أكدت رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدنية ابتسام حملاوي، أمس الأحد، بالبويرة، على ضرورة تضافر جهود المجتمع المدني الذي يضم 140 ألف جمعية عبر كامل...
أكد الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، جمال عيسى اللوغاني، أمس الأحد، أن النفط والغاز سيظلان يشكلان أكثر من نصف مزيج...
ترتسم في قلب سلسلة جبال جيجل الساحرة، لوحة طبيعية يشكلها العناق الجميل بين غابة الزان وواد أزاون، ببلدية وجانة التابعة لدائرة الطاهير. يشكل الفضاء...
استعراض وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، إبراهيم مراد، مع السفير الصيني آفاق التعاون المشترك بين الجزائر وبكين، و برنامج النشاطات الثنائية...
تجتمع أكثر من 180 دولة حول العالم في جنيف بسويسرا، في الجولة الأخيرة من المفاوضات الدولية لصياغة أول معاهدة دولية حول ضبط إنتاج البلاستيك، وإنهاء أزمة التلوث بعد فرض إطار قانوني شامل يغطي دورة حياة المادة من التصميم والإنتاج، وصولا إلى التخلص النهائي منها.
إعداد :إيمان زياري
وتأتي الجولة المعروفة رسميا "لجنة التفاوض الحكومية الدولية 5.2"، عقب انهيار المفاوضات السابقة في بوسان في كوريا الجنوبية، لتشكل تحديا للفاعلين الرئيسيين والمندوبين لتحويل الطموحات إلى أفعال.
تعقيدات وتوترات تربك سير المفاوضات
يجتمع المفاوضون للمرة السادسة، أملا في أن تكون الجولة الأخيرة استكمالا لمعاهدة تاريخية تهدف لإنهاء أزمة تؤثر على كل النظام البيئي وكل شخص يعيش على هذا الكوكب، وتدور المفاوضات وسط خلافات حول مدى ضرورة إلزام المعاهدة بخفض إنتاج البلاستيك، إذ تعارض الدول القوية المنتجة له الأمر، وتؤكد على أن إعادة التدوير وإعادة التصميم كفيلة بحل المشكلة. بينما ترى منظمات ودول أخرى وشركات خلاف ذلك.
وقال "لويس فالديفيسو" رئيس لجنة التفاوض المعنية بوضع صك ملزم قانونا بشأن التلوث البلاستيكي : "نحن على يقين تام من أن لا أحد يرغب في التلوث البلاستيكي، ومع ذلك، لم نتمكن من إيجاد طريقة منهجية وفعالة لوقفه".
ويفترض أن تشمل القضايا الرئيسية للتفاوض، الحد من إنتاج البلاستيك وإدارة النفايات، والقضاء على المواد السامة المضافة والمستخدمة فيه وحظره، ومحاسبة المنتجين من خلال آليات المسؤولية الموسعة، وتعزيز البدائل المستدامة وتحسين معايير التصميم.
لكن جماعات الضغط المعنية بالوقود الأحفوري والكيمياويات سيطرت على فعاليات المفاوضات، وبرزت التوترات القائمة على اتهام عدد قليل من الدول الرئيسية المنتجة للنفط والبتروكيماويات بعرقلة التقدم، وهي ما يطلق عليه بشكل غير رسمي "المجموعات ذات التفكير المماثل"، و المتهمة بالضغط للحد من جهود تقييد إنتاج البلاستيك.
وكشف تقرير لمنظمة "غرين بيس" أن جماعات الضغط التابعة لقطاعات الوقود الأحفوري والبيتروكيماويات، تشكل أكبر وفد في المفاوضات، بما يزيد من مجموع وفود الاتحاد الأوروبي بأعضائه مجتمعة، بينما أفادت تقارير أخرى، أن عدد هؤلاء قد وصل إلى 234 شخصا، وهو رقم يفوق حتى الوفود العلمية وعدد الدول المشاركة، مما يثير مخاوف من تأثيرهم غير المناسب على صياغة المعاهدة.
وبالإضافة إلى ذلك، أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية مذكرة إلى بعض الدول، تعارض فيها وضع قيود على إنتاج البلاستيك، مبررة ذلك بالحفاظ على مصالح الصناعة الأمريكية، في موقف يعبر عن تأثير القوى النفطية العالمية.
الخبيرة في الاقتصاد الدائري والبيئة بسمة بلبجاوي
المفاوضات نقطة فاصلة في ملف التلوث والحل في الابتكار
قالت الخبيرة في الاقتصاد الدائري والبيئة، ورئيسة منظمة "سينارجيا" للبيئة، السيدة بسمة بلبجاوي، إن مفاوضات جنيف للبلاستيك تمثل نقطة فاصلة في الحرب ضد التلوث البلاستيكي. وعبرت عن أملها في أن تكون شاملة ومرنة وملزمة، بما يكفي لتستمر لعقود وتعالج الأزمة العالمية، منتقدة ضعف الحضور الدبلوماسي والبيئي للدول الإفريقية والنامية في هذه المعاهدة التاريخية.
وأكدت على أن العمل البيئي ليس عملا ظرفيا أو موضة، وإنما يجب أن يكون نشاطا فعليا نؤمن به ونجعله من أولويات كل سياسات دول العالم خاصة الفقيرة والنامية، لأن استغلالها المفرط للموارد سيتسبب في استنزافها في ظرف 100 سنة.
داعية، إلى استحداث حل دائري وسط اقتصاد أخضر، يعكس نمط نشاط جديد يسمح للصناعة و الاقتصاد بالازدهار معا، مع المحافظة على البيئة وتحقيق عدالة اجتماعية دائرية تدعم الاقتصاد والبيئة، وطفرة حقيقية في أفكار العالم والجزائريين على وجه الخصوص.
البلاستيك يكتسح العالم
وكشفت الخبيرة أن إنتاج البلاستيك العالمي سنة 2024 تجاوز 500 مليون طن، منها 399 مليون طن نفايات، ومن دون اتفاقية دولية ملزمة فإن النفايات مرشحة للتزايد 3 أضعاف بحلول العام 2060.
وأوضحت أن أكثر من 50 بالمائة من هذه النفايات ترمى في البحار والأنهار والمحيطات، وأضافت أنها مادة تتواجد اليوم في كل مكان بحسب ما تؤكده دراسة للبنك الدولي، بينت أنه بحلول 2050 يصبح نصف محتوى البحر أسماكا والنصف الآخر عبارة عن بلاستيك، وحتى الأسماك الموجودة ملوثة بجزيئات بلاستيك النانو التي تنتقل إلى جسم الإنسان.
وانتقدت بلبجاوي، كثرة المواد ذات الاستعمال الواحد كأكواب البلاستيك والقارورات التي قالت إن القانون الجزائري 25/02 المعدل لقانون 19/06 الخاص بتسيير النفايات في الجزائر، تحدث عن منعها دون تحديد الطريقة والإستراتيجية لتحقيق ذلك.
أهمية تاريخية مرهونة بالنتائج
وشبهت الخبيرة هذه المفاوضات باتفاقية باريس للمناخ بالنسبة لأهميتها التاريخية، وقالت بأن نجاحها من شأنه أن يغير مسار التلوث البلاستيكي العالمي ويؤسس لدعامة قانونية دائمة، وفشلها يعني استمرار الأزمة بشكل يهدد النظم البيئية والصحة العامة وأمن الدول.
وأضافت، أن المفاوضات تأتي في ظل التزام عالمي تم تبنيه في مارس 2022 في نيروبي، ويقضي بالتوصل إلى نص نهائي للمعاهدة قبل نهاية سنة 2024، لكنه تأجل.
علما أن ما تم التوصل إليه بشأن المعاهدة لا يعتبر كافيا بحسب قراءة رئيس المفاوضات الذي أكد أن التقدم المحرز ليس كافيا، وأن المحادثات وصلت إلى مرحلة حاسمة.
وقالت الخبيرة، إن تعثر المفاوضات أدى إلى تضخم المسودة التي تعدت 22 صفحة إلى 35 صفحة، مع احتمال زيادة عددها أكثر، بينما قفز عدد التحفظات من 371 إلى 1500 تحفظ، ما يعكس عمق الخلافات، وعدم وجود شفافية في المقترحات، ولا إشارة إلى الدول أو المجموعات التي قدمت مقترحات جديدة.
وستصعب هذه العراقيل حسبها، معرفة مدى الدعم الفعلي لها فضلا عن وجود قضايا عالقة منها عدم الاتفاق حول كيفية صياغة المواد الجوهرية، وغياب التقدم نحو فهم مشترك بين الدول، بينما الوقت محدود بعد استنفاد مدة سنتين ونصف في المفاوضات.
واعتبرت بلبجاوي، المفاوضات مهمة جدا، بعد أن وصل العالم إلى نقطة وصفتها بالخطيرة بالنسبة للتلوث بالبلاستيك، خاصة على مستوى البحار والمحيطات.
وأكدت، أن هنالك تحالفا طموحا للقضاء على هذا التلوث، يضم العديد من المجموعات المنقسمة، بحيث تتمثل الأولى في دول تؤمن بوجوب التزام صارم يبدأ من حل المشكل من المصدر وليس معالجة النفايات فقط. وتمارس الثانية ضغطا كبيرا للتخفيف من حدة الالتزامات بحجة الحفاظ على مصالحها الاقتصادية، ناهيك عن مجموعة المنظمات البيئية التي تحذر من قوى الضغط والدول الكبرى وتأثيرها على إمكانية الوصول لمعاهدة قوية.
دعم الابتكار في الصناعة البلاستيكية قد ينهي الأزمة
وترى الخبيرة، أنه قبل التوجه نحو التقليل من مادة البلاستيك من المصدر، يجب وضع صندوق مالي دولي للابتكار في التكنولوجيات الحديثة لإنتاج مادة بلاستيكية قابلة للتحلل البيولوجي، أو أي بديل له بما يمثل مادة أخرى قابلة أيضا للتحلل وتكون منافسا للصناعة البلاستيكية الحالية.
وتؤكد أنه يمكن تحويل البلاستيك من المصدر، وبالتالي القضاء على التلوث البلاستيكي والاختفاء التدريجي لصناعته الملوثة لتحل محلها صناعة جديدة مبتكرة.
أما بالنسبة للرسكلة، فتؤكد أنها حل جزئي لا يقضي على المشكلة نهائيا فمهما كانت العمليات كبيرة لن تحقق الأهداف المرجوة. مشيرة عكس ذلك إلى التباين المادي فيما بين الدول المتطورة والنامية في معالجة التلوث، إلى جانب تضارب المصالح بين الحفاظ على البيئة والحفاظ على العائدات الاقتصادية من صناعة البلاستيك محليا ودوليا، والتي تعتبر من أكبر الصناعات ولها قوى ضغط كبيرة جدا تصعب من مهمة المراقبة والمتابعة، وآليات العقوبات.
ولتعزيز فرص نجاح المفاوضات، تؤكد الأستاذة بلبجاوي على أهمية الالتزام بالإطار الزمني الصارم المحدد بتاريخ 14 أوت، والتركيز على النقاط الجوهرية، وتمويل ودعم الدول النامية في إدارة النفايات البلاستيكية ودعم الابتكار، ووضع آليات رقابة ومساءلة فعالة، وتقييد نفوذ جماعات الضغط، والالتزام السياسي العالي بمشاركة وزراء ورؤساء دول للضغط على المفاوضين، ودبلوماسية بيئية لكل دولة، وكذا توازن بين خفض الإنتاج وإدارة النفايات.
الباحثة في العلاقات الدولية أمينة زغيب
التحالفات الدولية عامل مصيري في ملف التلوث البلاستيكي
ترى الدكتورة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أمينة زغيب، وهي باحثة في مجال المنظمات والإدارة الدولية بجامعة قسنطينة 3، أنّ قمة جنيف ليست مجرد حدث بيئي تقني، بل معركة سياسية واقتصادية لأجل مستقبل الاقتصاد الدائري والحوكمة البيئية العالمية.
موضحة، أن أزمة التلوث البلاستيكي تشكل اليوم واحدة من أكثر القضايا البيئية إلحاحًا في الأجندة الدولية، حيث تجاوزت أبعادها المجال البيئي لتصبح مسألة مرتبطة بالتنمية المستدامة، والأمن الغذائي، والصحة العامة، والاقتصاد العالمي.
وأشارت، إلى أن إنتاج البلاستيك تضاعف أربع مرات منذ السبعينيات ويصل اليوم إلى مئات الملايين من الأطنان سنويًا، فيما ينتهي نحو 11مليون طن من النفايات البلاستيكية في المحيطات كل عام، مهددة النظم البيئية البحرية وحياة الإنسان على حد سواء.و في ظل هذه الأرقام، برزت الحاجة إلى إطار قانوني دولي ملزم، وهو ما تحاول الأمم المتحدة حسب الدكتورة زغيب، إنجازه عبر سلسلة مفاوضات يرتقب أن تتوج بأول معاهدة عالمية ملزمة للحد من التلوث البلاستيكي خلال قمة جنيف 2025.
ديناميكيات التحالفات وتوازنات القوة في المفاوضات البيئية
تؤكد الباحثة، أن المسار نحو هذه المعاهدة يكشف عن واقع معقد تتحكم فيه تحالفات دولية متشابكة، وتتقاطع فيه جملة المصالح البيئية، والسياسية والاقتصادية. ففي المعسكر الأول توجد الدول الصناعية الكبرى، مثل الولايات المتحدة، واليابان، وألمانيا، الداعمة لمبادرات الحد من التلوث مع تحفظ على النصوص التي تفرض تخفيضًا صريحًا في إنتاج البلاستيك، نظرًا لاعتماد صناعاتها الثقيلة والبتروكيماوية عليه.
وفي المعسكر الثاني، توجد الدول النامية وعلى رأسها العديد من الدول الإفريقية، التي ترى في المعاهدة فرصة للحصول على التمويل ونقل التكنولوجيا، وبناء بنية تحتية لإدارة النفايات، لكنها تخشى في الوقت ذاته من تحول الالتزامات البيئية إلى عبء اقتصادي جديد إذا لم تترافق مع دعم مالي وفني ملموس.
شبكات الضغط الصناعي وتأثيرها على مسار صياغة المعاهدات
وتتحدث الدكتورة زغيب، عما أسمته بالمواجهة غير المعلنة التي تدور في جنيف بين قوتين فاعلتين هما اللوبيات الصناعية والمنظمات البيئية الدولية. وأوضحت أن الأولى متمثلة في شركات النفط والبتروكيماويات العملاقة مثل إكسون موبيل، وشيفرون فيليبس، وساينوبك، تدرك أن أي التزام ملزم بخفض إنتاج البلاستيك يهدد أساس نماذجها الاقتصادية، لذلك تمارس ضغوطًا منظمة في مراكز القرار السياسي الكبرى، بما في ذلك واشنطن وبروكسل وجنيف، بهدف إفراغ نصوص المعاهدة من بنود الخفض الإلزامي، وتحويل التركيز نحو إعادة التدوير الطوعي وتحسين إدارة النفايات.تقول الخبيرة، بأن المنظمات البيئية العالمية، مثل "غرين بيس"، و"بريك فري فروم بلاستيك"، و" دابل يو دابل يو دابل يو آف"، تتحرك بخطاب تعبوي عالمي، وتضغط لتضمين نصوص صارمة بخفض إنتاج البلاستيك بنسبة لا تقل عن خمسين في المائة بحلول عام 2040. مع التأكيد على أن إدارة النفايات وحدها لن تحل الأزمة طالما ظل الإنتاج في ارتفاع مستمر، مضيفة أن هذه المنظمات تستند إلى دعم الرأي العام وحملات التوعية، لكنها تواجه مقاومة قوية من تحالف مصالح يجمع بين بعض الدول المصدّرة للبلاستيك والقطاع الصناعي المرتبط به.
إفريقيا بين الهشاشة البيئية وإمكانات التحول نحو الاقتصاد الأخضر
أما بالنسبة لإفريقيا، فتقول المتحدثة أن موقعها في هذه المعادلة فريد ومزدوج، فهي لا تنتج سوى نسبة ضئيلة من البلاستيك عالميًا، لا تتجاوز أربعة في المائة، لكنها تتحمل أعباء بيئية جسيمة نتيجة استيراد النفايات البلاستيكية من الشمال، في ظل ضعف أنظمة إدارة النفايات محليًا. وبالرغم من أن القارة يمكن أن تكون مستفيدًا من المعاهدة عبر التمويل الأخضر وتطوير صناعات إعادة التدوير، إلا أن الخطر قائم بأن تتحول الالتزامات البيئية إلى أداة جديدة لتكريس التبعية الاقتصادية إذا لم تُبنَ شراكات عادلة تضمن نقل التكنولوجيا وبناء القدرات المحلية.
أما على صعيد الانقسام الشمالي–الجنوبي، فترى الدكتورة زغيب أن معاهدة جنيف2025، ستشكل اختبارًا لمدى قدرة المجتمع الدولي على تجاوز فجوة الثقة بين الطرفين، الشمال الممتلك للتكنولوجيا ورأس المال، والجنوب المستحوذ على الموارد والأسواق، لكن غياب آليات دعم فعالة يجعل أي التزامات محفوفة بالمخاطر على الدول النامية.
وينعكس هذا الانقسام حسبها، في مفاوضات المعاهدة حيث يميل الشمال إلى صياغة نصوص أكثر مرونة، بينما يطالب الجنوب بآليات تمويل ملزمة وبنود واضحة لنقل التكنولوجيا.
السيناريوهات المستقبلية لتطبيق المعاهدة بعد جنيف 2025
وتقول الباحثة في مجال المنظمات الدولية، إن الضبابية ما تزال تكتنف مسار المفاوضات، لذلك فإن استشراف ما بعد جنيف 2025 يفتح ثلاثة سيناريوهات محتملة: الأول إيجابي يتمثل في إقرار نص ملزم بخفض الإنتاج، مقرون بصندوق تمويل لدعم الدول النامية، مما قد يؤدي إلى خفض التلوث البحري بنسبة ملحوظة بحلول منتصف القرن. أماّ السيناريو الثاني فيحمل حسبها خيبات كبيرة، إذ سينتهي الأمر باتفاق غير ملزم يتحول إلى وثيقة نوايا لا تُغيّر من الواقع شيئًا، ليستمر الإنتاج العالمي في الارتفاع.
والثالث، وهو الأكثر ترجيحًا، وهو سيناريو وسط يقر بنودًا ملزمة جزئيًا تركز على إدارة النفايات أكثر من الإنتاج، مع تفاوت كبير في التطبيق بين الشمال والجنوب.وخلصت الدكتورة زغيب، إلى أن نجاح المعاهدة متوقف على قدرة الأطراف على الموازنة بين حماية البيئة وتحقيق العدالة التنموية، وعلى استعداد الشمال لتحمل مسؤولياته التاريخية في الأزمة.
أما بالنسبة لإفريقيا، فإن قدرتها على الاستفادة من هذه اللحظة التاريخية ستعتمد على تبني استراتيجيات تفاوضية ذكية، وتشكيل تحالفات إقليمية قوية، واستثمار أي مكاسب في بناء اقتصاد أخضر مستدام، حتى لا تتحول هذه الفرصة إلى عبء جديد في مسار التنمية.
المختصة في القانون الدولي نادية شكيل
نحو اتفاقية دولية ملزمة مع قانون دولي يحتمل الفشل
قالت المختصة في القانون الدولي بكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة قسنطينة 3، الأستاذة نادية شكيل، بأن محاولة صياغة اتفاقية دولية أو كما تسمى أحيانا على موقع هيئة الأمم المتحدة اتفاقية "عالمية" دليل على الوعي بقضية الحد من التلوث البلاستيكي، خصوصا في ظل اجتماع ممثلين عن أغلبية دول العالم مرفقين بمنظمات مراقبة وخبراء. علما أن المفاوضات تتم برعاية برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وهو أمر قد يعطي التزاما معنويا حتى للدول غير المعنية بها، أو التي قد لا تنضم للاتفاقية في حال إصدارها.وأكدت، أن عدد المتفاوضين في جنيف اليوم، لا يشكل دليلا على بوادر نجاح الاتفاقية إن تم إصدارها، خاصة أنها استغرقت وقتا طويلا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أهمية الموضوع والوضع الحرج الذي يشهده العالم على المستوى الصحي، بسبب ما أسمته بالانفلات الصارخ في استخدام البلاستيك، والعجز أمام النفايات البلاستيكية أو عدم الاهتمام بالتخلص منها.
