة النطاق، أوضحت أنها أفرزت مزيجا من تدمير الأراضي الزراعية، وتهجير السكان والقصف والحصار الإسرائيلي الشامل، مما أدى أيضا إلى معاناة القطاع من المجاعة.مشيرة إلى أن الكيان الصهيوني وبحلول مارس 2024، كان قد دمر ما يقرب نصف الغطاء النباتي «أشجار» والأراضي الزراعية بواسطة الجرافات والقنابل.كما تتحدث من جانب آخر، عن الخطر الكبير الذي يتهدد المياه في غزة وأوضحت أن النزاع أدى إلى إغلاق محطات معالجة مياه الصرف الصحي، مما تسبب في تلويث الشواطئ والمياه الساحلية والتربة والمياه المعدنية.
نحو تكرار سيناريو «فوكوشيما» و»تشرنوبل»
وبالنسبة للحرب على إيران، وصفت الخبيرة الأمر بالخطير، خاصة في حال تضمن سيناريوهات تشمل ضرب بقية المنشآت النووية، فكل واحدة منها تخدم وظائف مختلفة في البرنامج النووي كتخصيب اليورانيوم والبحوث العلمية، وتوليد الطاقة، وتحدد طبيعة هذه المنشآت نوع وكمية المواد المشعة المخزنة بها، مما يفرز عواقب بيئية.وتحذر الليثي، من الآثار الوخيمة لضرب المحطات النووية الإيرانية ، مؤكدة أنه سيؤدي إلى كوارث بيئية تشبه ما حدث في «تشرنوبل» سنة 1986 و»فوكوشيما» 2011.
موضحة، أنه يمكن للانفجار الفوري الناتج عن ضرب المحطة أن يدمر البيئة التحتية التي تقع ضمن 1 إلى 5 كيلومترات حولها، مع مستويات إشعاعية عالية جدا وتأثيرات حرارية تؤدي إلى حرائق بحسب قوة الضربة. وتشير الخبيرة، إلى احتمال أن تكون هذه المنطقة قاتلة على الفور لأي شخص، ومن المرجح أيضا حسبها إنشاء منطقة استبعاد كبرى، وستكون هذه المنطقة ملوثة بشدة الغبار المشبع مع مرور الوقت، مما يجعلها غير صالحة للسكن على مدى عقود من الزمن، في ظل تلويث التربة ومصادر المياه، والنباتات، وكل إمدادات الغذاء، مما يؤدي حسبها إلى تدهور بيئي طويل الأمد يمتد تأثيره إلى أجزاء واسعة من المنطقة.
إ.ز
زين العابدين هبول مطور أنظمة دفع خاصة بالأقمار الصناعية
الأقمار الصناعية فعالة جدا في حماية البيئة والتنبؤ بالكوارث
أكد الباحث الجزائري المتخصص في تطوير أنظمة الدفع الخاصة بالأقمار الصناعية، من جامعة "بيهانغ" بالصين، زين العابدين هبول، على أهمية الأقمار الصناعية التي تعد حاليا واحدة من أهم التقنيات التي توفر بيانات ومعلومات تساعد في حماية البيئة والتنبؤ بالكوارث الطبيعية قبل حدوثها، كما تحدث عن مجهودات الجزائر في هذا المجال، موضحا أنها لم تصل بعد إلى المعدلات التي تحقق الاكتفاء الذاتي.
وحتى توفر الجزائر عددا كافيا من الأقمار الصناعية تغطي مساحتها الشاسعة، يرى الباحث أن الحل يمكن في الأقمار صغيرة الحجم التي يتوجه نحوها كل العالم اليوم لخصائصها التقنية والاقتصادية غير المكلفة كما تطرق في حديثه للنصر، إلى اقتراحات وحلول تنهض ببلادنا في مجال التطبيقات الفضائية المتخصصة في الأمن البيئي.
تقدم معلومات استباقية للوقاية والتدخل السريع
وأوضح الباحث، أن الدول تسعى لتطوير بناها التقنية والمعلوماتية في ميدان الأقمار الصناعية نظرا لأهميتها في حماية البيئة من الأخطار سواء حرائق، أو القطع الجائر لأشجار الغابات خصوصا الكبيرة منها وكذا مواجهة التلوث باختلاف أوجهه.
وتوفر هذه التقنية معلومات تسمح بعقد مبادرات عالمية لحماية البيئة والمسطحات المائية، والحفاظ على الغابات الكبرى، مشيرا إلى بعض الأنواع كالأقمار الصناعية المزودة بكاميرات، أو الكاميرات متعددة الأطياف، والأقمار المزودة بالرادارات.