القانون الدولي قد يسقط أمام البلاستيك
وأوضحت الأستاذة شكيل، أن القانون الدولي العام رغم تمكنه من حل عديد المسائل والقضايا عبر العالم، إلا أنه فشل أمام أخرى أبرزها الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حق فلسطينيي غزة منذ أكثر من 670 يوما، رغم أن كل ما يقوم به الكيان يخرق أهم القواعد الآمرة للقانون الدولي. أي أن وجود ذلك القانون لا يوفر دائما الأمن بمختلف أشكاله.
وقالت، إنه إذا ما نظرنا للأمن البيئي والمناخي، ودون الابتعاد عن التلوث البلاستيكي، سنجد دولا كبرى تتنصل من الالتزام باتفاقيات المناخ، رغم أنها الأكثر إضرارا به، ما يطرح حسبها سؤالا حول كيف ستلتزم هذه الجهات باتفاقية تكافح التلوث البلاستيكي؟
وتحمل المختصة في القانون الدولي، المجتمع المدني والمحلي المسؤولية من خلال فرض الاهتمام بهذا المجال الذي قالت بأنه يجب أن يبدأ من الداخل، لترسيخ ثقافة الحفاظ على البيئة من المواد والنفايات البلاستيكية خاصة لدى المؤسسات التي تسعى لتحقيق الربح دون اعتبار لحق الإنسان في مستوى صحي لائق، لا تحفظ حقوق الأجيال القادمة في بيئة ومناخ مناسبين للعيش. لأن الوعي وحده حسبها، قادر على تحويل الأمر إلى قانون دولي عرفي يحمل قواعد آمرة، يمكن صياغتها في شكل اتفاقية دولية ملزمة تعنى بهذا المجال، الذي أكدت أنه لا يقل أهمية عن المبادئ التي تضمنها ميثاق هيئة الأمم المتحدة مثل حظر الجرائم ضد الإنسانية.
وأكدت الأستاذة شكيل، أن هذه الاتفاقية التاريخية التي ينتظرها العالم لن تكون ذات قيمة أو فعالية، إلا بمراعاة جملة من المبادئ ممثلة في حظر تصدير النفايات التي تشمل عدة أنواع منها النفايات البلاستيكية، كون الدول التي تستوردها في الغالب هي دول نامية تعجز عن التعامل معها بما يضمن الحفاظ على البيئة والصحة العامة، إلى جانب تفادي الثغرات القانونية في الاتفاقية المقترحة، والتي عادة ما تستخدم من أجل خرق الاتفاقية نفسها والحياد عن أهدافها.
وأكدت المتحدثة أن السعي لإصدار اتفاقيات إقليمية تعالج القضايا البيئية المشتركة من بين المبادئ الأساسية التي يجب مراعاتها، فالتقارب الجغرافي والثقافي قد يجعل الأمر أكثر سهولة وجدية، بينما يساعد دعم الأبحاث العلمية على التقليل أو الحد من استخدام البلاستيك، وليس مجرد تحسين التعامل معه أو مع النفايات البلاستيكية، مشددة أيضا على أهمية دعم المؤسسات الاقتصادية الساعية لاستخدام بدائل البلاستيك في منتجاتها.
رئيس لجنة الصحة والنظافة وحماية البيئة بميلة علي بن صالح
نحو ريادة إقليمية للجزائر في قمة جنيف
يرى رئيس لجنة الصحة والنظافة وحماية البيئة بولاية ميلة، علي بن صالح، أن العالم يشهد اليوم مرحلة حاسمة في مواجهة التلوث البلاستيكي، حيث تمثل قمة جنيف منصة تاريخية لإطلاق معاهدة دولية تحد من النفايات البلاستيكية بعد العديد من الجولات التمهيدية.
ويقول المختص، إن مشاركة الجزائر في هذه المفاوضات تأتي انطلاقًا من قناعة بأن القضية البيئية ليست عبئًا، بل فرصة استراتيجية لاستحداث أسواق جديدة وتوظيف الطاقات الشبابية، ذلك من خلال دعمها لمجموعة من المشاريع التي تهدف إلى إدارة النفايات البلاستيكية بطرق جديدة عبر مؤسسات ناشئة متخصصة.
ويقول الأستاذ بن صالح، بأن مشاركة الجزائر النشطة في قمة المناخ (COP21) بباريس، أثبتت قدرة البلاد على تقريب المواقف بين الشمال الصناعي والجنوب النامي، وظهرت هذه القدرة في وساطتها خلال الاجتماعات التحضيرية الإفريقية، أين دفعت نحو تبني موقف موحد يربط مكافحة التلوث البلاستيكي بالحصول على تمويلات للتنمية المستدامة، معتبرا أنها في جنيف، ستواصل هذا النهج لتكون جسرًا يربط بين متطلبات الدول الصناعية واحتياجات الجنوب.
الاقتصاد الدائري... من الطموح السياسي إلى التفعيل
ولتعزيز مصداقيتها، يؤكد المختص البيئي أن الجزائر لم تكتف بالخطاب السياسي، بل بدأت بتطبيق برامج محلية قوية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك مصانع إعادة التدوير بالعديد من ولايات الوطن، كوهران والجزائر العاصمة والتي تنتج مواد أولية من البلاستيك المعاد تدويره لتلبية احتياجات الصناعات المحلية، ما قلّل حسبه من الواردات ووفر عشرات الوظائف، معتبرا إياها نجاحات ميدانية تمنح الوفد الجزائري أوراق قوة في جنيف، إذ يمكنه القول بثقة إنه ينفذ ما يدعو إليه.
وأثنى الأستاذ بن صالح، على هذه الانجازات الجزائرية التي وصفها بالمعتبرة في الاقتصاد الدائري، قائلا بأنها أصبحت تجذب أنظار الشركاء الدوليين، ما يظهر من خلال إنشاء مشاريع مشتركة لإعادة التدوير في الجزائر، خصوصًا في ولايات الجنوب أين يمكن إنشاء منظومات محلية لإدارة النفايات، وهو أمر سيمكننا من الخوض في مجال الاستثمارات القوية وتفعيل الشراكات في هذا المجال.
ويؤكد المختص البيئي، أن رؤية الجزائر لا تتوقف عند إبرام المعاهدات البيئية وكسب الدعم الدولي، بل تمتد لإدماج البلديات والولايات ومؤسسات المجتمع المدني في تنفيذ السياسات البيئية وترجمتها على أرض الواقع، عن طريق دعم المؤسسات العاملة في المجال عبر تقديم وتسخير كل الوسائل والتسهيلات اللازمة لعملها قانونيا وإداريا. وهكذا سيتحول ما يناقش في جنيف إلى مبادرات محلية من خلال محطات فرز ومصانع تدوير، وحملات توعية، ليصبح التحول البيئي والنقاشات الدولية في جنيف حلولا ملموسة للمواطن.
وختم بن صالح، بالقول إن الجزائر أصبحت قادرة عبر قيادتها الرشيدة ومؤسساتها القوية، واستراتيجياتها الفعّالة، أن تصنع توازنات بيئية بين الدبلوماسية البيئية والتطبيق المحلي المبتكر، على أن تقدم نموذجًا متفردًا لدولة تحوّل التحديات البيئية إلى فرص اقتصادية وتنموية، وينتظر من خلال دورها في قمة جنيف، أن تعزز موقعها كفاعل إقليمي قادر على قيادة مسار بيئي جديد، حيث تلتقي مصالح الشمال والجنوب في رؤية مشتركة للتنمية المستدامة.
تحولت القرى الفائزة في مسابقة "رابح عيسات" لأنظف قرية، التي ينظمها المجلس الشعبي الولائي لتيزي وزو، إلى وجهات سياحية بامتياز، حيث تستقطب أعدادا كبيرة من الزوار والسياح يوميا بحثا عن الجمال الطبيعي، والهدوء والسكينة التي ترافق نظافة المحيط.
وتتميز هذه القرى بتنوعها البيولوجي الذي يجمع بين الجبال المرتفعة والمساحات الخضراء، والوديان، والمسارات الجبلية الجذابة، مما يجعلها ملاذا صيفيا مثاليا للهروب من حرارة المدن وضوضاء الشواطئ.
سامية إخليف
منافسة "رابح عيسات" حافز للتنمية المستدامة والوعي البيئي
وتعتبر مسابقة "رابح عيسات " حافزا كبيرا لسكان قرى تيزي وزو لإحداث تغيير عميق في طريقة تعاملهم مع البيئة، فمنذ إطلاقها شهدت القرى منافسة كبيرة لم تقتصر على النظافة فحسب، بل شملت أيضا جمال المساحات الخضراء، وإدارة النفايات، والحفاظ على الموارد المائية، وتزيين البيوت والأزقة، وقد أدت هذه المنافسة إلى تحويل العديد من القرى المشاركة إلى وجهات سياحية جذابة.
ويعد الفوز بلقب "أنظف قرية"، تقديرا للجهود التي يبذلها السكان، حافزا يشجع القرى الأخرى على تحسين بيئتها و رفع مستوى الوعي البيئي، ويؤكد السكان أن النظافة ليست مجرد واجب، بل هي جزء لا يتجزأ من هويتهم الثقافية ومستقبل أجيالهم.
ويلعب أبناء القرى المقيمون في المهجر دورا محوريا في دعم هذه المبادرة، بحسب أعضاء لجانها، فهم يساهمون في حملات جمع التبرعات المالية بانتظام لشراء معدات النظافة، مثل حاويات القمامة وأدوات التنظيف وغيرها.
ويفضل هؤلاء العودة خلال العطل الصيفية لقضاء أوقاتهم بين الأهل والأصدقاء والاستمتاع بالطبيعة الخلابة والهدوء الذي توفره القرى النظيفة والمنظمة، كما يجد السياح المحليون، الذين يفضلون الهروب من حرارة المدن وضجيج الشواطئ المزدحمة، في هذه القرى ملاذا صيفيا مثاليا.
قرية ساحل ...متحف مفتوح على الطبيعة
تعد قرية "ساحل" في بلدية بوزقان، نموذجا ناجحا على هذا التحول، حيث فازت بالمركز الأول في مسابقة "رابح عيسات" سنة 2019 بعد جهود سنوات طويلة بذلها السكان لتحسين إطارهم المعيشي، ويستمتع الزائر عند وصوله إلى القرية بجمال الأزقة الطويلة المرصوفة بالحصى والبيوت التقليدية، كما أن الحدائق الصغيرة المزينة بالورود والنباتات تضفي جوا من البهجة، بفضل موقعها ونقائها وكرم سكانها، وقد تحولت هذه القرية الجبلية إلى وجهة سياحية يقصدها المئات من الزوار على مدار السنة وخاصة في فصل الصيف.
وتعرف القرية بهندستها المعمارية، وتشتهر بمناخها الصحي وهوائها النقي المنعش، وبفضل تضامن سكانها، تحولت القرية إلى متحف مفتوح على الطبيعة، تتميز طرقاتها بكونها مبلطة وخالية تماما من الأوساخ والقمامة وهو ما لاحظناه عند زيارتنا للقرية، كما أن جدران المنازل وأطراف الطرقات مزينة بأصص الأزهار ذات الروائح العطرة.
وتزينت الجدران أيضا، بلوحات فنية ورسومات من الثقافة القبائلية وتنسجم البيوت التقليدية مع الطبيعة الخضراء، مما يمنحها طابعا فريدا وجميلا.
كما تنظم في القرية فعاليات ثقافية وفنية على مدار العام لجذب المزيد من الزوار، ويستقبل السكان ضيوفهم بحفاوة، ويمكن لهؤلاء الزوار والسياح الاستمتاع بالهدوء الذي يميز المنطقة الجبلية.
وقد ساهمت المشاريع التي نفذها السكان بسواعدهم في تعزيز جاذبية القرية، مثل إعادة تهيئة الأزقة، وإنشاء حديقة بيئية للأطفال، بالإضافة إلى متحف القرية الذي يُعرّف بالتراث القبائلي، ونظام لتسيير النفايات وما إلى ذلك، وتعتمد القرية على نظام داخلي وقانون يحترمه الجميع مما يضمن الحفاظ على نظافتها وانضباطها.
عزرا.. إطلالة بانورامية وتضامن مجتمعي
وتعد قرية "عزرا" في بلدية تيقزيرت الساحلية الواقعة شمال تيزي وزو، و التي فازت في مسابقة "أنظف قرية" في طبعتها الثامنة سنة 2021، من القرى النموذجية، تتميز بنظافتها والزهور الملونة التي تزين واجهات مبانيها، وتقع القرية في مكان استراتيجي واستثنائي فوق ربوة، مما يمنحها إطلالات بانورامية على مدينة تيقزيرت والبحر والجبال، ويعود الفضل في هذا الجمال إلى جهود السكان وتضامنهم من خلال حملات "ثيويزي" الدورية.
وتتبع القرية قوانين صارمة للحفاظ على النظافة والأمن، وتمنع رمي النفايات أو الإخلال بالأمن العام، وبفضل التبرعات المالية من السكان والجالية المقيمة بالخارج، استفادت القرية من تهيئة أزقتها، وتخصيص مواقع لفرز النفايات، وإنشاء فضاءات للعب الأطفال، وتجديد منابع المياه، وتأسيس متحف في منزل تقليدي.
وتسجل القرية زيارات شخصيات معروفة وسفراء، ويمكن للسياح قضاء أوقاتهم في التجول بين الأزقة النظيفة وزيارة المنازل التقليدية التي تحولت إلى متاحف صغيرة، والاستمتاع ببيئة نقية وآمنة، ويأسر المنظر الاستثنائي الزوار فور وصولهم عبر الطريق المتعرج الذي يصعد إلى القرية.
قرية تيزيوين.... التكافل الاجتماعي جعلها تتألق
كما تجذب قرية "تيزيوين" الواقعة على علو 957 مترا ببلدية بوزقان شرق مدينة تيزي وزو، أعدادا كبيرة من السياح بفضل جمالها ونظافة شوارعها، فبفضل تكاتف جهود السكان من الشباب والشيوخ والأطفال والنساء، أصبحت القرية مثالا يحتذى به في النظافة، فالجميع يهتم بأدق التفاصيل من تنظيف الأزقة إلى تزيين الجدران والواجهات وتنسيق المساحات الخضراء، مما أضفى عليها جمالا خاصا.
وبحسب السكان، فإن الجهود الجماعية جعلت قريتهم تتألق وتفوز في مسابقة "أنظف قرية" ، ويحرص السكان على تنظيم حملات تطوعية دورية لجمع النفايات وتنظيف الشوارع ورفع الأوساخ من كل ركن. وتشارك مختلف الفئات العمرية في هذه العملية، مما يعزز روح التكافل المجتمعي، وأشار هؤلاء إلى أنهم قاموا بإنشاء مراكز فرز خاصة داخل القرية، حيث يتم فصل البلاستيك، الورق، والزجاج لإعادة تدويرها، كما يحولون قشور الخضر والفواكه إلى سماد للنباتات.
ويحافظ سكان القرية على تراثها وطابعها الأصيل، من خلال ترميم المنازل القديمة والمحافظة على المعالم التاريخية، مما يجعلها وجهة سياحية مميزة، ويمكن للسياح استكشاف العادات والتقاليد القديمة لهذه القرية، والاستمتاع بطبيعة المنطقة الجبلية الساحرة.
قرية تيفردود.. نموذج للوعي البيئي
وتعتبر قرية "تيفردود" الواقعة بأعالي بلدية أبي يوسف في دائرة عين الحمام، نموذجا آخر للنظافة والتنظيم والوعي البيئي، وتتميز بسحرها الطبيعي ومنازلها التقليدية وموقعها الجبلي الرائع، مما يجعلها تستقطب السياح من مختلف المناطق داخل وخارج الوطن.
وتتميز شوارعها بالنظافة وخلوها من القمامة، وتزينها الورود والنباتات الخضراء، كما أن بيوتها التقليدية حافظت على طابعها المعماري الأصيل، ويقوم السكان بإدارة النفايات بطرق عصرية، مما يساهم في خلق بيئة صحية ومستدامة.
ويعتبر التضامن والانضباط بين السكان أحد أسرار نجاح القرية حسبما صرح به أحد أبناء المنطقة، وقد ساهمت جهودهم في حماية القرية من التلوث، مما أهلهم للحصول على لقب "أنظف قرية".
ويتميز السكان بوعيهم البيئي، حيث يمنع رمي النفايات بشكل عشوائي وفقا لقانون داخلي، وقد خصصوا حاويات للفرز وتعاونوا لإنجاز مشاريع متنوعة، بما فيها ملعب مغطى بالعشب الاصطناعي، ومركز ثقافي، ومسبح، ودار حضانة، وبيت القرية، مع تهيئة "ثجماعث" أو مجلس القرية، وعصرنة الينابيع والنافورات، وتحويل المواقع المهملة إلى أماكن للعب الأطفال ومساحات خضراء.
وبفضل هذه الجهود تحولت "تيفردود" التي تقع على علو 1197 مترا عن سطح البحر إلى "جوهرة سياحية" ووجهة مهمة للباحثين عن الراحة والهدوء والجمال الطبيعي.
بومسعود.. تقليد متوارث ونظام مجتمعي
توفر قرية "بومسعود" في دائرة إفرحونان، مناظر طبيعية ساحرة، وهي مثالية لعشاق رياضات المشي الجبلية، حيث تقع على ارتفاع يفوق 995 مترا عن سطح البحر، وتبعد بحوالي 70 كلم عن مدينة تيزي وزو.
وقد شجع نظام "ثجماعث" في تعزيز التضامن بين السكان، حيث يشارك الجميع في حملات تطوعية لجمع القمامة كل يوم جمعة، كما تساهم النساء في فرز النفايات المنزلية وغرس الورود في الطرقات والأزقة المؤدية إلى القرية والساحات العامة لتبدو جذابة، كما يقمن بتزيين الينابيع المائية ويحرصن على نظافة محيطها وإزالة الأعشاب الضارة.
ويؤكد أحد الشباب الذين التقينا بهم خلال زيارتنا إلى القرية، أن النظافة تعتبر تقليدا متوارثا بين السكان، مشيرا إلى أن الكبير والصغير يشارك في حملات التنظيف وغرس الأشجار وتزيين الشوارع وطلاء الأرصفة، وإنشاء مساحة للعب الأطفال، و تهيئة الطرق الفرعية للقرية، وبذلك أصبحت محط أنظار الزوار والعائلات الباحثة عن ملاذ آمن و هادئ بين أحضان القرى الجبلية.
وأكد محدثنا، أن تقليد "ثيويزي" أو "التويزة" كان له دور كبير في الحفاظ على نظافة القرية وتحويلها إلى منطقة جذب سياحي.
تغزو المتوسط و الشواطئ الجزائرية
الطحالب البحرية.. ثروة زرقاء واعدة تنقذ الكوكب
في ظل تصاعد مخاوف العالم من التغيرات المناخية وتفاقم الأزمات البيئية بحثا عن حلول مستدامة، تبرز الطحالب البحرية كأحد الأبطال غير المعروفين في معركة الحفاظ على التوازن البيئي لكوكب الأرض، لتفتح آفاقا واعدة نحو اقتصاد مستدام وتلعب دورا مركزيا في بقاء الحياة واستقرار الأنظمة البيئية على سطح الأرض.
تتصدر الطحالب البحرية عناوين الأخبار على الشاشات وعلى صفحات الجرائد بالجزائر، مع إطلاق حملة وطنية لتنظيف الشواطئ منها، دون وعي بقيمة هذه الكائنات البسيطة التي تنمو في أعماق البحار وعلى الشواطئ الصخرية. فالطحالب تحولت اليوم إلى مورد اقتصادي واعد يمكن استغلاله في مجالات متعددة تشمل الغذاء، والدواء، والطاقة وحتى المواد التجميلية.
الحل الأخضر لمشاكل البيئة
في ظل سعي العالم نحو حلول بيئية واقتصادية أكثر استدامة، بدأت الأنظار تتجه بشكل متزايد نحو موارد البحر، ومن أبرزها الطحالب البحرية التي تعد كنزا بيولوجيا غنيا، إذ تلعب دورا حيويا في توازن النظام البيئي، كما قد تكون واحدة من الحلول المستدامة لمشاكل التلوث وتغير المناخ.
وتؤكد الأمم المتحدة، أن الطحالب قادرة على حل أربع أزمات في الكوكب هي المناخ، البيئة، والأزمات الغذائية والاجتماعية، كما تشير الأبحاث الجديدة إلى أن المحطيات التي تتواجد بها الطحالب ومختلف أنواع الأعشاب البحرية، تولد أكثر من نصف الأوكسجين الذي نتنفسه وتمتص حوالي ثلث الانبعاثات البشرية، كما تلتقط الكربون أكثر مما تلتقطه النباتات البرية لأن بعض أنواعها مثل عشب البحر العملاق وغيره يمكنها أن تنمو بمعدل مذهل يبلغ قدمين يوميا، مما يجعلها مصارف كربون فعالة، فضلا عن أنه من الممكن استخراجها وتحويلها إلى بلاستيك حيوي، ووقود، ومنسوجات، وحتى أدوية.
ثروة تطرق أبوابنا
تسجل الشواطئ الجزائرية ظهورا لافتا للطحالب البحرية التي بدأت في التقدم من المحيط إلى البحر الأبيض المتوسط منذ أكثر من 20 سنة، وأوضحت وزيرة البيئة وجودة الحياة، نجية جيلالي، أن هذه الطحالب غزت وبشكل أكبر 7 ولايات من أصل 14 ولاية سجل بها وجود للطحالب الآسيوية، موضحة أن الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة دفع بها إلى حوض المتوسط. وأكدت الوزيرة في تصريح إعلامي، أن مصالحها تشرف على تحاليل مستمرة لمياه الشواطئ التي وصلت إليها الطحالب على مستوى 14 ولاية ساحلية، وتم التأكد من أنها لم تؤثر سلبا على جودة المياه التي تبقى صالحة للسباحة. وأضافت، أن الوزارة أطلقت حملة وطنية لتنظيف الشواطئ واسترجاع هذه الطحالب انطلقت خلال الأسبوع الثالث من شهر جويلية، وتستمر إلى غاية 16 أوت الجاري. معتبرة أنها مادة ثمينة يجب استرجاعها والعمل من أجل إعادة تثمينها، ومؤكدة أن هذا النوع من الطحالب ليس خطيرا، ولا يسبب أضرارا للبشر، وقالت المسؤولة إن العملية كانت صعبة للغاية على مستوى بعض الشواطئ.
الوزيرة التي كانت قد أشرفت قبل أيام على عملية مست شاطئ سيدي فرج بالجزائر العاصمة، وسط تعاون كبير من المجتمع المدني والجمعيات ومختلف المصالح المعنية، أكدت أن غزو الطحالب امتد من شواطئ إلى أخرى، حيث سجلت في البداية على مستوى الشواطئ الشرقية للعاصمة، قبل أن تتسع وتصل إلى تيبازة ومستغانم، مما وسع العملية إلى المستوى الوطني. مضيفة أنه تم تنصيب لجنة وزارية لمتابعة العملية بالتعاون بين جميع الأطراف وسط تحسيس للمصطافين بأنها ليست خطيرة، مؤكدة على أن هذه الظاهرة مست كافة البحر الأبيض المتوسط بسبب تأثير التغيرات المناخية.
مهندسة الدولة في البيوتكنولوجيا البحرية سلمى بن سالم
إخراجها و استغلالها حماية للتنوع الإيكولوجي في المنطقة
قالت المهندسة في البيوتكنولوجيا البحرية سلمى بن سالم، إن الطحالب التي وجدت بالشواطئ دخيلة على البحر الأبيض المتوسط، وتواجدها به يتسبب في مزاحمة الأنواع الأخرى الموجودة في المتوسط، مما يعرض الأصلية منها للتقلص، كما يهدد أنواعا أخرى من الكائنات، وبالتالي تؤثر إيكولوجيا على المنطقة. وأضافت، أن نوع "الفارغاس" الذي جاء من اليابان، و يغطي أجزاء واسعة من الشواطئ، يتسبب في نقص الأوكسجين الذي تستفيد منه الكائنات البحرية، كما يعرقل مرور الضوء ويحجبه ويؤثر على الكائنات الحية التي تعيش على التركيب الضوئي، مضيفة أن هذه الطحالب تؤثر أيضا على عملية الصيد، بسبب تقلص عدد الأسماك وتصل هي إلى الشباك بدل الأسماك.
وقالت، بأنها تؤثر أيضا على البيئة الخارجية نتيجة لتفككها على مستوى الشواطئ وانبعاث روائح كريهة، مؤكدة على فوائدها الكبيرة التي يجب الاستثمار فيه بعد تجميعها وإعادة تدويرها، وذلك لغناها بالسكريات المركبة والمعقدة التي تستخدم في مجالي الصيدلة والتجميل، وكذا مركبات تستعمل في طب الأسنان، كما يمكن تصديرها للدول الآسيوية التي تعتمد عليها في الغذاء، مما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني.
وعن الحملة الوطنية لجمع هذه الطحالب، أوضحت المهندسة أنها ضرورية، وقالت بأنه يجب إخراجها وتجميعها، شريطة أن يكون ذلك يدويا وليس ميكانيكيا خاصة وأن هذه الآلات تتسبب في أذية البيئة كما قد تلوث البحر، أما يدويا فيتم ببساطة تحديد الطحالب التي تجمع دون أن تتأذى الكائنات الأخرى. المكلفة بالإعلام على مستوى الوكالة الوطنية للنفايات مريم تازروت
ليست خطرا ونعمل على إعادة تثمينها
قالت مسؤولة الإعلام والاتصال بالوكالة الوطنية للنفايات، مريم تازروت إنه تم تسجيل طحالب بحرية في مختلف الشواطئ الجزائرية في ظاهرة وصفتها بالطبيعية، وقد خلفها الارتفاع في درجات الحرارة والتغيرات المناخية، إلى جانب درجة ملوحة مياه الشواطئ، ومنها نوعان الأول "ميكروسكوبي" و الثاني "طحالب ماكروسكوبية".
وطمأنت المسؤولة، أن الظاهرة طبيعية ولا تشكل خطرا على صحة الإنسان وجودة المياه، ردا على القلق الذي سجل لدى بعض المواطنين. وأوضحت، أن الوكالة تشارك في الحملة الوطنية لجمعها كنفايات خاصة، من خلال إعداد برنامج استباقي لمتابعة ومراقبة الطحالب حتى قبل موسم الاصطياف، وذلك من خلال معاينات ميدانية وتحاليل دورية، وانطلاقا من نتائج التحاليل التي أشرف عليها المرصد الوطني للبيئة والتنمية المستدامة التابع لوزارة البيئة، تأكد عدم تأثيرها السلبي على المياه وصحة من يدخل البحر.
وبحسب السيدة تازروت، فقد كانت النتائج وراء تنظيم هذه الحملة لاستخراج كميات كبيرة من الطحالب، والعمل على تثمينها وإعادة توجيهها نحو مجالات مختلفة خاصة وأنها غنية بالفوسفور بحيث يمكن استغلاها في الزراعة، وذلك بغسلها والتخلص من الملوحة ثم تحويلها إلى سماد عضوي غني. مضيفة، أنه يمكن استغلالها في صناعة المواد التجميلية والصناعة الصيدلانية، فضلا عن إمكانية استغلاها كطاقة، مؤكدة على أن العملية متواصلة على مستوى جميع الشواطئ إلى غاية 16 من شهر أوت.
إيمان زياري
نحو وضع أداة دولية لضبط الكميات المطروحة
التدابير التجارية ضرورة لإنهاء التلوث البلاستيكي
قالت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، إن التجارة يجب أن تكون جزءا من الحل لإنهاء التلوث البلاستيكي وليس جزءا من المشكلة، ويأتي هذا التقييم تزامنا وانطلاق الجولة النهائية من المحادثات بجنيف لوضع أداة دولية ملزمة قانونا ضد التلوث البلاستيكي.
تتواصل الجهود الدولية في جنيف منذ يومين، لأجل إتمام اتفاق عالمي لمعالجة الكمية الهائلة والمتزايدة من النفايات البلاستيكية وتأثيرها على صحة الإنسان والحياة البحرية والاقتصادية، وقالت أونكتاد: "على الرغم من أن المواد البلاستيكية ترتبط ارتباطا مباشرا بالأزمة الكوكبية الثلاثية - التلوث وفقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ- فلا توجد حتى الآن معاهدة دولية شاملة تحكم تكوينها وتصميمها وإنتاجها وتجارتها والتخلص منها".
وأوضحت، أن إنتاج العالم من مادة البلاستيك خلال العام 2023 بلغ 436 طنا متريا، وتجاوزت قيمته المتداولة 1.1 تريليون دولار، بينما مثل 5 بالمائة من إجمالي تجارة السلع. وكشفت الهيئة الأممية، أن 75 بالمائة من البلاستيك الذي تم إنتاجه على الإطلاق، أصبح عبارة عن نفايات، وانتهى معظمه في محيطات العالم ونظمه البيئية، بما يشكل تلوثا يهدد أيضا أنظمة الغذاء ورفاه الإنسان، وخاصة في البلدان الجزرية الصغيرة والبلدان الساحلية النامية ذات القدرة المحدودة على التكيف.
ودعت الأونكتاد، إلى ضرورة اتخاذ تدابير جمركية وغير جمركية لدعم البدائل البلاستيكية المستدامة بيئيا، والتي غالبا ما تكون مشتقة من مصادر طبيعية مثل المعادن أو النباتات أو الحيوانات، ويمكن إعادة تدويرها أو تحويلها إلى سماد.
موضحة، أن خفض الرسوم الجمركية على المنتجات البلاستيكة والمطاطية على مدار الثلاثين عاما الماضية من 34 بالمائة إلى 7.2 بالمائة، جعلها رخيصة بشكل مصطنع، في حين تواجه بدائل أخرى مثل الورق، والخيزران، والألياف الطبيعية، والأعشاب البحرية رسوما جمركية متوسطة تبلغ 14.4 بالمائة.
واعتبرت المنظمة، بأن هذه التفاوتات في كيفية معالجة المواد مثبطة للاستثمار في المنتجات البديلة ومعوقة للابتكار في البلدان النامية التي تهدف إلى تصدير بدائل أكثر أمانا واستدامة للبلاستيك القائم على الوقود الأحفوري.
ونوهت أونكتاد، إلى أن 98 بالمائة من البلاستيك الموجود في العالم يشتق من الوقود الأحفوري، ما يرفع التوقعات بشأن تزايد الانبعاثات والأضرار البيئية في حال تم تركها دون رادع، واستجابة لذلك تلجأ العديد من الدول إلى إجراءات غير جمركية، كالحظر ووضع شروط وضع العلامة التجارية ووضع معايير للمنتجات. كما أوضحت أونكتاد، أن قيمة تداول البلاستيك قد تضاعفت بأكثر من الضعف خلال العقدين الماضيين، إلا أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى بسبب نقص الإبلاغ.
ولأن الجهود العالمية لإنهاء التلوث البلاستيكي تكتسب زخما جديدا بحلول العام 2040، فإن بلدان العالم تجتمع إلى غاية 14 أوت بجنيف، من أجل المشاركة في الجولة النهائية من المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة والمعروفة باسم أداة دولية ملزمة قانونا ضد التلوث البلاستيكي، وهي المعاهدة التي ستشمل دورة حياة البلاستيك بأكملها من الإنتاج إلى الاستهلاك وصولا إلى النفايات ضمن إطار عادل وشامل.
وأكدت منظمة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة، أن المعاهدة الشاملة يجب أن تتضمن إصلاحات التعريفات الجمركية والتدابير غير الجمركية لدعم البدائل المستدامة، وكذا الأدوات الرقمية للتتبع والامتثال الجمركي، فضلا عن الاتساق السياسي بين الاتفاقيات التي تم التوصل إليها من خلال منظمة التجارة العالمية واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية بازل والأطر الإقليمية ذات الصلة.
إيمان زياري
تتزايد ظاهرة التضليل البيئي من طرف الشركات والمؤسسات للمستهلكين، وذلك استجابة لضغوط بشأن معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وتقديم تقارير الاستدامة بشكل مستمر من قبل الحكومات. و يبقى الأمل في خفض الانبعاثات الكربونية مرهونا بمدى صدق نوايا فاعلين يشكلون السبب الرئيسي في زيادة الاحتباس الحراري.
إعداد: إيمان زياري
التضليل البيئي في وجه معالجة تغير المناخ
وتصنف هيئة الأمم المتحدة التمويه الأخضر كأحد أكبر العقبات أمام معالجة تغير المناخ، إذ يروج لحلول زائفة لأزمة المناخ، تصرف الانتباه عن اتخاذ إجراءات ملموسة وذات مصداقية، وذلك من خلال تضليل الجمهور للاعتقاد بأن شركة أو كيانا آخر يجتهد أكثر لحماية البيئة، بينما يقوض أو يعيق الغسل الأخضر الجهود الجديرة بالثقة للحد من الانبعاثات ومعالجة أزمة المناخ.
واستجابة لتزايد التمويه الأخضر في التعهدات بتحقيق صافي الانبعاثات الصفري، أنشأ الأمين العام للأمم المتحدة فريقا من الخبراء كلف بوضع معايير أقوى وأكثر وضوحا بشأن تعهدات الشركات والمؤسسات المالية والمدن والمناطق، أين حدد فريق الخبراء في تقريره "النزاهة مهمة" عبر 10 توصيات بشأن تقديم تعهدات موثوقة وخاضعة للمساءلة.
من جانبها أصدرت محكمة العدل الدولية بداية الأسبوع الجاري رأيا صنف بالتاريخي، حيث ألزمت الدول بالعمل من أجل التصدي لتغير المناخ، عبر تنظيم الشركات التي تنبعث منها غازات الاحتباس الحراري، وهو رأي صدر بالإجماع في المحكمة مما منحه أقصى سلطة.
وقد تم الاتفاق على ضرورة خفض الانبعاثات بأسرع وقت ممكن وبأكبر قدر ممكن، والتكيف مع آثار تغير المناخ، وكذا دعم الدول النامية من خلال التمويل والالتزامات بالتعويض والتوقف في حال وقوع انتهاكات، والحق في بيئة صحية والاعتراف بالأجيال القادمة.
خضرة زائفة بأوجه متعددة
وتتعدد أوجه الغسل الأخضر، بحيث نجده في السيارات الخضراء التي تعتمد في الحقيقة على الوقود الأحفوري، والتقنيات الخضراء التي تستهلك مراكز بياناتها أضعافا من الطاقة، ليزيد بذلك خطر التوظيف المفرط للخطاب الأخضر دون مساءلة أو نتائج فعلية، ما يضعف ثقة المستهلك في المصطلحات البيئية، ويفرغ بعض المفاهيم من معانيها مثل مفهوم "المسؤولية البيئية للشركات"، كما يعيق قدرة السوق على التحول نحو خيارات أكثر استدامة.
الخبيرة البيئية صليحة زردوم
الجهات الرقابية مطالبة بالعمل أكثر لكشف الدعاية الكاذبة
قالت المهندسة البيئية والمفتشة المحلية المتخصصة في التنمية المستدامة، صليحة زردوم، إن التضليل البيئي أو الغسل الأخضر يعتبر سياسة تلجأ إليها الشركات من أجل الترويج و التسويق لمنتجاتها عبر الإدعاء، كالاعتماد على عبارة "صديق للبيئة"، "طبيعية 100 بالمائة" أو "خالية من مواد كيميائية".
والهدف حسبها، تضليل المستهلكين والإدعاء لزيادة المبيعات وتحقيق أرباح مالية، ما يعني تجميل صورة الشركات الملوثة بطريقة مزيفة ومبالغ فيها، دون الالتزام بالأهداف المناخية أو المعايير البيئية.
كما أوضحت الخبيرة، أن اتفاقية باريس التي تعد الإطار الدولي للقانون الخاص بالحد من انبعاثات الغازات الحرارية وتحقيق الأهداف المناخية، طالبت الدول بالحفاظ على درجة حرارة الأرض أقل من 2 درجة مئوية. إلا أن العديد من الشركات تختبئ خلف شعارات كاذبة دون أن تلتزم بمحتوى الاتفاقية.
وعكس ذلك، ترى الخبيرة أن هذه الشركات تعرقل تنفيذ الاتفاق، معتبرة أن الالتزام به يتأرجح بين الوعود الإعلامية والواقع غير المطابق، وهو ما كشفته تدقيقات بيئية خاصة أثبتت التزام قلة قليلة من الشركات، بينما تبين أن خطاب الغالبية مجرد خدعة تجارية هدفها ربحي، وأن نشاط هؤلاء المتعاملين بعيد كل البعد عن الأهداف المناخية خاصة بالنسبة للشركات العالمية كثيرة الانبعاثات، وذلك رغم توظيفها لمصطلحات مثل "الكربون المحايد" أو "صفرية الانبعاثات" للتملص من ضغوطات هيئات الدولية.
تلاعب بالمصطلحات
وفيما يتعلق بمدى مصداقية المنتجات الصديقة للبيئة، ترى الأستاذة زردون، أن استعمال مصطلحات "عضوي"، "صديق للبيئة"، "قابل للرسلكة" أو "مستدام" وغيرها من المفاهيم البيئية، مغر بالنسبة للمهتمين بالبيئة لكن هذه الكلمات غالبا ما تستعمل في الدعاية فقط ولا تخضع عادة للتدقيق الحقيقي.
من جانب آخر، انتقدت المتحدثة، نقص أو غياب عملية التفتيش البيئي من طرف الجهات المعنية على مستوى الشركات المنتجة، وقالت إن العديد من المؤسسات تخضع لتفتيش بيئي وفق برامج أو حتى زيارات فجائية مما يسهل الوقوف على مدى التزامها بالتوصيات البيئية، مثل ترشيد استهلاك الماء وتحديد طبيعة المواد الأولية أو الصناعية الأخرى، وخفض انبعاث الغازات.
وقالت، إن الرقابة الجادة تشكل ضغطا يجبر المؤسسات على الالتزام بالمعايير البيئية، مشيرة إلى إحدى الشركات الدولية التي حاولت الادعاء بأن سيارتها صديقة للبيئة ومنخفضة الانبعاثات، ليكشف تقرير بيئي لاحق أنها تصدر ملوثات عالية، وقد تمت متابعتها قضائيا على مستوى العديد من الدول.
كما تحدثت عن كبسولات القهوة التي تسوق على أنها قابلة للتدوير، لكن الكثير من الدول التي تستهلكها لا تتوفر على مراكز خاصة برسكلتها.
المعايير والشهادات الدولية كفيلة بكشف التضليل البيئي
وللتقليل من الإدعاءات الكاذبة والتضليل البيئي، تتحدث الخبيرة عن جملة من المعايير والشهادات الدولية المعتمدة للمنتوجات والشركات، منها شهادة "إيزو 14000"، وهي برامج التأثير البيئي للمنتوج منذ تاريخ إنتاجه إلى غاية نهاية صلاحيته، وكذا معيار الملصقات "إيزو 14024" و"إيكولابل" وهي شهادات بيئية دولية معتمدة، تساهم في الحد من الإدعاءات الكاذبة والمضللة.
وتحدثت الأخصائية عن وجود برامج في الجزائر يشرف عليها المعهد الوطني للتقييس، الذي يضمن هذه الشهادات لكون الجزائر عضوا في المنظمة الدولية "إيزو". مؤكدة أنه ليس من الصعب على الجزائر كشف الإدعاءات الكاذبة، كما أن الأمر يتيح فرصة لتشجيع الشركات الوطنية والخاصة على تحسين أدائها البيئي في جميع المراحل سواء كانت على المستوى المحلي أو عند تصديرها.