وتحدث المتخصص في تطوير أنظمة الدفع الخاصة بالأقمار الصناعية، من جامعة "بيهانغ" الصينية، عن البرامج المتخصصة في حماية البيئة التي تشترك فيها عدة دول، وتسمح بتوفير معلومات عبر "الساتل" مثل برنامج "غروب اون إيرث أوبسيرفيشن"، الذي تشترك فيه أكثر من 100 دولة ممثلة في شركات، ومجتمع مدني، وجمعيات، حيث تعمل هذه المؤسسات مع بعضها كما أوضح، على توفير معلومات ميدانية لمواجهة التغيرات المناخية.
كما يوجد البرنامج الأوروبي "كوبرنيكوس" مفتوح المصدر الذي يوفر البيانات من خلال الأقمار الصناعية "سانتينال 1" و"سانتينال2" راصدا تغيرات الغطاء الأخضر، وجودة التربة، وذوبان الجليد في القطبين، وكذا قياس حرارة سطح الأرض ومقارنتها بما كانت عليه في سنوات سابقة، بالإضافة إلى برامج أخرى تابعة لوكالة "ناسا"، وبرامج للأمم المتحدة.
وأوضح في هذا الصدد، أن الدول لا تستطيع العمل لوحدها في هذا الجانب مما يسبب نقصا في المعلومات، فالأقمار الصناعية التابعة لدولة معينة وفقا له، عندما تدور حول الأرض تستطيع استشعار اندلاع حريق في منطقة تكون فوقها ومن ثمة تعلم تلك الدولة بما يحصل فوق أراضيها.
الذكاء الاصطناعي طور عمل الأقمار الصناعية
وعرج هبول، إلى تطور عمل الأقمار الصناعية بعد تزويدها بتقنيات الذكاء الاصطناعي، التي ساعدت على تجاوز بعض التحديات السابقة من بينها الدراسات النظرية والتطبيقية التي تعتمد على عدد كبير من الباحثين ليحللوا بيانات ضخمة، ناهيك عن توفر ما يُعرف حاليا بدمج البيانات عن طريق الذكاء الاصطناعي، وقد ساعد في ذلك تزود الأقمار الصناعية بمجسات البطارية، كاميرات، كاميرات حرارية، ورادارات.
كما أشار الباحث، إلى استخدام تقنيات أخرى مساعدة مثل التعليم العميق لتصنيف الغطاء النباتي واكتشاف التغيرات الطارئة عليه من خلال نماذج الذكاء الاصطناعي المطورة.
ومن التحديات التي ذكرها أيضا، صعوبة التقاط القمر الصناعي لما يجري داخل بعض الغابات بسبب كثافة الغيوم، وذكر على سبيل المثال غابة الأمازون.
وتحدث بالمقابل، عن برمجيات حديثة مثل "جان"، وتقنيات نزع الضباب والتشويش في الصورة، فضلا عن قدرتها على التعرف على ما يحصل والتنبؤ بالحرائق حسب طبيعة المناطق، إذا كانت جافة أو حرارتها مرتفعة، وقال هبول إن هذا التطور أسهم في منح الوقت للدول حتى تستعد لمواجهة التهديدات القادمة.
هكذا تحقق الجزائر التصنيع الذاتي للأقمار الصناعية
وبحسب الباحث المتخصص في تطوير أنظمة الدفع الخاصة بالأقمار الصناعية، من جامعة "بيهانغ" بالصين، زين العابدين هبول، فإن وكالة الفضاء الجزائرية كانت تملك عدة أقمار صناعية مخصصة للاستشعار ذكر منها "آلسات 1"، "آلسات 1 بي"، "آلسات 2 آ"، "ألسات 2 بي"مردفا، أنها كانت موجهة لمراقبة استخدام الغطاء النباتي، وأخرى لرصد الحرائق في الغابات وقد شاركت في مهمات عديدة.
مضيفا، أن المتصفح يستطيع الولوج إلى موقع وكالة الفضاء الجزائرية ليشاهد صورا عديدة التقطتها أقمار صناعية لاندلاع حرائق في دقائقها الأولى، واعتبر أن التنبؤ المبكر يساعد على التدخل في وقت أسرع ويحصر انتشار اللهب.
وتحتاج الجزائر وفقا للمتحدث، إلى توسيع استخدام هذه التقنية نظرا لشساعة مساحتها وما تحتاجه عملية مراقبة كل الغطاء النباتي، ناهيك عن توظيفها في المجال الزراعي، وكذا حماية المسطحات المائية.
ويرى، أن الأقمار الصناعية صغيرة الحجم مثل "ميكرو سات"، "نانو سات"، "كيوب سات"، تعد حلا أنسب لأن تصنيعها وإرسالها إلى الفضاء غير مكلف فضلا عن أن العالم كله يتوجه حاليا نحوها.