القطاع الصناعي والانبعاثات الصفرية
وترى المهندسة، أن القطاع الصناعي يواجه تحديا كبيرا لتحقيق الانبعاثات الصفرية، واصفة إياه بالمثقل بالأهداف الخاصة والأهداف الإنمائية المستدامة، إلا أن الحلول تتطلب حسبها استثمارات كبرى وتكنولوجيات متطورة منها المتاح والصعب، فضلا عن معايير المحاسبة التي تطورت بشكل كبير.
موضحة أن 29 بالمائة من الانبعاثات العالمية ناتجة عن القطاع الصناعي، مع ذلك يسجل توجه كبير لإيجاد حلول من قبل شركات سلكت طريق البحث العلمي لطلب البدائل، والتحول إلى الطاقات النظيفة، وهو مسار الاقتصاد الأخضر وفق تقنيات الاستدامة.
وأكدت الخبيرة، أن تحقيق الاستدامة على مستوى الشركات يعتبر أمرا ممكنا جدا وحلا للكثير من المشاكل التي تعاني منها الشركات، إلا أنه يتطلب مجهودات واستثمارات لتحسين أداء الشركات وفق مبادئ وطنية تحترم فيها القوانين الداخلية وكذا الاتفاقيات الدولية العالمية، على غرار الالتزام بالشفافية والاستدامة البيئية، وهي مبادرات طوعية تحترم فيها معايير العمل ومعايير مكافحة الفساد على غرار "الغلوبل كومباكت" وهو ميثاق الشركات العالمية.
دور جمعيات حماية المستهلك في كشف التضليل البيئي
وأكدت المتحدثة، أن جمعيات حماية المستهلك تلعب دورا مهما وحيويا في كشف التضليل البيئي وحماية صحة المستهلك، وتقع عليها مهمة التحقق من مطابقة المنتوجات المعلن عنها للمعايير، وبالتالي يمكنها التصدي لهذه المخالفات وكشف الإعلانات البيئية الكاذبة، فضلا عن توعية المستهلك بحقوقه. مضيفة أنها تضمن حق المستهلك في المعلومات الصحيحة لاختيار المنتوج الأكثر استدامة فعليا.
ودعت الخبيرة، للالتزام البيئي الحقيقي والمستدام للجميع، من خلال المطالبة بالشفافية والمساءلة للشركات، ودفعها لاحترام مسؤوليتها البيئية والصحية، وكذا تعزيز الوعي وتشجيع الشفافية، وفرض التشريعات الصارمة، ومحاسبة الشركات التي تمارس التضليل البيئي، ما يساهم في حماية المستهلك ويعزز الجهود العالمية لتحقيق أهداف الاستدامة البيئية والاجتماعية.
مديرة المعهد الوطني للتكوينات البيئية حياة عاشور
العلامة البيئية فاصل في قضية الغسل الأخضر
أكدت مديرة المعهد الوطني للتكوينات البيئية، الأستاذة حياة عاشور، أن الجزائر تتجه نحو تبني سياسة بيئية جادة في التعامل مع مختلف الشركات والمؤسسات، سواء على المستوى المحلي، أو تلك المتجهة نحو التصدير من خلال فرض ما يعرف بالعلامة البيئية، وكذا عقوبات صارمة على كل منتج يضر بالبيئية.
وقالت إن مواجهة التلوث البيئي والتهديدات المناخية التي حددتها اتفاقية باريس، تشكل أساسا لبناء توجه جديد في التعامل مع مختلف الشركات، موضحة أن هنالك لجانا ولائية متخصصة مشكلة من ممثلين عن وزارة البيئة، والتجارة، والصناعة، والصحة، مهمتها تكمن في دراسة مختلف المشاريع المقترحة قبل منح رخص الاستغلال.
وأكدت عاشوري أنه تم تنصيب لجان خاصة تعمل وبشكل مكثف خلال فصل الصيف لمراقبة مدى احترام المعايير البيئية في المنتجات، مشيرة في ذلك إلى قضية النفايات التي يجب معالجتها داخل المؤسسة قبل طرحها في الطبيعة أو إعادة استغلالها، وإلا يواجه المسؤولون عقوبات صارمة تصل إلى حد الغلق، وهي خطوة أثمرت نتائج جيدة فيما يتعلق بالنفايات الناتجة عن المؤسسات والشركات الصناعية، خاصة في ظل حالة التلوث التي تطال الوديان والبحر.
لا نشاط صناعي دون العلامة البيئية
وأوضحت المتحدثة، أن وزارة الصناعة دخلت في شراكة مع وزارة البيئة، بهدف ضبط طريقة عمل لتسهيل عملية التصدير، من خلال فرض العلامة البيئية على كافة المؤسسات، واحترام المعايير البيئية الدولية لضمان تصدير المنتجات نحو الخارج. و أكدت أن أي مؤسسة ترغب في التصدير تكون ملزمة باحترام المعايير البيئية وتطبيق ما جاء في اتفاقية باريس.
وأكدت عاشوري، أن الالتزام بالبيئة لم يعد خيارا بالنسبة للمؤسسات، بل حتمية تفرضها قوانين صارمة وعقوبات على كل من يتعداها في شكل إعذارات بالغلق أو غرامات مالية.
وأضافت أن أي تضليل من شأنه أن يلحق أضرارا كبيرة بالبيئة والكوكب، وعلى كل مؤسسة ترغب في دخول السوق الدولية أن تكون سباقة في احترام المعايير البيئية، متحدثة عن عدة شركات ظلت منتجاتها في المخازن بسبب عدم احترامها للمعايير البيئية، بداية بالمادة الأولية وصولا إلى مواد التغليف التي يشترط أن تكون قابلة للتحلل خلال وقت محدد.
وعلى الرغم من اعترافها أن إلزام الشركات باحترام الشق البيئي من حيث منتجاتها يعتبر أمرا جديدا، إلا أن عدة مؤسسات كبرى في الجزائر تساهم حسبها، في التقليل من آثار التلوث بطرق مختلفة، من خلال دعم المشاريع البيئية الكبرى كالسد الأخضر.
كما أشارت إلى مادة الزجاج التي يتم إعادة تدويرها كليا في الجزائر والبلاستيك كذلك.
إ.ز
بطل أولمبياد نشاطات الشباب منصف صحراوي
هكذا سنحول البلاستيك إلى مادة نفعية صالحة للطباعة الثلاثية
اختير مشروع الطالب بجامعة سطيف منصف صحراوي، كأحسن فكرة بيئية مبتكرة ضمن منافسات أولمبياد نشاطات الشباب بسطيف، ذلك لأنه يساعد على حل معضلة الرمي العشوائي للقارورات البلاستيكية في المحيط الطبيعي والتي باتت اليوم من المشاكل الرئيسية المؤذية للبيئة، خصوصا في فصل الصيف أين يكثر استهلاك المياه والتخلص منها في المناطق الغابية أو التي تحتوي على حشائش، ما يشكل سببا في اندلاع حرائق تضر الغطاء الأخضر، كما تعتبر القارورات عنصرا ملوثا لشواطئ البحر والأماكن العامة.
يقف شباب أصحاب مشاريع مبتكرة في وجه آفة الرمي العشوائي للنفايات البلاستيكية محاولين السيطرة عليها وتنظيم التعامل معها، مقترحين أفكارا تعود بالفائدة على البيئة فضلا عن قيمتها المجتمعية والاقتصادية، وهو الحال مع منصف غلام الله علي صحراوي رئيس النادي العلمي "فيوتر سبايس" بجامعة فرحات عباس سطيف 01.
منصف صاحب مشروع ورشة مصغرة لرسكلة القارورات البلاستيكية وتحويلها إلى خيوط للطباعة الثلاثية، توج مؤخرا بالمرتبة الأولى في أولمبياد نشاطات الشباب ضمن محور العلم والابتكار، فرع المجال البيئي والتنمية، المنظم بولاية سطيف، وقد أوضح للنصر، أن اهتمامه بحل مشكل الرمي العشوائي للنفايات البلاستيكية، نابع من وعيه بأن البيئة مسؤولية الجميع، وأنه على الطلبة تحديدا البحث عن سبل لمجابهة الظاهرة، وسلوكيات أخرى سلبية مثل النشاط الفوضوي لجمع القارورات البلاستيكية في الأحياء والشوارع، وما ينجر عن ذلك من إفراغ متعمد لحاويات القمامة بحثا عن البلاستيك، لتتحول طرقات وأرصفة إلى مكبات تنتشر فيها القمامة و الحشرات.
من قارورة مهملة إلى منتج نفعي
قال منصف غلام الله علي صحراوي، خريج معهد الهندسة المعمارية وعلوم الأرض، تخصص تهيئة الإقليم، بجامعة فرحات عباس، سطيف 01، إن المشروع عبارة عن ورشة مصغرة لرسكلة القارورات البلاستيكية وتحويلها إلى خيوط، من خلال جهاز بسيط وفعال يعمل على قطع وإذابة البلاستيك، ثم طباعة وإنشاء منتجات جديدة ذات قيمة، ويضيف، أنه يعتمد على تقنيات منخفضة التكلفة وسهلة التنفيذ، وذكر صحراوي، بعض المنتجات المستخرجة من هذه الخيوط مثل ألعاب تعليمية للأطفال، أصص نباتات، هدايا تذكارية، حامل مفاتيح، إلى جانب أدوات مدرسية، وقطع غيار بلاستيكية خفيفة، موضحا أن حجم المنتج يختلف باختلاف المقاييس.
ووفقا لصاحب المشروع، فإنه توصل إلى الفكرة بعد أن لاحظ الانتشار الكبير للقارورات البلاستيكية الفارغة في محيط الجامعة وببلديته كذلك، مردفا أن أغلبها تُرمى بطريقة عشوائية بالرغم من أنها تعد مادة قابلة للتدوير وإعادة التوظيف في صناعات أخرى. ولفت في هذا السياق، إلى أن الفكرة التي جاء بها تعد حلا عمليا يساهم في الحد من الرمي العشوائي لهذا النوع من النفايات، واسترجاع البلاستيك وتحويله إلى مادة ومنتوج جديد، ونشر ثقافة إعادة التدوير لدى الأفراد وفي المجتمع عموما.
ومن أجل التعاون المجتمعي خدمة للبيئة اقترح صحراوي، العمل على نشر عدد أكبر من الصناديق المخصصة لجمع القارورات البلاستيكية في الأحياء والمدارس، وتحفيز المواطن عبر حملات أين يشارك أطفال وطلبة في عملية الجمع، ناهيك عن تفعيل دور وسائل الاعلام في هذا الجانب، وربط المشروع بجمعيات بيئية لضمان ديمومة الجمع والتوجيه. كما نوه إلى وضع آلات تسمح للمواطن ببيع القارورات القابلة للتدوير بمبلغ رمزي كخطوة تحفيزية له.
قيمة بيئية واقتصادية
وبخصوص المعايير الصحية لألعاب الأطفال التي تخرج من الورشة أوضح المتحدث، أنهم يستخدمون قارورات ذات جودة معروفة بسلامتها النسبية، مثل المخصصة للمياه المعدنية، والمشروبات الغازية، والعصائر الموجهة للاستهلاك، تُسخن قبل التقطيع ثم تُعالج الخيوط الناتجة عنها بحرارة كافية تفوق 200 درجة مئوية للقضاء على البكتيريا، معقبا أنه في حالة تطوير المشروع مستقبلا، فإنهم سيعتمدون معايير أخرى في التعقيم والتغليف الصحي.
ويحمل المشروع وفقا لصاحبه، رؤية اقتصادية أيضا، حيث ذكر أنه درس عدة نقاط تخدم جوانب تقليل شراء خيوط الطباعة الصناعية مرتفعة الثمن، وتوفير مصدر دخل محلي من خلال بيع الخيوط أو المنتجات المطبوعة، زيادة على تقليل تكاليف المواد الأولية في الورش التكوينية والمدارس والمعاهد.
ويضيف، أنه عندما وضع أسس المشروع فكر في مشكلة البطالة أيضا وعقب أن الورشة بإمكانها استقطاب يد عاملة شابة لتشغيل الآلات والعمل في الصيانة والجمع و التعليب، وبالتالي توفير مناصب شغل في التصنيع، والتسويق والتوزيع. مشيرا إلى أن المشروع قابل للتوسيع مستقبلا ليتحول إلى نظام بيئي محلي للتدوير، يعمل به شباب من مختلف المستويات خصوصا في المناطق النائية. وعن مشاركته في أولمبياد نشاطات الشباب، قال المتوج بالمرتبة الأولى إنهم قيموا المشروع من ناحية الفكرة المبتكرة، وقدرته على الربط بين الجانب البيئي، والصناعي، والتربوي، والمنفعة العامة وسهولة التنفيذ، مع إمكانية التوسيع، وتقديم المشروع كحل حقيقي قابل للتطبيق وليس مجرد نموذج نظري.
وعبر أن التوجه نحو الابتكار يعد ضرورة لحماية البيئة و تحقيق التنمية المستدامة، ويرى أن المجال بحاجة إلى أفكار قابلة للتطبيق من أجل تغيير الواقع فضلا عن تحسين سلوكيات أفراد المجتمع تجاه البيئة. وعرج الشاب للحديث عن تحويل ريادة الأعمال الخضراء إلى فرصة ربح خصوصا لدى الشباب، حيث اعتبر بأن الربح لا يتعارض مع حماية البيئة إذا حُولت النفايات إلى منتج تطلبه السوق خصوصا في ظل انتشار الطباعة ثلاثية الأبعاد، وارتفاع ثمن المادة الاولية الخاصة بها.
وأفاد أن صاحب المشروع في هذه الحالة سيربح ماديا، ويؤثر إيجابيا كذلك، كما سيبني علامة تجارية خضراء تكسب ثقة العملاء مستقبلا، وهو ما يهدف من خلال فكرته، خصوصا في جانب تطوير الورشة وتحويلها إلى مشروع دائم ومستقر، وتوسيع دائرة الجمع، التدوير، ولما لا إنشاء فروع في ولايات الوطن، والسعي وراء بناء علاقات مع مؤسسات تابعة لقطاع البيئة والتنمية المستدامة، وتحفيز فرق عمل شبابية لاستحداث مشاريع مشابهة، وإطلاق مبادرة وحملات لنشر هذا الفكر وتغيير النظرة نحو النفايات وجعلها مصدر أمل لا خطر.
إ.ك
بعدما سجل العالم موجة حر ثالثة
منظمات دولية تطلق مبادرة “دعم حوكمة مخاطر الحرارة الشديدة”
أطلقت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، والشبكة العالمية لمعلومات الصحة والحرارة، موارد جديدة من خلال مبادرة مشتركة باسم "دعم حوكمة مخاطر الحرارة الشديدة"، لتعزيز التنسيق بشأن الحد من مخاطر الحرارة ومساعدة البلدان والمجتمعات على الاستعداد بشكل أفضل لارتفاع درجات الحرارة.
وتأتي المبادرة في الذكرى السنوية الأولى لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى العمل بشأن الحرارة الشديدة، والاستعداد للتعامل مع موجات الحر الشديدة التي تؤثر على العديد من البلدان من جميع أنحاء العالم، مما يؤكد أهمية التحذيرات المبكرة وخطط العمل المتعلقة بالصحة والحرارة.
الحرارة الشديدة تربك العالم
وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في بيان لها، إنه واعتبارا من تاريخ جويلية الجاري، تضرب الحرارة الشديدة أجزاء كبيرة من شمال إفريقيا والشرق الأوسط، كما شهدت منطقة البحر الأبيض المتوسط والبلقان موجة حر صيفية، أدت إلى إغلاق معالم سياحية شهيرة، وتعطيل الأنشطة الخارجية والزراعية والعمالية، وضربت الموجة أيضا أوروبا وأمريكا، كما كان لها تأثير كبير على الصحة، وتسببت في تأجيج حرائق الغابات التي أوقعت ضحايا وتسببت في تدهور جودة الهواء.
وعلى المستوى العالمي، كان الشهر الحالي ثالث أكثر شهور جويلية الماضية دفئا على الإطلاق، وفقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة الأمريكية، وخدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للإتحاد الأوروبي.
وقال نائب الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية "كو باريت" "يطلق أحيانا على الحرارة الشديدة اسم القاتل الصامت، ولكن مع تطور العلوم والبيانات والتقنيات الحديثة، لم يعد الصمت عذرا، فكل حالة وفاة ناجمة عن الحرارة الشديدة يمكن الوقاية منها".
تعاون دولي لإنجاح العمل
وبحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن المبادرة تسعى إلى تعزيز التعاون الدولي للحد من آثار ارتفاع درجات الحرارة، من خلال سياسات اقتصادية واجتماعية محددة وإجراءات ملموسة، بما في ذلك حملات التوعية العامة، بينما تم تحديد 4 مجالات أساسية للعمل، تتمثل في رعاية الفئات الضعيفة، حماية العمال، تعزيز مرونة الاقتصاديات والمجتمعات باستخدام البيانات، وكذا الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.
وتشمل الموارد الجديدة التي أطلقها تعاون المنظمات الدولية، مجموعة من الإجراءات المتخذة بشأن الحرارة عبر كيانات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بحيث يتم تحديد التحديات والفرص والإستراتيجيات اللازمة لتحسين التعاون والحوكمة لدعم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى العمل بشأن الحرارة الشديدة، وذلك من خلال مرحلتين.
تتمثل الأولى في تقييم خطط العمل المتعلقة بالحرارة وفق المعايير العالمية والممارسات الجديدة للشراكة، والثانية عبارة عن دراسة حالة في مجال مقاومة الحرارة، من خلال التركيز على كيفية مواجهة 12 دولة لواقع الحرارة الشديدة من خلال نماذج حوكمة وشراكات وابتكارات متنوعة.
واستجابة لذات الدعوة، تعمل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية على تعزيز أنظمة الإنذار المبكر بالحرارة، تماشيا مع مبادرة "الإنذارات المبكرة للجميع"، بحيث يهدف ذلك لضمان تلقي الفئات المعرضة للخطر تنبيهات في الوقت المناسب. كما تتضمن معلومات الإجراءات الوقائية الواجب اتخاذها ومصادر المساعدة، وتشير ذات المنظمة إلى أن التوسيع العالمي في أنظمة الإنذار الصحي بالحرارة على مستوى 57 دولة، يمكن من إنقاذ ما يقدر بـ98.314 حياة.
وتشير التقديرات النموذجية إلى تسجيل حوالي 489000 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة سنويا خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 2000 و2019، 45 بالمائة منها في آسيا، و36 بالمائة في أوروبا، علما أن التشخيص والإبلاغ الرسمي عن الأمراض والإصابات والوفيات المرتبطة بالحرارة عالميا، لا يتم التبليغ عنها بالشكل الكافي، كما تظهر معظم دراسات الإسناد وجود رابط واضح بين الحرارة الشديدة وتغير المناخ الناجم عن الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
إيمان زياري
قالت الباحثة في مركز تنمية الطاقات المتجددة، الدكتورة سعيدة مخلوفي، إن الزراعة الرقمية أو الزراعة 5.0 تمثل خيارا استراتيجيا من شأنه أن يساهم في تحقيق الأمن الغذائي محليا وعالميا، بينما تلعب دورا أساسيا في تنويع الاقتصاد الوطني، في ظل تبني الجزائر سياسة منسجمة تدعم هذا التوجه من خلال تسخير كافة الآليات.
إيمان زياري
وترى الباحثة، أن الاستثمار في قطاع الزراعة لا يعالج مشكلتي الجوع وسوء التغذية فحسب، بل يمتد أثره لمعالجة مشاكل أخرى كالفقر، البيئة والتقليل من الانبعاثات الناتجة عن الزراعة، وكذا جعل الغذاء أكثر وفرة وأقل تكلفة من خلال الاستخدام الأمثل للطاقة والمياه وتغير المناخ، وأنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدام.
نمو ديموغرافي متسارع وزيادة في الطلب على الغذاء
بلغ عدد سكان الجزائر في 1 جانفي 2025 حوالي 46.8 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 51 مليون بحلول سنة 2030، ثم إلى 62 مليون نسمة في عام 2050، ليصل إلى 70 مليون نسمة بحلول سنة 2100، نمو ديموغرافي كبير ترى الباحثة بأنه يقابل زيادة في الطلب على الغذاء.
وحسبها، فإنه ومع التوسع الحضري وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للفرد، ستزداد الحاجة إلى رفع الإنتاج الغذائي، مما يضع قطاع الفلاحة أمام تحديات كبرى.
وتشير محدثتنا، إلى أنه وفي ظل كل هذه التوقعات، مقابل ندرة الموارد المائية، أصبح تحسين كفاءة نشاط الزراعة ضرورة حتمية، حيث يواجه الفلاحون تحديات جديدة في الحصول على الموارد مثل الأراضي والطاقة والمياه، بينما تفرض الظروف البيئية كالاحتباس الحراري والتغير المناخي ضغوطا هائلة على نشاط الزراعة وسلاسل الإمدادات. إلى جانب ذلك، فإن الارتفاع التاريخي في درجات الحرارة وانتشار الحرائق في عدة مناطق فلاحية، تسببا في تلف المحاصيل واحتراق الأشجار وتلوث التربة، و أثرا على إنتاج المحاصيل من حبوب وفواكه، مما يدفع الفلاحين اليوم لإعادة النظر في أساليب الإنتاج والبحث عن تقنيات متطورة في الزرع والري وغيرها.
وتتحدث الدكتورة مخلوفي أيضا، عن مشكل ندرة الموارد المائية الذي تعاني منه الجزائر بسبب التوزيع غير المتوازن لها، إذ تتركز في معظمها في الشمال، بينما تعتمد المناطق الصحراوية على المياه الجوفية المالحة والساخنة.
مضيفة، أن الدراسات تشير إلى أن 85 بالمائة من مياه الأمطار تتبخر بشكل طبيعي، كما تعاني شبكات توزيع المياه من خسائر كبيرة تصل إلى 40 بالمائة بسبب التسريبات وسوء البنية التحتية، مما يستوجب عملا مدروسا لتقليل الفاقد وزيادة الكفاءة، خاصة وأن قطاع الفلاحة يستهلك 70 بالمائة من المياه الصالحة للشرب في الجزائر.
التكنولوجيا تقود التحول
من جهة ثانية، أثنت الدكتورة على النتائج المبهرة التي حققها قطاع الزراعة في الجنوب ومنطقة الهضاب على الرغم من كل التحديات التي واجهته، وأشارت إلى صعوبات الري التي تعترض الفلاحين خاصة الناشطين في المناطق البعيدة عن الشبكة الكهربائية، وذلك بفعل ارتفاع تكلفة الديزل وصعوبة نقله. إلى جانب ما أسمته بالمخاطر العالية التي يواجهها الفلاحون الصغار نتيجة التغير المناخي، فضلا عن ارتفاع الحرارة الذي يوفر بيئة خصبة لتكاثر الآفات، مما يزيد من هشاشة سلاسل الإمداد الغذائي.
وتقول الباحثة، إن العالم يشهد ثورة زراعية جديدة تعرف باسم "الزراعة 5.0"، وهي الجيل القادم من الزراعة الذكية التي تعتمد على التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وتعلم الآلة بهدف تحسين الإنتاجية والكفاءة والاستدامة.
وتضيف، أنها تستند على إنجازات الثورات الزراعية السابقة، مثل الثورة الخضراء التي اعتمدت على الأسمدة والمبيدات لزيادة الإنتاج، إلا أنها وكما توضح، تحتاج لتوظيف التكنولوجيا لجعل الزراعة أكثر كفاءة واستدامة وقدرة على التكيف مع تغير المناخ، وتسعى الزراعة 5.0 إلى التحول من نموذج المزرعة الذكية التقليدية إلى نظام زراعي يعتمد على الطاقة المستدامة باستخدام أدوات ذكية.
وتؤكد الباحثة، أنه بات من الممكن بفضل التقدم التكنولوجي إنتاج المحاصيل في بيئات خاضعة للرقابة تشبه نظيرتها الصناعية، مما يحسن الجودة ويرفع الإنتاج، ويساعد الفلاحين كثيرا عبر الممارسات المستدامة والإدارة الفعالة للموارد والابتكارات كخرائط صحة التربة، لبناء مستقبل أكثر مرونة والمساهمة في مكافحة التغير المناخي.
وأضافت، أن دمج التحليل الزراعي الذي يشمل تحليل التربة، وتشخيص أمراض النباتات، والزراعة الدقيقة، ورقمنة قطاع الزراعة، والاستشعار عن بعد، والتقنيات المستدامة، يمثل حجر الزاوية لتعزيز صمود قطاع الزراعة في الجزائر أمام تغير المناخ والكوارث الطبيعية.
طريقنا نحو الاكتفاء الذاتي وتقليل الخسائر
لطالما واجهت الزراعة في الجزائر مشكلة تلف المحصول قبل وبعد الحصاد لعدة عقود، ولتحقيق هدف "صفر خسائر" و "صفر واردات" زراعية، تؤكد المختصة أنه يتعين على الجزائر تبني مفهوم "الزراعة 5.0"، بحيث يتطلب ذلك اعتماد تقنيات زراعية حديثة، وبناء شراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز الثقة والوصول الرقمي، مع إنشاء منصات آمنة لتبادل البيانات بكفاءة، واعتبرتها ثورة زراعية خامسة ستسمح للفلاحين بزيادة الإنتاج في مساحات أقل وتلبية الاحتياجات الغذائية لعدد أكبر من السكان.
وأضافت مخلوفي، أن مساهمة الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الزراعية من خلال توفير حلول مبتكرة إلى جانب المبادرات الحكومية الهادفة إلى تطبيق الزراعة الرقمية خلال كل المراحل من الزراعة إلى التسويق، سيمهد الطريق أمام تقنيات زراعية مستقبلية قادرة على جعل الجزائر مكتفية ذاتيا، وتقترح إنشاء جمعية تعاونية مدعومة بتكنولوجيا متطورة، تلبي المعايير العالمية وتفتح الباب أمام الجزائر لخلق علامات تجارية في مجال الزراعة.
وتقول الباحثة، إن الزراعة الرقمية والذكية تمثل منهجا واعدا يدمج تقنيات الاستشعار وتحليل البيانات والتشغيل الآلي المتقدمة لتعزيز الكفاءة والإنتاجية والربحية والاستدامة، وتؤكد على أن قطاع الزراعة في الجزائر يتعين عليه التحول نحو ثورة تكنولوجية موفرة للطاقة والماء مشيرة، إلى أن الإدارة الزراعية الحديثة تعتمد على نظم التموضع العالمي وبرامج الذكاء الاصطناعي لرسم خرائط دقيقة للأراضي، مما يضمن توفير الاحتياجات الدقيقة لكل محصول لتحقيق أقصى إنتاجية.
زراعة المستقبل
وتؤكد الباحثة، على أن دعم قطاع الزراعة بتقنيات إنترنت الأشياء ومعالجة البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي والروبوتات، يسمح بتوفير بيانات مفصلة عن أنماط هطول الأمطار والدورات الهيدرولوجية، وجمع البيانات حول رطوبة التربة ومستويات الأسمدة لتحسين الري والتسميد والممارسات الزراعية، كما تستخدم لتحسين عمليات الإنتاج والمراقبة والحصاد والتسويق في الوقت الفعلي.
وتشير أيضا، إلى أن الزراعة الرقمية مدعومة بـ "البلوكشين" تحديد التقصير في العملية الزراعية وتأثيره على الجودة، كما يبرز دور الذكاء الاصطناعي كأداة قوية لإدارة المزارع التنبؤية، وذلك من خلال دمج بيانات الطقس ومدخلات المستشعرات على الأرض، كما يمكن له إعلام الفلاحين بفترات الجفاف القادمة أو انخفاض الرطوبة، مما يسهل اتخاذ التدابير الاستباقية مثل السقي أو تعديل التغذية.
وتضيف، أن الروبوتات والطائرات المسيرة تلعب دورا متناميا في التشغيل الآلي لمختلف الأنشطة الزراعية، بحيث تحل محل العمليات اليدوية التقليدية كقطف الثمار، وإزالة الأعشاب الضارة والري.
وتؤكد الدكتورة مخلوفي، أن الفلاح لن يتبن تقنيات الذكاء الاصطناعي فقط لأنها متاحة، بل يجب أن تكون بسيطة وبتكلفة معقولة، وتقدم قيمة حقيقية، مضيفة أنه يحتاج أيضا إلى الانتقال من التكنولوجيا المغلقة إلى واجهات برمجة التطبيقات المفتوحة، ومن التجارب إلى منصات قابلة للتوسع.
الطاقات المتجددة تعزز قطاع الزراعة
تشير الدكتورة مخلوفي، إلى أن الجزائر تمتلك إمكانيات كبيرة في قطاعي الطاقة والفلاحة، إلا أنها ترى أن ضمان الأمن الطاقوي والأمن الغذائي والأمن المائي، يتطلب تبني سياسات متكاملة، وتقول إنها تعتمد على تنويع مصادر الطاقة، وتحسين كفاءة الاستهلاك، وتعزيز مشاريع الري المبتكرة، مع تحسين إدارة موارد الطاقة والمياه.
وتؤكد، على أن تكنولوجيا الطاقات المتجددة تعد محركا جديدا لدفع قطاع الزراعة نحو الاستدامة، وذلك من خلال استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في تشغيل أنظمة الري الذكية، والإدارة الرشيدة للموارد المائية وحفظ المنتجات وتشغيل المعدات الزراعية، بحيث يمكن لهذا القطاع أن يحقق استقلالية أكبر وكفاءة أعلى وانبعاث أقل، ما يجعله جزءا من الحل لمواجهة تحديات الغذاء والماء والطاقة والمناخ في آن واحد.
وتشير المختصة، إلى فعالية الطاقة الكهروضوئية في تجسيد العلاقة بين الماء والطاقة والغذاء، إذ تعمل على تحسين صحة التربة، كما تحافظ على رطوبتها وترعى الأنواع المحلية وتنتج الغذاء وتوفر طاقة أقل تكلفة.
وقد تم تركيب عدة منشآت شمسية كهروضوئية بقدرة إجمالية بحوالي 4.73ميغاواط بحلول سنة 2023، وخلال هذه السنة تم تركيب قدرة إضافية قوامها +0.25 ميغاواط، موزعة على أنظمة الضخ الكهروضوئية بقدرة 179 كيلواط، ومجموعات الطاقة الشمسية الكهروضوئية لتزويد المناطق المعزولة بالكهرباء بقدرة 65 كيلواط، وهي مشاريع قالت إنها تمنح رصيدا للادخار المالي في فواتير الكهرباء. إلا أن هذا غير كاف في نظرها، إذ لا يزال الطريق طويلا كما تقول أمام تعميم استخدام الطاقات المتجددة في المزارع والصناعات الغذائية، وتؤكد أنه ورغم تأخر الجزائر في تطوير الطاقات المتجددة في هذا القطاع، يمكن تدارك الوضع سريعا واغتنام الفرصة لتطوير مشاريع ذكية ومستدامة.
إ.ز
تعرفه الأقطاب الحضرية بالخروب
رمي عشوائي للنفايات يسبب تدهورا في المحيط البيئي
تشهد الأقطاب العمرانية الحضرية ببلدية الخروب في قسنطينة تدهورا في المحيط والبيئة، حيث ينتشر بأحيائها رمي النفايات ما أدى لخلق نقاط رمي عشوائية وسط نسيج عمراني أضر بالمحيط والساكنة، في وقت ذكرت مصالح البلدية أنّ نقص الإمكانيات حال دون تكفل أحسن بهذا الجانب.
وتحوّل رمي النفايات العشوائية علامة لافتة بالأقطاب الحضرية لبلدية الخروب، إذ يمكن للفرد أن يقف من خلال جولة بسيطة على حجم النفايات المتراكمة بهذه المناطق ومدى انتشارها، خاصة وأنّ الأمر يتعلق بوسط حضري ونسيج عمراني لا تحترم نقاط الرمي به ما يقدم صورة سلبية عن المنظر العام وكذا تحولها لبيئة حاضنة للحشرات وما يصاحبها من أمراض بالإضافة للروائح الكريهة، ووقفت النّصر بالقطب الحضري عين النحاس على تراكم كميات من النفايات في مواضع عشوائية منها نقطة تضم أكياسا عليها آثار حرق وكنبة بمحاذاة أدراج تبعد عنها 4 حاويات بأمتار قليلة، وصعدنا الأدراج لنلاحظ كذلك أكياسا مرمية على مسافة قليلة من الموقع الأول، وفي مشهد متناقض عند رصيف بذات القطب غرست به مجموعة من الأشجار لكن تنتشر خلفها نفايات ممتدة لأمتار.
واستمرّ تجوالنا أين لاحظنا بأعلى الطريق الرئيسي الثاني حاوية من الحجم الكبير تنتشر بمحيطها نفايات وبالقرب منها مخلفات تم حرقها، وأكّد مواطنون أنّ الحاوية غير كافية لاستيعاب المخلفات ما يتسبب في رميها بأماكن قريبة، مؤكدين أن هذا ليس عذرا يبرّر خطيئة الفعل، والتقينا بشخص آخر قال إنّ نقاط الرمي بعيدة عن بعض السكان فيلجؤون للرمي بأماكن أقرب ما أدى لتشكّل عدّة نقاط عشوائية.
وتتشابه الصورة بمنطقة الضريح حيث تنقلنا رفقة عضوين من ممثلي المجتمع المدني إلى المنطقة السكنية "ش" في منطقة تعتبر مركز المنطقة حيث تضم أرضية كبيرة الحجم تحيط بها العمارات من كل جانب وتتراكم بها المخلفات، ليذكر مرافقانا أنّها نقطة سوداء سببها قيام التجار الفوضويون بالمكان برمي مخلفاتهم حيث لاحظنا وجود كميات من الطماطم، إلى جانب أصحاب المحلات المحيطة، وسرنا مسافة قليلة وجدنا مساحة أرضية ثانية لا تقل سوءا عن الأخرى، كما يظهر أنّ الحاويات الموضوعة بالمنطقة ليست كافية لتغطية كامل المساحة، كما أنّ بعضها متدهور، وأخرى رغم وجودها إلا أنّ حجم المخلفات المنتشر بمحاذاتها يفوق بكثير ما بداخلها في صورة ما لاحظناه بالمنطقة السكنية "ل".
وأرجع مواطنون السبب إلى جامعي البلاستيك حيث يقومون ببعثرة الحاويات وترك محتوياتها منتشرة، وهو ما لاحظناه بمنطقتين، في المقابل اعترف مواطنون بأنّ مصالح البلدية تقوم برفع هذه النفايات والنقاط العشوائية كانت محل حملات تطوعية لكنها سرعان ما تعود لحالتها.
واشتكى مواطنون بماسينيسا القديمة من انتشار النفايات خاصة بالمنطقة السكنية "أ" أين يقع السوق الفوضوي للخضر والفواكه، معتبرين أنّ تجاره المسبب الأول في انتشار هذه القمامة بالمنطقة الذين يرمون مخلفاتهم دون مسؤولية، وصادف حضورنا بالمكان وجود مجموعة من الأبقار تتجول لوحدها وتطرح مخلفاتها في كل مكان تحط عليه أقدامها، وذكر مواطنون أنّ هذه هي وضعية ماسينيسا مؤكدين تضررهم من تدهور المحيط الذي يعود لسنوات، كما عبروا عن رغبتهم في تحويل التجار إلى مكان أكثر ملاءمة بطريقة نظامية.
80 بالمائة نسبة الرفع
من جهته اعترف مدير البيئة ببلدية الخروب، رياض العيفاوي، في اتصال بالنّصر بوجود نقائص واختلالات في ما يتعلق بمعالجة النفايات المنزلية، مرجعا الأمر لغياب المخطط التوجيهي لتسيير النفايات المنزلية وما شابهها، وكذا عدم تحديث نقاط رمي القمامة نظرا لاتساع مجال التدخّل ما جعل الأمر يخرج عن السيطرة نوعا ما حسب وصفه، لافتا إلى أنّ الإشكال يطرح بشكل أكبر في الأقطاب العمرانية خاصة الضريح الذي يضم 50 ألف نسمة، كما أنّ حجم إنتاجه من النفايات مع القطب عين النحاس يفوق 50 طنا يوميا، مضيفا أنّ نسبة التكفل برفع النفايات المنزلية تقدّر بحوالي 80 بالمائة حيث لا يتم التكفل بكل النقاط وبالتالي فالنقاط السوداء العشوائية تزداد، كذلك بحكم نقص عتاد المؤسسة المسؤولة عن العملية بسبب اتساع المجال الذي يحتوي على حوالي 350 نقطة جمع، كذلك نقص اليد العاملة والإمكانيات المالية.
واعترف المتحدّث كذلك بوجود مشكلة اهتراء الحاويات قائلا إنّ المؤسسة لا تملك الحاويات لتجديدها، إلى جانب غياب نظام رسكلة النفايات، فضلا عن ضعف وعي المواطن وعدم احترامه لموعد مرور الشاحنات من جهة والباحثين عن البلاستيك وبعثرتهم للحاويات كذلك غياب الرّدع، كما أكّد عزم البلدية القضاء على السوق الفوضوي بماسينيسا القديمة، وتطرّق المتحدّث للحلول حيث ذكر وجود برنامج التسيير المدمج محليا للنفايات المنزلية وإنتاج الطاقة انتهت مرحلة التشخيص به ويتم العمل على مرحلة إعداد الحلول، كما أكّد أنّه تم الحديث مع المؤسسة المكلفة برفع النفايات لتعزيز وجود حاويات القمامة.
إسلام. ق
الخبير المعتمد الأستاذ هشام عداد للنصر
الرقابة البيئية لمكاتب الدراسات مطالبة بكسب رهان الرقمنة
يرى الخبير المعتمد من طرف وزارة البيئة وجودة الحياة ورئيس لجنة مكاتب الدراسات للجمعية الوطنية للجغرافيا وتهيئة الإقليم والتخطيط والاستشراف الأستاذ هشام عداد، بأن عمل مكاتب الدراسات المعتمدين لدى وزارة البيئة يواجه اليوم عديد التحديات في زمن الرقمنة، أين تسعى هاته المكاتب لكسب الرهان المعلق عليها ضمن الخدمات التي تقدمها لعديد الشركاء في مجال البيئة، وخاصة المستثمرين الذين يعتبر محدثنا بأن الرقابة على مؤسساتهم وجب أن تتواصل حتى بعد اعتمادها ودخولها حيز الاستغلال.
وأوضح الخبير المعتمد بأن الرقابة البيئية في زمن الرقمنة بات من أكثر المواضيع إلحاحًا في سياق التنمية المستدامة، مع تركيز خاص على دور مكاتب الدراسات، التي تقف اليوم عند مفترق طرق حاسم بين التحديات التقليدية والرهانات المستقبلية، ويضيف المتحدث بأن التحولات الرقمية التي يعرفها العالم ، تُحدث اليوم تحوّلًا جذريًا في أساليب الرقابة البيئية، سواء من حيث المنهجيات أو الأدوات أو أنماط الإنتاج والتتبع، مشيرا بأنه وفي خضم هذه الثورة، تقف مكاتب الدراسات بصفتها طرفًا فاعلًا في منظومة الحوكمة البيئية، مطالَبة بإعادة تشكيل دورها، وتحديث مقارباتها، ورفع سقف جاهزيتها التقنية والبشرية، لتستجيب لمتطلبات عصر رقمي متسارع لا يرحم التراخي أو الجمود.