واعتبر الباحث، أن مشروع الانطلاق في إنتاج الأقمار الصناعية ليس بتلك السهولة كونه يحتاج إلى قاعدة صناعية جيدة وتكنولوجيات جد متقدمة في الإلكترونيات، والطاقة، والإرسال، ومشوار الجزائر في هذا المجال ما يزال طويلا حتى تستطيع الوصول إلى صناعة ذاتية.
ومن جملة الحلول والاقتراحات التي طرحها ويرى أنها ستحقق الفائدة، لفت إلى التوجه نحو الخوصصة لأن عددا كبيرا من شركات الأقمار الصناعية في العالم هي شركات خاصة حسبه.
وذكر، أن المعدل العالمي حاليا يشير إلى أن 50 بالمائة من الأقمار الصناعية تنتجها شركات خاصة تبيع البيانات، والصور والمعلومات والجزائر بدورها تستطيع الاستثمار في فتح المشاريع للشركات الناشئة أو شركات خاصة صغيرة.
مضيفا، أن البلد في حاجة إلى التطور في جانب المعلومة المحينة وتوفيرها، وذكر مثلا الرغبة في التعرف على التغيرات الطارئة في الغابات والتي تحتاج إلى توفر معلومات محينة حول الغطاء النباتي، كذلك الأمر فيما يخص نسب التلوث، ورمي الأوساخ، والقطع الجائر، والتخلص من النفايات المنزلية، وقال إن توفرها يسمح بمواجهة المشكلة سواء بتقنيات الأقمار الصناعية أو أخرى عادية.
كما تحدث الباحث أيضا، عن الاستعانة بشركات تقدم أبحاثا لتقنيات برامج مفتوحة المصدر، تحتوي على صور ملتقطة بأقمار صناعية يمكن أن يلج إليها أشخاص عاديون و يضيفون معلومات جديدة حول المشاكل البيئية فضلا عن رفع صور وإرسالها بالهاتف، وهكذا يستطيع المسؤولون على البرنامج الكشف عن المشكلة مباشرة، مثل إنذارات الحرائق.
واعتبر، أن هذه التقنيات أصبحت تشكل حجر الأساس سواء في حماية البيئة، أو التصدي للكوارث الطبيعية في كل أنحاء العالم.
إيناس كبير
صممه متربصان بمعهد التكوين المهني بتبسة
مبتكر يحول النفايات إلى غاز حيوي صديق للبيئة
عرض مؤخرا، متربصان بالمعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني بن طبال سليمان في مدينة تبسة، مشروعا في مجال الاقتصاد الدائري يحمل اسم Bio Gaz، وهو نظام متكامل لتحويل النفايات العضوية “الزراعية، الحيوانية، والمنزلية” إلى غاز حيوي صديق للبيئة، مما يقدّم حلا مستداما للتحديات البيئية والطاقوية.
وحسب المدير الولائي للتكوين المهني بالولاية لزهر بوذراع، فإن هذا الإنجاز ثمرة جهود المتربصين إسلام طالب وياسين طاهري، تخصص تقني سامي في الكيمياء الصناعية، وقد أشرفت عليه كوادر المعهد، حيث يلعب دورا مهما في تعزيز الطاقة المتجددة، وتحقيق الاستدامة البيئية، وتمكين الاقتصاد المحلي، فضلا عن تقديم حلول عملية لإدارة النفايات.
من جهتهما، أوضح المتربصان للنصر، أن آلة إنتاج الغاز من النفايات العضوية هي عبارة عن برميل توضع فيه النفايات، مكون من صمام بغطاء لإدخالها وآخر لخروج الغاز، زيادة على نقطة لخروج العصارة، وصمام أمان كبير.
ويمكن بفضل المبتكر، إنتاج 1متر مكعب من الغاز الحيوي ، من 10 كلغ من النفايات العضوية، مما يسمح بإنتاج الغاز للتدفئة والطهي، ويعود بالفائدة على سكان مناطق الظل على وجه الخصوص.
كما تكمن أهمية المشروع حسب المتربصين الاثنين، في الاستغلال الاقتصادي للنفايات وتثمينها من خلال استخلاص الطاقة منها، إلى جانب المحافظة على البيئة والمحيط، ويمكن الاستفادة من البيوغاز المستخرج، في إنتاج الطاقة الكهربائية وكذا استخدامه كوقود للسيارات.
وقد أكد مدير القطاع، أن مؤسساته تشتغل على فكرة الاستثمار في كفاءات الشباب كأساس للتنمية المستدامة، والمشروع يعكس قدرات المتربصين على تقديم حلول مبتكرة للتحديات البيئية.
ع.نصيب