ويعرّف محدثنا الرقابة البيئية على أنها منظومة من العمليات والإجراءات التي تهدف إلى رصد وتقييم، وضبط الأنشطة البشرية التي قد تُحدث آثارًا سلبية على المحيط البيئي، سواء على مستوى الهواء أو المياه أو التربة، أو النظام البيولوجي، وهي تمثل أداة استراتيجية لضمان احترام التشريعات البيئية من قبل المؤسسات والمشاريع والمستثمرين، أين تشمل الرقابة البيئية مجموعة من الأدوات، على غرار التصاريح البيئية، والدراسات القبلية والتقارير الدورية، وكذا التفتيش الميداني والمعاينات، وصولا لإعداد نظام التصنيف البيئي للمؤسسات والأنشطة إضافة إلى نظام العقوبات والمخالفات البيئية، وعرفت الرقابة البيئية في الجزائر تطورا، فمنذ صدور القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، عرف الإطار التنظيمي للرقابة البيئية في الجزائر تطورًا تدريجيًا، غير أن التطبيق -بحسب محدثنا- بقي لسنوات رهين الوسائل البشرية التقليدية، مما خلق فجوة بين طموحات النصوص القانونية والواقع الميداني المعقد.
ويضيف رئيس لجنة مكاتب الدراسات للجمعية الوطنية للجغرافيا وتهيئة الإقليم والتخطيط والاستشراف التي تأسست سنة 2023، بأن الرقمنة كعامل تغييري شامل في الرقابة البيئية
تطورت من الرقابة الورقية إلى الرقابة الذكية، ففي العالم الرقمي، لم تعد الرقابة البيئية تعتمد فقط على الزيارات الدورية وتقارير الورق، بل أصبحت تعتمد على المجسات الذكية لمراقبة جودة الهواء والماء والتربة في الزمن الحقيقي، وعلى أنظمة المعلومات الجغرافية (GIS) لتحديد المواقع الحرجة وتتبع تغير استخدام الأرض، وعن طريق الاستشعار عن بعد (Remote Sensing) للكشف عن التغيرات الكبرى في الغطاء النباتي والامتداد العمراني، أو التلوث الحراري، وكذا من خلال الطائرات بدون طيار "درون" لتفقد المواقع صعبة الولوج أو الواسعة، إضافة للاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات للتنبؤ بالمخاطر البيئية واتخاذ قرارات وقائية، ويعتمد كذلك على المنصات الإلكترونية للتصاريح والمتابعة التي تسمح برقمنة ملفات المشاريع، وتسهيل الوصول إلى المعلومات.
ويبين المتحدث بأن للرقمنة في الرقابة البيئية فوائد عديدة ومنها الدقة والسرعة في الرصد والتحليل وتقليص التكاليف على المدى البعيد، والشفافية وإتاحة المعلومة البيئية للمواطن، وصولا لتحسين قابلية تتبع المخالفات البيئية والتصرف الفوري، ويؤكد المتحدث صاحب مكتب دراسات مختص في إعداد دراسات التأثير ودراسات الخطر والمراجعة البيئية التحليلية والدراسات المرتبطة بإعداد المخططات في ميدان البيئة وكذا دراسة إزالة التلوث وتطهير المواقع والأوساط المستقبلة، والدراسات المرتبطة بإعادة تأهيل وإعادة تهيئة المواقع والأنظمة البيئية بالإضافة للدراسات المرتبطة بتنمية المساحات الخضراء وتهيئتها والدراسات المرتبطة بإنجاز الأنظمة المعلوماتية الخاصة بالبيئة والدراسات المرتبطة بتسيير النفايات والاقتصاد الدائري، بأن مكاتب الدراسات اليوم هي فاعل بين المطرقة والسندان، وبالعودة للدور التقليدي لمكاتب الدراسات، فلطالما لعبت مكاتب الدراسات البيئية دورًا محوريًا في إعداد الملفات البيئية، على غرار دراسات التأثير على البيئة (EIE) ودراسات تقييم المخاطر البيئية وإعداد مخططات التسيير البيئي ورسم خطط الطوارئ البيئية، وتحرير تراخيص إنشاء المؤسسات المصنفة، أين كان هذا العمل يعتمد أساسًا على المعاينات الميدانية والخبرة التقنية، والاشتغال ضمن أطر تنظيمية محددة، أما اليوم فمكاتب الدراسات تواجه تحديات في زمن الرقمنة، فالرقمنة طرحت على هذه المكاتب تحديات جديدة غير مسبوقة، على غرار نقص التكوين في البرمجيات الحديثة مثل ArcGIS" AutoCAD Civil 3D، ENVI، QGIS، Python for Environmental Analysis"، والاستثمار المكلف في المعدات الرقمية مثل الطائرات بدون طيار، والمحطات المتنقلة، والمجسات متعددة الوظائف، ناهيك عن تأخر بعض الإدارات في اعتماد المنصات الرقمية مما يعيق التنسيق، وكذا التنافس مع كيانات دولية تمتلك خبرات وأدوات رقمية متقدمة، ونقص التشريعات التي تفرض الرقمنة كمعيار إلزامي في إعداد الدراسات البيئية.
و يرى الخبير بأن هناك تحولات مطلوبة من مكاتب الدراسات، وهو واقع أملته الرقمنة، أين وجب على هاته المكاتب، أن تتبنى الرقمنة كمكون أساسي في منهجية العمل، والاستثمار في التكوين المستمر للموارد البشرية، والتحول نحو التخصص في مجالات دقيقة مثل رقمنة خرائط المخاطر والنمذجة البيئية وتحليل صور الأقمار الصناعية، وعقد شراكات مع الجامعات ومراكز البحث لتعزيز القدرات الرقمية، ويبين محدثنا بأن الجمعية الوطنية للجغرافيا وتهيئة الإقليم والتخطيط والاستشراف تثمن استراتيجية الدولة في رقمنة قطاع البيئة، بالرغم من رهانات الرقابة الرقمية في البيئة الجزائرية، ففرص الانتقال الرقمي في الجزائر من شأنها أن توفر قاعدة بشرية شابة ومؤهلة، بالإضافة إلى المشاريع الرقمية العمومية التي هي قيد التنفيذ على غرار الوكالة الوطنية للعصرنة وبوابة التصريح البيئي، إلى جانب تسجيل ازدياد الوعي البيئي داخل المجتمع المدني، وصولا للدعم الدولي من شركاء تقنيين ومنظمات أممية، وبخصوص العقبات القائمة، فيتعلق ذلك بهشاشة الربط الرقمي في بعض المناطق، وتردد بعض المؤسسات في تقاسم المعطيات البيئية، مع نقص مواءمة المنظومة القانونية مع الأدوات الرقمية الحديثة، وضعف ثقافة "البيانات المفتوحة" في المجال البيئي.
ويقترح الأستاذ هشام عداد جملة من التوصيات العملية، مبينا بأنه وبصفته من المهنيين الممارسين في هذا المجال، فهو يقترح بعض التوصيات الملموسة، على غرار إدراج معايير رقمية إجبارية في دفاتر الشروط الخاصة بالمشاريع البيئية، وكذا إنشاء منصة وطنية موحدة للرقابة البيئية الرقمية، تربط بين الإدارات ومكاتب الدراسات والمستثمرين، وصولا لتمويل مشاريع الابتكار البيئي الرقمي ضمن برامج دعم الشباب والمؤسسات الناشئة، مع إدراج مادة "الرقمنة البيئية" في التكوين الجامعي لمهندسي البيئة والتعمير، وإطلاق خريطة وطنية تفاعلية للملوثات والمخاطر البيئية، وتشجيع استخدام تطبيقات الهاتف النقال لتتبع الانبعاثات والشكاوى البيئية.
ويعتبر محدثنا بأن مستقبل الرقابة البيئية في الجزائر، وفي العالم أجمع، لن يكون إلا رقميا، مشيرا بأن من لا يركب قطار الرقمنة اليوم، قد لا يجد لنفسه مكانًا في منظومة الغد، ومكاتب الدراسات، بمرجعيتها التقنية واحتكاكها اليومي بالميدان، مدعوة إلى أن تكون قاطرة هذا التغيير لا متأخرة عنه، مشيرا بأن ما نعيشه اليوم ليس فقط تحولا تكنولوجيا، بل هو تحول ثقافي في طريقة إدراكنا للبيئة، وقياسنا للأثر، وتفاعلنا مع المعطى الطبيعي، ويدعو محدثنا لاغتنام هذه اللحظة التاريخية لإعادة هندسة الرقابة البيئية على أسس جديدة قوامها الشفافية والدقة والسرعة والفعالية.
أحمد ذيب
شرعت مديرية البيئة لولاية قسنطينة في تطبيق القرار التنفيذي رقم 24-61 المؤرخ في 29 جانفي 2024، الذي يهدف إلى تنظيم نشاط جمع النفايات القابلة للرسكلة باعتباره أحد ركائز الاقتصاد الدائري، من خلال تحديد المواد القابلة للاستخراج وكميات النفايات الممكن إعادة تدويرها، إلى جانب تقديم تسهيلات إدارية وامتيازات جبائية لفائدة الأشخاص الطبيعيين الممارسين لهذا النشاط، وفي مقدمتها الإعفاء الكامل من الجباية، بما يكرس نقلة نوعية نحو تنظيم هذا القطاع وتمكين الناشطين فيه قانونيا واقتصاديا.
وفي تصريح خصت به جريدة النصر، أكدت طريفة ليليا، مهندس رئيسي ورئيسة مصلحة البيئة الحضرية بمديرية البيئة لولاية قسنطينة،أنه بات بإمكان كل من يزاول نشاط جمع النفايات القابلة للرسكلة بصفة فردية التقدم بطلب رسمي للحصول على رخصة جمع النفايات، وفقا لما جاء في المادة الرابعة من القرار التنفيذي، مما يتيح له الاستفادة من الإعفاءات والامتيازات القانونية الجديدة.
وأضافتطريفة ليليا، أن المرسوم التنفيذي جاء ليضبط بدقة قائمة المواد القابلة للاسترجاع، ويحدد كيفية تطبيق الإعفاءات والتسهيلات الجبائية الموجهة لفائدة الأشخاص الطبيعيين دون غيرهم من الأشخاص المعنويين، أي أولئك الذين يمارسون النشاط بأسمائهم الشخصية وليس ضمن شركات تجارية. وأبرزت المتحدثة أن هذا التوجه يندرج في إطار تشجيع المبادرات الفردية والمقاولات المصغرة، بهدف الحد من البطالة ودمج النشاط غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي.
كما شددت على أن من الشروط الأساسية للاستفادة من الإعفاءات، إبرام اتفاقية مع مؤسسة معتمدة تنشط في مجال رسكلة النفايات، وهو ما يسمح بتتبع المسار الكامل للنفاية، وضمان التعامل مع جهة مختصة تضمن سلامة العملية بيئيا وتنظيميا. واعتبرت أن هذه الآلية الجديدة تشكل فرصة حقيقية للراغبين في ممارسة هذا النشاط بصفة قانونية ومربحة، في ظل توفر دعم إداري وامتيازات جبائية محفزة.
وأضافت المسؤولة أن المديرية سبق وأن نظمت لقاءات مع الناشطين في هذا المجال، وتمت مواكبتهم وتقديم التوضيحات اللازمة، مما أثمر عن منح 15 رخصة جمع نفايات قابلة للرسكلة إلى حد الآن على مستوى ولاية قسنطينة. ودعت بهذه المناسبة جميع الممارسين أو الراغبين في الالتحاق بهذا النشاط، إلى التوجه إلى مصالح المديرية لتقديم ملفاتهم واستخراج رخصهم القانونية المبررة لممارسة الأنشطة المذكورة في المرسوم أعلاه، أمام مصالح الأمن ونقاط المراقبة ومصالح التفتيش مرفوقين بالملف الذي يتكون من طلب خطي، استمارة طلب رخصة جمع النفايات، نسخة من اتفاقية مع متعامل واحد في رسكلة ومعالجة النفايات على الأقل بالإضافة إلى نسخة من بطاقة الهوية ومستخرج من شهادة الميلاد.
ولفتت طريفة ليليا إلى أن رخصة جمع النفايات تمنح لمدة ست سنوات ابتداء من تاريخ توقيعها، ويستفيد صاحبها خلالها من إعفاء جبائي كامل. كما أكدت إمكانية تجديد الرخصة لاحقا، غير أن ميزة الإعفاء الجبائي لا تمدد بعد التجديد. وأضافت أن الأشخاص الذين يملكون رخصا خاصة برسكلة النفايات يمكنهم أيضا التقدم بطلب للحصول على رخصة جمع النفايات، ما يسهم في تكامل الأدوار وتعزيز فعالية سلسلة الفرز وإعادة التدوير.
وأشارت رئيسة المصلحة إلى أن هذه الإجراءات التنظيمية الجديدة تنسجم تماما مع القانون رقم 02-25 المعدل والمتمم للقانون 01-19 المؤرخ في 12 ديسمبر 2001، ويتضمن القانون الذي وقعه رئيس الجمهورية،مؤخرا عدة تدابير أبرزها تأسيس الاستراتيجية الوطنية للتسيير المدمج للنفايات والتأسيس كذلك لنظام رقمنة لتسيير النفايات، بالإضافة إلى إدراج تعاريف جديدة مستمدة من تلك التي كرستها الأمم المتحدة لإدخال المبادئ الأساسية للاقتصاد التدويري للنفايات.
كما بات لكل نوع من النفايات رمز خاص ومعتمد، يسهل تتبعه وتصنيفه وضمان معالجته بطريقة احترافية وبيئية، وفقا للمعايير الدولية. وفي السياق المحلي، ذكرت المتحدثة بأن والي ولاية قسنطينة سبق وأن أصدر قرارا يمنع جمع النفايات بطريقة عشوائية، وهي خطوة كانت تهدف إلى تقنين هذا النشاط وتفادي مظاهره السلبية، على غرار التلوث أو التعدي على الفضاءات العمومية.
ويشكل هذا الإطار القانوني الجديد نقلة نوعية في تنظيم نشاط جمع النفايات القابلة للرسكلة، من خلال إدماجه ضمن مسار رسمي ومؤطر يضمن كرامة الممارسين وحقوقهم، ويمنحهم فرصا حقيقية للاندماج في الاقتصاد الأخضر. وقد وجد القرار صدى إيجابيا لدى الناشطين في هذا المجال، الذين رأوا فيه اعترافا بدورهم الحيوي في الحفاظ على البيئة وتقليل الضغط على مراكز الردم، فضلا عن كونه خطوة عملية نحو بناء منظومة بيئية مستدامة ومندمجة تراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي في آن واحد.
رضا حلاس
تسجل العديد من دول العالم ومنها الجزائر، ارتفاعا غير مسبوق في الطلب على الكهرباء منذ بداية شهر جويلية الجاري، في ظل موجة حر كبيرة تشير التنبؤات أنها ما زالت مستمرة، لتبرز الحاجة الملحة لحلول مبتكرة تعمل على تقليص معدل الاستهلاك وتدعم اقتصاديات الدول وتحمي البيئة، يرى خبراء أنها تكمن في رفع كفاءة الطاقة في المباني كأحد الحلول الجوهرية والمستدامة لمواجهة هذا التحدي المتصاعد.
إعداد : إيمان زياري
ووفقا لآخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الصادر في النصف الأول من العام الجاري 2025، فإن الخبراء يتوقعون نموا في الطلب العالمي على الكهرباء بنحو 4 بالمائة سنويا بحلول العام 2027، وأشار التقرير إلى أن مقدار الزيادة من المتوقع أن يفوق إجمالي استهلاك اليابان السنوي من الكهرباء كل عام من الآن وإلى غاية سنة 2027.
طلب عالمي متزايد على الكهرباء
وعلى الرغم من أن التقرير أرجع جزءا كبيرا من هذا النمو لقطاع صناعي عالمي متعطش للكهرباء والتوسع السريع الذي يعتمد بكثافة على الكهرباء لتصنيع الألواح الشمسية والبطاريات والمركبات الكهربائية والمواد المرتبطة بها، إلا أن تقديرات الخبراء لتنامي الطلب خاصة في فصل الحر، يرتبط أيضا باستخدام المكيفات الهوائية إلى جانب مراكز البيانات وشبكات الجيل الخامس.
كما أبدى تقرير الوكالة تفاؤلا بشأن مصادر الطاقة النظيفة منخفضة الإنبعاثات، كالطاقات المتجددة والطاقة النووية، والتي أظهر أنه بإمكانها مواكبة نمو الطلب العالمي مع استمرارها في التقليص من حجم الاعتماد على الفحم كعنصر أساسي في مزيج الطاقة، وأضاف أنه من المتوقع أن تصبح الطاقة الشمسية ثاني أكبر مصدر للطاقة منخفضة الإنبعاثات خلال سنة 2027 بعد الطاقة الكهربائية، على أن يسجل انخفاض في حصة المصادر الملوثة في عملية توليد الطاقة إلى أقل من 33 بالمئة لأول مرة منذ 100 سنة.
استهلاك ضخم للطاقة في المباني
تشير أرقام الوكالة الدولية للطاقة دائما، إلى أن المباني سواء كانت سكنية، خدماتية أو صناعية، تستهلك ما يقارب الـ30 بالمئة من إجمالي استهلاك الطاقة في العالم، بينما يقدر استهلاك الكهرباء بأكثر من 50 بالمائة من الاستهلاك العالمي، في رقم قياسي ترى بأنه مدفوع بالحاجة إلى التكييف والإنارة والتشغيل اليومي للأجهزة المنزلية والتجارية، حيث تشكل الأجهزة الكهربائية 45 بالمائة من إجمالي الطلب على الكهرباء، كما أنها تتسبب في انبعاثات كربونية هائلة قدرت بـ3 مليارات طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ولمواجهة هذا الاستنزاف في الطاقة العالمي، يبرز مفهوم المباني «صفرية الطاقة» باعتبارها من أهم الطرق المبتكرة في التقليل من هذا الإستهلاك وفي تقليص البصمة الكربونية للمباني بشكل عام، بحيث تستخدم مصادر الطاقة المتجددة في تلبية إحتياجاتها بالكامل، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أين تعمل على توليد الطاقة قبل استهلاكها، مما يخلق مبدأ الكفاءة في استهلاك الطاقة، على أن تكون وفقا لتصاميم معمارية متطورة، واعتمادها على تقنية العزل الحراري واستخدام الإضاءة الموفرة للطاقة وكذلك التهوية ذات الكفاءة العالية.
سونلغاز تسجل استهلاكا قياسيا قبل الوقت
من جهتها، أعلنت مؤسسة سونلغاز أمس الأول الإثنين، عن تسجيل ذروة قياسية جديدة في استهلاك الكهرباء عبر الوطن للمرة الثالثة على التوالي خلال شهر جويلية، في ذروة قال خبراء في الطاقة إنها ليست في أوانها، خاصة وأن الذروة كانت تسجل خلال شهر أوت، وذلك تزامنا والارتفاع المحسوس في درجات الحرارة الذي يجتاح دولا من العالم نتيجة للتغيرات المناخية.
وقالت المؤسسة في بيان لها إنها قد سجلت رقما قياسيا جديدا في الطلب على الكهرباء في تمام الساعة الثالثة زوالا، أين بلغ الطلب 19770 ميغاواط، وهو الارتفاع الذي أرجعته إلى الاستعمال المكثف لأجهزة التكييف من أجل مواجهة درجات الحرارة المرتفعة خاصة خلال فترة الظهيرة. وعلى الرغم من أن المؤسسة قد طمأنت المواطنين بصمود الشبكة الكهربائية الوطنية، بتلبية الطلب المحلي دون تسجيل انقطاعات أو اضطرابات كبيرة، واستمرار عملية التصدير نحو دولة تونس، إلا أنها دعتهم للتحلي بروح المسؤولية من خلال ترشيد استهلاك الكهرباء خاصة في أوقات الذروة، وتفادي تشغيل الأجهزة الثقيلة في وقت واحد.
الخبيرة في الطاقات المتجددة الدكتورة كريمة قادة تواتي
كفاءة الطاقة في المباني أهم خطوة لخلق الاستدامة
قالت الخبيرة في الطاقات المتجددة، الدكتورة كريمة قادة تواتي، إن موجات الحر أصبحت واقعا في ظل تغيرات مناخية يزيد تعقدها عاما بعد آخر، داعية للتحلي بالوعي في مواجهة هذا الواقع عبر سياسات حكيمة وبرامج قائمة على الاستدامة، بداية من تنويع مصادر الطاقة النظيفة، ووصولا إلى تبني نمط بناء قائم على كفاءة الطاقة، يكون كفيلا بتقليص الاستهلاك من جهة، وفي خلق مباني تنتج الطاقة التي تستهلكها بمفردها من جهة ثانية، في توجه لا بد من تبنيه في المشاريع السكنية ولو بنسبة 50 بالمائة.
وأوعزت الخبيرة زيادة الطلب على الكهرباء منذ بداية شهر جويلية الجاري، إلى موجة الحر التي تجتاح البلاد، لتسجل ذروة في الطلب كانت قد سجلت خلال السنوات الماضية في شهر أوت، مشيرة إلى أهمية الاعتماد على حلول للتقليل من الأثر البيئي وتقليص استهلاك الطاقة وتحقيق وفرات مع الامتثال للتشريعات وتوفير راحة أفضل للسكان، ترى بأنها كلها أهدافا تتحقق من خلال رفع كفاءة الطاقة في المباني.
حل بيئي ومستدام
وأكدت الدكتورة قادة تواتي على ضرورة التوجه نحو هذه المباني التي تستهلك طاقة أقل، مما يساهم بشكل كبير في تقليص فواتير الطاقة للسكان والمسييرين بالنسبة للمؤسسات، أما من الناحية البيئية، فتلعب الكفاءة البيئية دورا مهما، أين أكدت أنها تقلل من الاستهلاك الطاقوي وبالتالي تقليل الانبعاثات الدفيئة ومنه المساهمة في مكافحة التغيرات المناخية والحفاظ على جودة الهواء.
أما من الناحية الاجتماعية، فتلعب الكفاءة الطاقية في المباني بحسب الخبيرة دورا مهما في تحقيق الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية، بحيث تعزز الكفاءة الطاقية في المباني الصديقة للبيئة، وهذا في إطار التنمية المستدامة، كما تمكن من الامتثال للتشريعات والحوافز، مشيرة إلى العديد من الدول التي لجأت لفرض معايير صارمة فيما يتعلق بالكفاءة الطاقية للمباني، من خلال توفير دعم مادي أو فرض ضرائب، وذلك لتشجيع تنفيذها، فضلا عن أنها تمكن السكان من العيش في راحة ورفاهية، بفضل مباني معزولة جيدا وذات أداء عال يضمن راحة حرارية أفضل، وجودة هواء داخلية محسنة، كما يمكن من تقليل الضوضاء مما يرفع من جودة الحياة وتعزيز القيمة العقارية، لكون المباني الصديقة للبيئة غالبا ما تكون ذات قيمة سوقية أعلى، تجدب المزيد من المشترين أو المستأجرين المهتمين ببصمتهم البيئية.
الطاقة النظيفة والهندسة المعمارية المحلية القديمة مثال للاستدامة
ولعل من أهم التدابير والاستراتيجيات التي من شأنها أن تساهم في خلق مباني مستدامة، تركز الخبيرة على ضرورة تحسين المعدات والتقنيات، وذلك من خلال الاعتماد على أنظمة وتجهيزات أكثر كفاءة، تستهلك طاقة أقل، وهذا ما يوجد في مصابيح «لاد» أو المحركات ذات الكفاءة العالية، مع تبني التقنيات المتطورة وأنظمة التدفئة والتهوئة الحديثة التي تقلص استهلاك الكهرباء.
ولأن الكفاءة تبدأ من العزل الجداري، تشدد الخبيرة على ضرورة الإعتماد على تصاميم تقوم على العزل الحراري للمباني، من خلال تصاميم بيئية والإعتماد على مواد عالية الآداء، للتقليل من الحاجة للتدفئة والتبريد، وهنا تبرز كما تقول العمارة الجزائرية التقليدية القائمة على تصاميم مستدامة، بتقنيات بناء ومواد بناء تساعد على تبريد وتدفئة البيوت دون حاجة لطاقة صناعية، كما تتحدث أيضا عن ترشيد وتحديد العمليات الصناعية والتجارية والسكنية، من أجل التقليل من هدر الطاقة.
الدكتورة قادة تواتي ركزت أيضا على التسيير والإدارة الذكية للطاقة، من خلال الاعتماد على أنظمة التحكم مثل المنزل الذكي وأنظمة المراقبة، وهذا لضبط الاستهلاك بشكل فوري وفقا للاحتياجات، مع ضرورة التحسيس والتوعية بتشجيع الممارسات الأكثر مسؤولية في استهلاك الطاقة، وهذا دور الجمعيات البيئية التي تساهم في نشر الوعي البيئي وسط المواطنين والتي تبدأ من العائلة الصغيرة وصولا إلى المجتمع.
دمج الطاقات المتجددة، أيضا يشكل أحد أهم ركائز رفع الكفاءة في المباني، حيث تقول محدثتنا إن هذه المباني لابد وأن تبنى على نظام قائم على الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح والكتلة الحيوية، وذلك لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليص الأثر البيئي، داعية لاعتماد معايير وشهادات وتنظيمات تهدف لتشجيع الكفاءة الطاقية في جميع القطاعات، مع عدم إهمال الصيانة الوقائية واحترام الفحص المنتظم وصيانة المعدات لضمان آدائها الأمثل وتفادي فقدان الطاقة، معتبرة إياه عاملا مهما جدا في العملية ككل، بحيث تكون وفق برنامج نصف سنوي أو سنوي، معتبرة إياها استراتيجيات بإمكانها أن تحقق وفرات كبيرة في الطاقة وتقليص التكاليف وبشكل خاص تقليص الأثر البيئي وبالتالي تقليص التلوثات البيئية.
المشاريع السكنية فرصة الجزائر لخلق بناءات مستدامة
وعن واقع المباني في الجزائر، شددت الخبيرة الطاقوية على ضرورة دمج الطاقات المتجددة في المشاريع السكنية الهائلة التي يتم إنشاؤها عبر مختلف ولايات الوطن، مؤكدة أنها نقطة تثار في كل توصيات المجلس الإقتصادي، وقالت إن المشاريع السكينة الضخمة التي أنجزت ولا تزال قيد الإنجاز لابد أن تدمج فيها الطاقات المتجددة والاعتماد على هندسة معمارية مستدامة، وكذا الاعتماد على مواد بناء صديقة للبيئة ولو في 50 بالمئة من هذه المباني، منتقدة عدم أخذ هذه التوصيات بعين الاعتبار ما عدا بعض المدارس التي تعتمد على الطاقة الشمسية إلا أن عددها قليل جدا.
ودعت الخبيرة إلى ضرورة اعتماد سياسات عمومية واضحة، مع الأخذ بعين الاعتبار الطاقة الهائلة التي يمكن تقليصها، خاصة في البنايات من خلال اعتماد مواد بناء أكثر استهلاكا للطاقة، خاصة وأنها تساعد على امتصاص الحرارة وعزل البرد، وأشارت إلى الخطوة التي وصفتها بالجيدة للوكالة الوطنية لتطوير استخدام الطاقة، والتي قالت إنها تعمل ومنذ سنوات لترشيد الإستهلاك، وقامت بعدة مبادرات منها مبادرة السخان المائي بالطاقة الشمسية، والذي أعلنت عن منح امتيازات للمهتمين والاستفادة من مساعدة مالية بقيمة 65 ألف دينار جزائري للاقتناء والتركيب، في خطوة لتشجيع المواطنين على مثل هذه السلوكات، وأكدت أن دعم الدولة للمواطنين بالنسبة لاستهلاك الكهرباء والغاز من خلال دفع 30 بالمئة فقط من ثمن الكيلوواط، مؤكدة أنه لو تم فرض دفع الثمن الحقيقي للكيلواط، لكان الجميع قد تحول للطاقة الشمسية
وغيرها. إ.ز
يعمل داخل ورشة بسيطة وبإمكانيات يدوية
حرفي يحول بقايا خشبية إلى تحف بقيمة بيئية
يعيد الحرفي زهير سخري من ولاية ميلة، الحياة إلى بقايا يجمعها من الطبيعة، وداخل ورشته البسيطة وبأدواته اليدوية يبدع في صناعة مجسمات خشبية ولوحات فنية ناطقة بالإبداع والتميز، وحاملة لرسائل توعوية.
إيناس كبير
يدعو الحرفي إلى الاستمتاع بعناصر الطبيعة واستلهام أفكار إبداعية منها والحفاظ على ثرواتها، حيث يمارس فنه في الطبيعة التي يعتبرها موردا أساسيا للمواد الأولية الضرورية لعمله، على غرار الأغصان والقطع الخشبية التي تتخلى عنها الأشجار، فيحملها هو إلى ورشته الصغيرة ليمنحها دورة حياة أخرى بعدما يصنع منها مجسمات لسفن شراعية كبيرة، وحيوانات وطيور، وأسماك وحشرات.
وكل قطعة بالنسبة إليه، مهمة وفريدة لأنها تحكي قصة حب بين البيئة وشخص يرد جميلها و يثمن منافعها و ثرواتها.
أوظف الفن لخلق ثقافة بيئية
يقول الحرفي، إنه يركز على الإبداع لإخراج قطع مميزة أكثر من اهتمامه بالعائد المالي، إذ يستخدم أي شيء يجده في الطبيعة تكريسا منه لفكرة الاسترجاع، ويفضل الفنان أن يصنع من بقايا الخشب تحفا للزينة والديكور على أن يتركها مهملة فيحتمل أن تتحول إلى وقود لحرائق الغابات.وقد قال محدثنا، إن حبه لهذه الهواية جعله يتقنها وينوع في نحت كل قطعة بطريقة تجعلها أكثر واقعية، مانحا لنفسه مساحة للإبداع والتعبير عن مخياله الفني.
أما في جانب الترويج وكسب الزبائن، فأوضح أنه لم يفقد الشغف رغم ضعف الإقبال على منتجه، مشيرا إلى إدراكه لكون ثقافة توظيف التحف الخشبية في الديكور محدودة نوعا ما في المجتمع الجزائري. مضيفا أنه يحاول دائما تقديم أعماله بشكل جذاب، كما يحدد لها أسعارا تلائم القدرة الشرائية للمواطن خصوصا وأن كل من يراها يُعجب بها، وذكر بأن الأغلبية تقبل على المجسمات الصغيرة لذات السبب.
وتحمل كل قطعة يصنعها السيد زهير معنى يعبر عن حرصه على الحفاظ على البيئة وحبه للأشجار لما لها من فضل على الإنسان، مؤكدا على أهمية أن يكون كل فرد مسؤولا عن الاهتمام بها والوعي بأن مستقبل الإنسان مرهون بحمايتها.
ويركز الحرفي، في المعارض التي يحضرها على تمرير رسائله البيئية موضحا، أنه يحاول شرح فكرة كل قطعة من خلال الحديث عن دورة حياة اللوح الخشبي الذي ولدت من رحمه، ويغتنم الفرصة للتوعية بما تزخر به بلادنا من تنوع بيولوجي في جبال البابور وغيرها من المحميات والغابات الواجب حمايتها.كما تحدث الحرفي، عن ممارسة فنه دون إيذاء الأشجار فلا يقوم بقطعها أو كسرها للحصول على المادة الأولية وعلق قائلا : «أجمع البقايا التي أجدها حتى أخفف من حمل الطبيعة، وأبرز أن الجماد أيضا يستطيع أن ينطق فقط يحتاج لمن يعطيه لمسة سحرية»، مردفا «بدل ترك شجرة قديمة مهملة في الطبيعة يمكن استغلالها في عدة صناعات». ويستهدف الحرفي الشباب خصوصا في جانب لفت انتباههم إلى الرسكلة لما لها من فوائد بيئية، وقيمة اقتصادية، لأنها تحول أشياء بسيطة إلى أموال، بالإضافة إلى تحفيزهم على السعي خلف مواهبهم وتنميتها وإخراجها إلى النور. من جهة أخرى، تحدث الحرفي عن الثروة الغابية الموجودة في الجزائر وجودة الخشب، خصوصا أشجار الأرز وكذا الزيتون التي يستخدمها في التحف المميزة واللوحات الفنية ذات التفاصيل الكثيرة.
اكتشفت الرسكلة في طفولتي
اكتشف الحرفي مجال الرسكلة عن طريق الصدفة في طفولته كما قال، وذلك عندما كان يصنع ألعابه من مادة السلك المعدني والتي لم تكن متوفرة سنوات السبعينات والثمانينات، وعبر أنها لطالما كانت مميزة عما يصنعه أقرانه مثل العربات التي تكون أكثر واقعية وواضحة الأجزاء. عندما كبر بات يعمل باستخدام مادة الخشب، قائلا إن أول مجسم خشبي نحته كان لشعار الانتصار متأثرا بالانتفاضة الفلسطينية آنذاك، وقد أُعجب الجميع بالقطعة وطلب منه مقربون الحصول على واحدة.
وبعد سنوات أعاده الحنين إلى هوايته التي مارسها صغيرا وحافظ عليها كبيرا، وقد حدث ذلك بالتحديد أثناء جائحة «كورونا» عندما خصص وقت فراغه لإنشاء ورشة صغيرة يتفنن داخلها في صناعة مجسمات السيارات الصغيرة، وفي كل مرة كان يكتشف قدراته في هذا المجال لذلك اختار الانتقال إلى مستوى آخر، ووقع اختياره على صناعة السفن الشراعية الكبيرة.
وذكر أيضا، بأنه اقتنى مخطط سفينة اللؤلؤة السوداء من فيلم «قراصنة الكاريبي»، وقد أخذ منه التجسيد وقتا وتركيزا لتقليد كل التفاصيل، غير أن الجهد الذي بذله معها لم يذهب سدى فقد أُعجب بها متابعوه على مواقع التواصل الاجتماعي، وتلقى منهم تشجيعا كما أوقد حماسه ثناء فنانين معروفين عليها.
وذكر الحرفي، أنه لم يكن يعرف سابقا أن هذه المجسمات مُصممة وفقا لمخططات، وقد تعلم الكثير عنها بالاستعانة بالشبكة العنكبوتية وهو ما ساعده على تطوير موهبته في النحت على الخشب، كما عرف قيمة المجسمات التي يصنعها، وأوضح أنها تستخدم في السينما العالمية لتصوير الأفلام، أما في الجزائر فيقتصر الأمر على توظيفها في الديكور أو تقديمها في شكل هدايا.
إ.ك
في بحث نشرته مجلة علمية مجرية
حشرات المن تتحوّر وتكتسب مناعة ضد المبيدات التقليدية
توصل باحثون من جامعتي قالمة والطارف ومديرية الفلاحة بقالمة، إلى تحديد 15 نوعا من الحشرات والطفيليات التي تتغذى على حقول القمح بالولاية وتلحق بها أضرارا مؤثرة على الجودة ومعدل الإنتاج، بينها 8 طفيليات أولية و7 طفيليات فائقة المضار، تتحوّر باستمرار وتكتسب المزيد من المناعة تجاه المبيدات الزراعية التقليدية.
نتائج البحث الذي أنجزه كل من أميرة بودربالة، عمر خلادي و عماد فارح ونشرته المجلة العلمية المجرية ( آكجورنالز ) يوم 11 جويلية 2025 أظهرت هيمنة حشرة المن بين الطفيليات الأولية بنسبة 21.74 بالمائة من إجمالي الوفرة وحشرة المن بين الطفيليات الفائقة بنسبة 27.17 بالمائة.
و أظهرت الديناميكية الموسمية ذروة في نشاط الطفيليات الأولية خلال جلسة أخذ عينات الدورة الثالثة في 10 ماي 2022، تلتها انخفاضات حادة تزامنت مع بداية تصلب سنابل القمح بحقل التجربة المتواجد بولاية قالمة، الواقعة بالشمال الشرقي للجزائر.
و قد صاحب هذا التحول زيادة في نشاط الطفيليات الفائقة أو المفرطة، ما أثر على فعالية التنظيم الطبيعي لتكاثر حشرات المن. و وضع الباحثون شبكات غذائية لتصوير التفاعلات بين الأنواع، لتأكيد الدور المحوري لحشرة ( سيتوبيون فراجاريا ) كمضيف رئيسي.
و يثير ارتفاع معدل فشل ظهور الطفيليات بنسبة 58.18 بالمائة، مخاوف بشأن تمثيل النتائج، مما قد يتطلب إجراء المزيد من البحوث. و خلصت المجلة إلى أن هذه النتائج المتوصل إليها، تبرز أهمية دمج ديناميكيات التغذية المتعددة، و التغيرات الفينولوجية للمحاصيل، لتحسين استراتيجيات الإدارة المتكاملة للآفات الزراعية IPM في النظم البيئية الزراعية، للحبوب بالمناطق الشبه قاحلة.
و قال المهندس الزراعي عماد فارح، أحد أعضاء فريق البحث، متحدثا للنصر يوم الأحد، بأن للتغيرات المناخية بمنطقة حوض المتوسط، و الاستعمال غير المدروس للمبيدات الزراعية، و الإخلال بالدورة الزراعية، كلها عوامل مؤدية إلى تطور الأمراض النباتية و ظهور متحورات جديدة من حشرات المن، القادرة على مقاومة المبيدات التقليدية، مما يتطلب استعمال مبيدات جديدة ذات فعالية، و تطبيق الدورات الزراعية المجدية، بحقول القمح بمنطقة قالمة، التي تعد من أهم الأقاليم المنتجة بشمال البلاد.
فريد.غ
يقود لمين بن دراجي وزوجته صوفي لوبلو بروح مبتكرة وحلم ينبض بالطبيعة، مشروعا عائليا رائدا يحمل اسم «ميموزا»، وهو فضاء بيئي تربوي ترفيهي مخصص للأطفال، يجمع بين التعليم البيئي والزراعة المستدامة والذكية واكتشاف عالم الحيوان.
لينة دلول
فكرة المشروع استلهمها لمين خلال فترة إقامته خارج الوطن لسنوات طويلة، أين كان يتردد وأسرته كثيرا على المزارع التربوية الكائنة قرب مسكنه، والتي وجدها مفيدة لتنمية وعي الأطفال وتعزيز علاقتهم بالطبيعة، ما جعله يفكر بمجرد عودته لأرض الوطن، في إنجاز مشروع مماثل، بعد أن لاحظ غياب أماكن مماثلة تلبي احتياجات الأطفال وتقدم لهم تجربة تعليمية حية وسط الطبيعة، مشيرا إلى أنه يرغب في تجسيده في مواقع طبيعية ملائمة قريبة من الحزام الحضري لقسنطينة، مثل غابة جبل الوحش، البعراوية، أو السمارة، لما توفره من طابع طبيعي وتضاريس ملائمة.
هكذا اخترت تسمية «ميموزا»
وأكد صاحب المشروع أن اختيار تسمية ميموزا للمشروع، ليس عشوائيا، بل يحمل حروف من أسماء أطفاله الثلاثة مريم، منى، وزكريا، مردفا بأن رغبة أبنائه واهتمامهم بالحيوانات والنباتات، من الدوافع التي حفزته على بدل كل ما بوسعه لتجسيد الفكرة، كما ساهمت ميولاتهم وطموحهم البيئة في استلهام أفكار ووضع التصور النهائي للمشروع، الذي يعتبره ثمرة حب، وشغف، ورغبة في غرس القيم النبيلة في جيل المستقبل.يعد مشروع «ميموزا»، بحسب صاحبه، فضاء حيا مفتوحا، صمم بحسبه خصيصا ليخدم أهدافا متعددة وهي نشر الثقافة البيئية، تعزيز الوعي الغذائي الصحي، تشجيع الزراعة المستدامة، تحفيز السياحة المحلية، وخلق مناصب شغل، مردفا أن أثر المشروع يمتد كذلك إلى الفئات الخاصة، ويشمل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل المصابين بالتوحد، ومتلازمة داون، وفرط النشاط أو نقص الانتباه، من خلال جلسات تواصل حسي وعاطفي مع الحيوانات.
الحديقة الحسية لتعميق علاقة الطفل بالطبيعة
وأوضح بن دراجي، أن فلسفة «ميموزا» تقوم على مبدأ «نتعلم ونحن نلعب»، إذ لا يمنح بحسبه الطفل فقط كتابا أو درسا، بل يعيش التجربة بكل حواسه يلمس، يشم، يسمع، يرى، ويشارك لأن التعليم في المزرعة لا يلقن، بل يعاش. ومن بين أبرز الورشات والأنشطة التي تقدمها المزرعة يقول صاحب المشروع، الحديقة الحسية لكونها فضاء مصمما لتنشيط الحواس الخمس عبر روائح الأعشاب «كالنعناع والريحان»، وملمس النباتات، والتمعن في ألوان الأزهار، والاستمتاع بأصوات الطيور، وطعم الفواكه الموسمية، وتهدف إلى تحفيز الإدراك الحسي وتعميق علاقة الطفل بالطبيعة.وأضاف المتحدث، بأنه ستوفر أيضا في المزرعة، ورشة نحل يتعرف من خلالها الأطفال على النظام الاجتماعي للنحل ودور الملكة والعاملات، وأهمية التلقيح البيولوجي، كما يكتشفون الخلية عن قرب وسر إنتاج العسل.
وأضاف المتحدث، بأنه في المزرعة، سيتم أيضا تعليم الأطفال تقنية الأكوابوني وهي زراعة مستدامة تدمج بين تربية الأسماك والنباتات في نظام بيئي دائري، وكذا الهيدروبوني وهي الزراعة في الماء بدون تربة، مع تحكم في العناصر الغذائية، بحيث يتعلم الصغار طرق توظيف العلم لخدمة البيئة وتوفير غذاء صحي بموارد قليلة، كما سيتم تعليم الأطفال مبادئ الزراعة الذكية واحترام التوازن البيئي من خلال استخدام المدرجات، السماد العضوي، حفظ الماء، والتكامل بين النباتات.
وسيتم تخصيص ورشة التسميد العضوي يتم من خلالها تعليم تقنيات تحويل بقايا الطعام إلى سماد طبيعي، فضلا عن ورشة البيت الزجاجي ، والتي تعد من الورشات، حسب محدثنا، التي ستأخذ حيزا من المزرعة، وهي عبارة عن فضاء شفاف ومضاء طبيعيا مخصص لزرع البذور، ومتابعة مراحل نمو النبات، ومهارات التطعيم، كما يتناول موضوع الحفاظ على البذور المحلية.
وأوضح بن دراجي، بأن الطفل ستتاح له فرصة التقرب والتفاعل مع حيوانات والإشراف على إطعامها مثل المعز، النعاج، الدجاج، الإبط، الحجل، السمان، وحتى الطاووس، مع التعرف على فصائل نادرة من الدجاج مثل «Yokohama» و»Lomborghini.
ألعاب من وحي الطبيعة تحفز الخيال
وأكد المتحدث، بأنه لا توجد ألعاب إلكترونية أو مزعجة في «ميموزا»، وإنما توجد ألعاب مصنوعة من الخشب الطبيعي، وآمنة تماما، تحفز الخيال والحركة الذاتية على غرار ترامبولين وسط الطبيعة، زلاقات بالحبال Tyrolienneومسارات تسلق بين الأشجار، وكذا لعبة «الكنز المفقود» بين الأعشاب نشاط «المنقب الصغير» للبحث عن أحجار كريمة في جدول مائي.
كما أوضح بأنه في معظم فضاءات الترفيه، ستقدم للأطفال خدمة الإطعام، بعرض وجبات طبيعية محلية الصنع، وسلال فواكه وخضروات موسمية،و مأكولات ذات مؤشر سكري منخفض، ومشروبات طبيعية مغذية، بحيث سيشرف على المطبخ طاقم محترف مدرب، يراعي صحة الطفل وراحته.
وأكد المتحدث، بأن المزرعة ستفتح أبوابها طيلة الأسبوع للمدارس والمؤسسات التربوية والكشفية، ومراكز الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما ستوفر فضاء ترفيهيا عائليا خلال العطل ونهاية الأسبوع، مشيرا في ذات السياق الى تقديم تذاكر بأسعار رمزية «بين 200 و400 دج للطفل» حتى تكون متاحة لأغلب الفئات.
ورغم ترحيب العديد من العائلات وحتى الزوار المرتقبين من ولايات مجاورة بالفكرة، التي تعد، حسبه، الأولى من نوعها على المستوى الوطني، إلا أنه يصادف عراقيل إدارية معقدة، أبرزها غياب قانون ينظم هذا النوع من النشاط الذي يندرج ضمن «الزراعة السياحية التربوية»، وتأخر الاستجابة من الجهات الوصية لمنحه الأرض أو الترخيص الملائم.
ودعا في سياق متصل، إلى ضرورة إدماج هذا النوع من المشاريع ضمن قانون خاص يصنف تحت بند الزراعة السياحية، البيئية، التربوية، باعتبارها مشاريع تعليمية هادفة تخدم التنمية البشرية والبيئة والاقتصاد المحلي.
في إطار الشراكة الجزائرية-الألمانية
انطلاق المرحلة الثانية من مشروع البلديات الخضراء ببجاية
شهدت، ولاية بجاية، أمس، تنظيم ورشة عمل رسمية لإطلاق المرحلة الثانية من مشروع (البلديات الخضراء 02)، وهو برنامج طموح يهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والممارسات البيئية في المدن الجزائرية، كثمرة للتعاون الوثيق بين الجزائر وألمانيا.
ويأتي هذا المشروع، حسب ما تم تأكيده خلال ورشة العمل، من تنفيذ الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، استكمالا للنجاح الذي حققته المرحلة الأولى، وسعيا لتوسيع نطاق المبادرات الخضراء لتشمل عددا أكبر من البلديات النموذجية في مختلف أنحاء الوطن.
وخلال ورشة الإطلاق، تم استعراض الأهداف الرئيسية للمشروع، حيث يضع نصب عينيه تحقيق خفض كبير في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وبحسب المؤشرات المعلنة، فإن من أبرز أهدافه خفض إجمالي قدره 09 ألاف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، على مدار مدة المشروع في 30 بلدية نموذجية، و لتحقيق هذا المسعى، سيتم التركيز على محورين أساسيين، هما ترشيد استهلاك الطاقة في المباني والبنى التحتية العامة، وتطبيق حلول الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وقالت مصالح ولاية بجاية أن هذا المشروع منظم في إطار برنامج التعاون بين وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، الرامي إلى تعزيز الفعالية الطاقوية على المستوى المحلي والمساهمة في التحول الطاقوي الوطني. وقد تم اختيار خمس بلديات من ولاية بجاية لتنفيذه، وهي بجاية، توجة، أقبو، أوقاس و تالة حمزة، للاستفادة من هذا المشروع النموذجي والمرافقة التقنية التي يوفرها، والتي ستمكنها من تعزيز قدراتها في مجال ترشيد استهلاك الطاقة وتوسيع استعمال الطاقات المتجددة، انسجاما مع الأهداف الوطنية لحماية البيئة ومكافحة التغيرات المناخية.
وأشارت ذات المصالح إلى أن التحديات المناخية، تتطلب تعبئة شاملة لكل الجهود، بما فيها تلك التي تبذلها الجماعات المحلية، فضمن التزامات الجزائر الدولية في إطار المفاوضات المناخية، تم الانطلاق في تنفيذ برنامج وطني طموح يهدف إلى تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة تتراوح بين 7 و20 بالمائة في أفق سنة 2030.
ويأتي مشروع “البلديات الخضراء 2” ليمنح دعما، ليس فقط على الصعيد التقني، بل في مجالات التخطيط الاستراتيجي، تطوير أدوات التسيير، وتعبئة التمويل اللازم لتنفيذ وتتبع خطط العمل الطاقوية المحلية. وتظهر الخرائط التوضيحية التي عرضت خلال الورشة أن المرحلة الثانية ستشمل 30 بلدية موزعة على ست ولايات نموذجية، وهي بجاية، تلمسان، سيدي بلعباس، قالمة، باتنة، وبسكرة.
وفي ولاية بجاية التي استضافت الحدث، أكدت مصالحها على اختيار البلديات المذكورة للانخراط في المشروع، مشيرة إلى أن هذا الاختيار ترجمة لالتزام السلطات المحلية بدعم التحول البيئي والمشاركة الفعالة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما أن المشروب يمثل تحولا استراتيجيا هاما في مسار بناء مدن قادرة على مواجهة التحديات المناخية وتحسين نوعية حياة مواطنيها، فضلا عن تعزيز وتدعيم سبل الشراكة مع ألمانيا في مجال حماية البيئة والطاقات المتجددة.
ع/ بوعبدالله
درجة حرارة المياه تسجل رقما قياسيا عالميا جديدا
«غليــــان البحر المتوســط».. ظاهرة غير مسبوقـة تنــذر بكـــوارث
يشهد البحر الأبيض المتوسط موجة حر بحرية غير مسبوقة، صنفت الأعلى عالميا، ببلوغ درجة حرارة المياه السطحية مستويات قياسية، متجاوزة عتبة الـ29 درجة مئوية، فيما تجاوزت ببعض المناطق الـ31 درجة، معلنة عن تهديد شامل للنظم البيئية البحرية وزيادة في وطأة الظروف المناخية على اليابسة.
إعداد : إيمان زياري
تشير بيانات الأٌقمار الصناعية، إلى تسجيل معدلات حرارة أعلى من المتوسط بالنسبة لمياه البحر الأبيض المتوسط بنحو 3 درجات مئوية، حيث قدر متوسط درجة الحرارة الحالية بحوالي 26 درجة مئوية، مقارنة بـ23 درجة لنفس الفترة من السنة الماضية، وتظهر صورة الأٌقمار خارطة ملتهبة باللون الأحمر المتوهج، خاصة على مستوى المناطق الواقعة غرب حوض المتوسط، بالقرب من سواحل إسبانيا، فرنسا وإيطاليا.
نقطة ساخنة للمناخ
وحذر خبراء بيئيون دوليون مما وصفوه بالظاهرة البحرية المستحيلة، اذ قالت المستشارة العلمية في المركز الألماني لأبحاث المحيطات، «كورينا فون شوكمان» أن المحيط يعد نظام الإنذار المبكر لتغير المناخ، وأن المحيطات تعمل على امتصاص 90 بالمائة من الطاقة الزائدة الناتجة عن الإنبعاثات الغازية، بينما وصف الخبير الدولي في علم المناخ البحري «جيف بيرارديللي» الظاهرة بأنها موجة حرارة بحرية مستحيلة وبأنها تعتبر غير مسبوقة بالنظر إلى شدتها في هذه الفترة من الصيف.ويصنف البحر الأبيض المتوسط كأحد أكثر المناطق عرضة لتغير المناخ، بسبب طبيعته شبه المغلقة وموقعه الجغرافي، كما يعد مولدا هاما للرطوبة ومصدرا رئيسيا للغيوم الماطرة، مما يجعله أهم المؤشرات المناخية المتحكمة بطقس المنطقة، وقد وصفه تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بأنه «نقطة ساخنة» مناخيا.
وتشير الدراسات الأخيرة إلى أن موجات الحرارة البحرية في المتوسط أصبحت أكثر شدة وطولا وتكرارا خلال العقد الماضي، ففي العادة، تبلغ حرارة مياه المتوسط ذروتها في منتصف أوت وتبلغ حوالي 26 درجة مئوية، إلا أنها وصلت هذا العام وفي بداية شهر جويلية فقط إلى هذا المستوى وأكثر منه وذلك قبل وقت الذروة بأكثر من شهر كامل.
وسجلت درجات حرارة قياسية في بعض المواقع، مثل جزيرة «مايوركا» الإسبانية، أين بلغت حرارة المياه 31 درجة مئوية، بينما وصلت إلى 30 درجة قبالة سواحل إيطاليا، وتحديدا قرب «البندقية» و»سانريمو»، في حين صنفت مناطق بحرية بأكملها مثل بحر «ألبوران» و»خليج ليون» تحت تصنيف «موجة حرارة بحرية قصوى»، وهو المستوى الرابع من أصل خمسة في مقياس الشدة.
إنذار بعواصف شديدة محتملة
من جهته حذر المركز العربي للمناخ في تقرير خاص من تواصل تسجيل إرتفاعات حادة في درجة حرارة سطح مياه البحر الأبيض المتوسط للعام الخامس على التوالي، في ظاهرة وصفها بالمقلقة وتشير إلى تغيرات مناخية متسارعة وغير مسبوقة، وذلك بناء على بيانات الرصد المعتمدة على أرشيف يمتد من عام 1982 إلى غاية اليوم، إلا أن وتيرة الإحترار تتصاعد عاما بعد الآخر، مما يؤدي إلى تحطيم أرقام قياسية بشكل متكرر.
واعتبر رئيس المركز، المهندس أحمد العربيد، أن هذا الإرتفاع المستمر والخطير في درجة حرارة المياه، ليس مجرد رقم في سلسلة بيانات مناخية فحسب، بل يعد مؤشرا واضحا على ازدياد إحتمال نشوء عواصف جوية شديدة خلال الفترة القادمة، مرجعا ذلك للطاقة الحرارية المخزنة في البحر، والتي تعتبر حسبه من أبرز محفزات الإضطرابات الجوية، مشيرا في ذلك إلى عاصفة «دانيال» في البحر المتوسط سنة 2023 والتي تسببت في كارثة إنسانية كبيرة بدرنة الليبية، أين قام المركز العربي للمناخ بإصدار تحذيرات مسبقة قبل نحو شهر من وقوعها.
موجات حر طويلة تمتد زمنيا وجغرافيا
تفاقم موجات الحر الشديد، أيضا من بين التأثيرات المباشرة للبحر الدافئ، والذي يساهم بحسب محدثتنا في رفع حرارة الهواء فوق السواحل، مما يؤدي لتسجيل درجة حرارة قياسية متكررة وطول موجات الحر وتوسعها زمنيا وجغرافيا، فضلا عن تأثيرها المباشر على الفئات الضعيفة من الأطفال، المرضى وكبار السن، كما أشارت إلى أنها تسبب أيضا في اضطراب في الأنظمة الجوية المتوسطية، بحيث يؤثر ارتفاع درجة حرارة البحر على توزيع الضغط الجوي، وبالتالي عواصف رعدية محلية قد تكون عنيفة بحسب ما أشار إليه خبراء المناخ، وأمطار طوفانية خلال ساعات قليلة، وشدة الأعاصير المتوسطية المصغرة.
وحذر المركز العربي للمناخ من خطر الإستهانة بالمؤشرات الحالية، وأكد على ضرورة الإستعداد المبكر بالنسبة للدول المطلة والقريبة من البحر الأبيض المتوسط، وذلك من خلال تعزيز منظومة الرصد والإنذار المبكر، تحسبا لأي تطورات مناخية محتملة خلال الأشهر القادمة، خاصة مع اقتراب فصل الخريف وبداية زيادة الكتل الهوائية الباردة للمنطقة، محذرا في الوقت ذاته من احتمال استمرار إرتفاع مؤشر خطر العواصف الشديدة والأمطار الغزيرة خلال فصل الشتاء المقبل في حال استمرار الإحترار بهذا الشكل.
* الخبيرة البيئية صليحة زردوم
الاحترار القياسي للمتوسط خطر لا يجب الاستهانة به
حذرت المهندسة البيئية والمفتشة المحلية المختصة في التنمية المستدامة، صليحة زردوم، من خطر الإستهانة بالمعطيات المسجلة بالنسبة لدرجة حرارة مياه البحر الأبيض المتوسط، معتبرة إياها ناقوس خطر يستوجب التعامل معه بوعي علمي صحيح، يشكل أقوى سلاح لمواجهة الكوارث البيئية المقبلة. وقالت الخبيرة البيئية أن العالم بأكمله يتابع وبترقب شديد جملة التغيرات الحاصلة على مستوى درجات حرارة مياه المتوسط، والتي بلغت ذروتها مع بداية الشهر الجاري، متجاوزة المعدلات الطبيعية بشكل لافت حسب بيانات مركز كوبرنيكوس الأوروبي للمناخ، أين تجاوزت الحرارة في مناطق معدلاتها الفصلية بـ3 إلى 5 درجات مئوية.
التنوع البيولوجي في خطر
واعتبرت الأستاذة زردوم الأرقام ليست مجرد معطيات علمية فحسب، بل وصفتها بناقوس خطر حقيقي، موضحة أن الإحترار البحري يؤثر بشكل مباشر على السواحل، الصيد، التنوع البيولوجي وكذا المحلي وحتى على نمط حياة الإنسان في دول شمال إفريقيا ودول جنوب أوروبا، كما أشارت الخبيرة إلى التغيرات المناخية التي تشهدها الجزائر خلال الفترة الأخيرة، مثل الأمطار التي هطلت بولاية خنشلة قبل أيام بالرغم من أنها معروفة بصيفها الحار والجاف وشتائها البارد، معتبرة إياها ظاهرة نادرة بالولاية، وهي أجواء تشبه تلك الأجواء التي عاشتها ولايتا سطيف وباتنة، هذه الأخيرة التي سجلت تساقط حبات برد، في حين تعاني المدن الساحلية من ارتفاع كبير في نسبة الرطوبة.
إجهاد حراري وهجرة للكائنات البحرية
وعن تأثير ما بات يشبه الظاهرة بحوض البحر الأبيض المتوسط، تحدثت الخبيرة عن الرياح العاتية والحرائق التي تجتاح تركيا، والبراكين النشطة التي عادت للواجهة بإيطاليا، كما يقول العلماء أن مثل هذه الظواهر غير المسبوقة من حيث درجات الحرارة والملوحة وتغير التيارات، تتسبب وبشكل مباشر في هجرة الكائنات البحرية نحو مناطق أبرد وأكثر ملائمة، مما يحدث خللا في النظام البيئي البحري ويمس بالثروة السمكية والغذاء البشري.
وأضافت الأستادة زردوم أن تدهور النظام البيئي البحري قد يشمل أيضا نفوق الكائنات البحرية بسبب نقص الأوكسجين وانتشار أنواع دخيلة مثل قناديل البحر السامة وأسماك غير مألوفة، فضلا عن تناقص التنوع البيولوجي وتراجع السلسلة الغذائية البحرية، وكذا تدمير الشعب المرجانية، كما أن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى تبييض المرجان وموت المروج البحرية مما يؤثر على نقاء المياه، حماية السواحل ومناطق تكاثر الأسماك.
الظواهر المتطرفة واقع لا بد من التعامل معه بوعي علمي
من جهة أخرى أشارت المتحدثة إلى تأثير ذلك على البشر، وذلك بناء على تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية التي حذرت من موجات حر بحرية وارتباطها بالظواهر المناخية القصوى، متوقعة تعرض نصف سكان أوروبا للإجهاد الحراري المتزايد بحلول سنة 2050 في حال لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة، كما تحدثت الخبيرة عن مبادرة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن أفضل الممارسات لمواجهة العواصف بما فيها الرملية والغبارية، وتم توفير أدوات الإنذار المبكر لتمكين المواطنين والدول من الاستعداد.
ودعت الخبيرة البيئية إلى محاربة ما أسمته بـ «الجهل المناخي»، مشيرة في ذلك إلى فئة قالت أنها تؤمن بنظرية المؤامرة، وتشكك في التغير المناخي وتربطه بمشاريع معينة، كما تزعم أن الدول الكبرى تصنع الجفاف وتستهدف إفريقيا لتحقيق أرباح تجارية، مؤكدة أن ما يشهده العالم اليوم بشكل عام والبحر الأبيض المتوسط بشكل خاص من تطورات، هو ناتج عن تراكم علمي وإنذارات بيئية وصفتها بالحقيقية، مشيرة في ذلك إلى الولايات المتحدة وعلى الرغم من قوتها التكنولوجية، إلا أنها غرقت في السيول والفيضانات مثلما حدث بتيكساس مؤخرا، مؤكدة بأن لا دولة في معزل أو محصنة من آثار التغير المناخي، داعية للتحلي بالوعي العلمي الصحيح الذي ترى بأنه أقوى سلاح لمواجهة الكوارث البيئية المقبلة.
إ.ز